المسؤول العراقي السابق واللاحق ينظر الى ما يسمى بإعلام الدولة بوصفه وسيلة ترويج لنشاطه الشخصي ، ولسان حال حزبه ، وخارج هذا المفهوم السائد ، يكون الإعلام أداة تحريض ، ويصطف مع الأعداء والمتآمرين والجواسيس والعملاء لتنفيذ مخطط الإطاحة بالسلطة .
"في العراق الجديد" حافظ المفهوم السابق على حضوره ، وتكرس بصورة واضحة كما يقول المتابعون عندما يشيرون الى ان" إعلام الدولة " اصبح أكذوبة ، حاول مجلس النواب في دورته السابقة والحالية ان يصحح مساره لكنه فشل ، لان هناك اكثر من جهة رسمية متنفذة، ترفض استقلالية الإعلام وتريده على الدوام ينفذ توجيهات مقر الحكومة والقصر الجمهوري .
عندما تسلم محمد سعيد الصحاف مطلع عقد السبعينات مسؤولية إدارة الإذاعة والتلفزيون طلب من المقربين منه ترشيح شخص معروف بالكفاءة لإدارة التلفزيون القناة 9 ولايوجد غيرها وقتذاك ، فوقع الاختيار على المسرحي الأستاذ في كلية الفنون الجميلة حميد محمد جواد ليتولى المهمة ، وفي لقاء المرشح بالصحاف، اشترط الأول غلق محطة تلفزيون بغداد لمدة شهر ، حتى ينسى البغداديون وسيلة إعلامهم المرئية الوحيدة ، تمهيدا لإعداد خطة جديدة ، لإنتاج برامج تتمتع بقدر كافٍ من المقومات الفنية ، كلام الفنان قوبل برفض المسؤول ، لان الحكومة ليست لديها وسيلة إعلام مرئية أخرى غير القناة تسعة ، ومن خلالها يتعرف الجهور على مسيرة الحزب و الثورة ومراحل إنجاز مشروع الشحيمية والدواية ومتابعة أغاني الراحل داود القيسي ذات الطابع السياسي المباشر المتعلقة بدعم وتأييد مشروع الميثاق الوطني ، وتشجيع الهجرة المعاكسة من المدينة الى الريف وحملات العمل الشعبي لتنظيف شوارع العاصمة، وجني محصول القطن من مزرعة
الصويرة
المسرحيون من طلاب الفنان حميد محمد جواد سواء في معهد او كلية الفنون الجميلة يوم كان اسمها أكاديمية ، يعرفون أستاذهم الذي غادر العراق ، منذ زمن طويل، بانه صاحب رؤية فنية نقلها لطلابه بتجاوز الأطر السائدة في التعامل مع النص المسرحي ، جسدها في إخراج مسرحية هاملت شكسبير عندما جعل قاعة العرض على شكل صليب ، وقبل رحيل الفنان الى الخارج اجرى معه الراحل عبد الخالق المختار لقاءً صحفياً موسعاً نشر في مجلة أسفار ، ربما يكون هو اللقاء الوحيد الذي كشف فيه المخرج عن مشروعه الفني.
الفنان حميد محمد جواد كانت لدية الرغبة في استخدام الفن في الإعلام لغرض تحقيق استجابة الجمهور للخطاب الإعلامي ، والرجل الذي درس المسرح في الولايات المتحدة ، والسينما في الاتحاد السوفيتي السابق، قال كلمته ، ومضى ، عندما طلب غلق التلفزيون لمدة شهر، اليوم وفي ظل وجود عشرات المحطات ، هل ثمة جدوى من وجود تلفزيون، بعضهم يراه لسان حال الحكومة ، ويجب ان يؤدي رسالته الإعلامية بموجب قاعدة" يبث بتوجيه " والآخر يطالب بالحفاظ على مايسمى "إعلام الدولة" وبين الموقفين ، سيكون المشاهد على موعد مع حفلة غنائية لفرقة الغجر وبناتها ، ستبث على الهواء مباشرة احتفاء بمناسبة اليوم العالمي للدفاع عن حرية" البعير" ، وليس التعبير .