قبل أكثر من تسع سنوات قلت من قناة "الجزيرة" إن الإعلام العربي، إعلام جبار ويفوق الإعلام الغربي في مجال اللعب بعقول الجماهير وغسل أدمغتها. عللت السبب إن الإعلام العربي يخاطب العاطفة بينما الغربي يخاطب العقل. كان ذلك قبل رياح "الربيع العربي" الذي تصدر الإسلاميون بعده المشهد السلطوي والسياسي في كل بلدان الربيع تقريبا مضافا لها العراق، بطبيعة الحال، رغم ان ربيعه كان أمريكيا. ومع صعود هؤلاء صعد نجم إعلام الإسلام السياسي الذي لم نعهده من قبل. لقد تخطى الإعلام الإسلامي بقدراته الفائقة حتى الإعلام العربي الجبار. أموال طائلة وأجواء وأراض خصبة لنثر بذور الطائفية. فضائية تظهر في أواخر الليل تكفي رؤية الوجوه التي فيها ان تأتيك كوابيس تفوق تلك التي كنا نرى بها مصاصي الدماء. بعضها يأتيك بمذيع مبتسم يرتدي كفنا. وأخرى مصبوغة جدرانها بالأسود تطل منها مقدمة برنامج للأطفال اسمه "فراشات الإيمان" وهي مرتدية خيمة سوداء من رأسها حتى قدميها عدا ثقبين يظهران عينيها لتشرح للأطفال "عذاب القبر"!
أما المضمون، خاصة في الأخبار وبرامج الملاكمات الحوارية،فقد تركت فضائياتهم تراث الإسلام الذي تدعيه، وصار مولاها وملهمها "السيد" جوزيف غوبلز رحمه الله. كذب على الهواء يستمر على مدار الساعة. وليثبتوا "تقواهم" فقد عمدوا إلى أقصر الطرق بابتداع نظرية جديدة: "لا تحدث العاقل".رفعوه لانهم على يقين، وهم على حق، بانه ما من أمة تشكو نقصا فادحا بالعقول مثل الأمة التي يخاطبونها.
وإن كانت الناس منشغلة عن قنواتهم في فترات ما، لكن ما يدور بمصر اليوم وضعها تحت الأضواء الكاشفة. ولأن "الإخوان"، وهم العمود الفقري لكل حركات الإسلام السياسي بالعالم، قد خسروا مصر، ثارت القنوات المناصرة لهم لتلعب بالكذب على المكشوف. يصعب علي بفعل عدد الكلمات المحددة لهذا العمود ان أضرب لكم عشرات الأمثلة.سأذكر مثالين من خلال متابعتي أمس لاثنين من القنوات الباكية اللاطمة ليل نهار على عزل مرسي الإخوان عن كرسيه.
كانت القناتان تنقلان بواسطة الكومبيوتر صورا حية للمعتصمين المحاصرين في مسجد "الفتح". كان الجيش يناديهم ان اخرجوا ولكم الأمان على ان تبدأ النساء أولا. طبعا كان بين المعتصمين اكثر من قيادي احدهم ظهر بالصوت والصورة. الأوامر معروفة ان القياديين مطلوبون للعدالة. شغلوا مخّهم فاختطفوا الناس ذهنيا ليكونوا رهائن معهم. كذبة بسيطة جدا: ان ضابطا في الجيش الذي يحيط بالجمع "أخبره" ان كل من يخرج سيساق للمعسكرات الأمنية. يا ابن الإيه؟ صدّقه المساكين فركبهم الخوف من السجن فظلوا مسمرين في أماكنهم.
إن مشكلة الإخوان الكبرى ليست في فقدانهم السلطة، بل لأنهم يواجهون شعبا لا تنطلي عليه الأكاذيب بسهولة.إنه الشعب المصري الذي يبدو ان أجياله الجديدة ورثت جينات عقل عصية على التخريب من طه حسين وعلي عبد الرازق وسلامة موسى ثم تفتحت من جديد على أفكار نصر أبو زيد وفرج فودة وسيد القمني.
نقلت مراسلة لإحدى الفضائيات غير المصرية انه في أحد الأحياء هناك بقّال من جماعة الإخوان. قصده شاب مصري ليشتري شيئا. استغلها الإخواني ليمرر كذبة "بيضاء جدا" وبلهجة إسلاموية "ناصعة". قال للشاب: شفت امبارح ازاي صارت الشرطة تضرب بالشرطة؟ سأله الشاب: وانت عرفت انه السادات متقتلشي .. طلع منتحر؟
لو كنت هناك لقلت للبقال: مش الإخوان قالولك ما تكلمش العاقل .. بتنسه الوصية يا شيخنا ليييييه؟
لا تحدّث العاقل
[post-views]
نشر في: 17 أغسطس, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 1
أحمد عبد الوهاب
استاذ هاشم المحترم اني لست من الاخوان واعترف انهم اخطأوا في سنة حكمهم....ولكن هل ماقام به الجيش هو الصحيح؟ان على قادة الجيش ان يعلموا واجباتهم وان لايقيلوا الرئيس فهذا الامر ليس من واجباتهم مع تحياتي