أعاد المسلسل المصري "نيران صديقة" الذي بث على قناة "ام بي سي" دراما، مسألة نقل الفتيات الكرديات من المؤنفلات للملاهي المصرية إلى الواجهة مجدداً، بعد ان شككت المحكمة الجنائية العراقية العليا في الملف، وكشف المسلسل المصري للمخرج خالد مرعي، عن أحداث أكب
أعاد المسلسل المصري "نيران صديقة" الذي بث على قناة "ام بي سي" دراما، مسألة نقل الفتيات الكرديات من المؤنفلات للملاهي المصرية إلى الواجهة مجدداً، بعد ان شككت المحكمة الجنائية العراقية العليا في الملف، وكشف المسلسل المصري للمخرج خالد مرعي، عن أحداث أكبر جريمة ارتكبت بحق الشعب الكردي في عام الأنفال (1988) من قبل النظام العراقي البائد، والذي مارس العنصرية وفق مخطط بعثي شوفيني بهدف القضاء على الشعب الكردي، وأثار هذا العمل ضجة كبيرة في الأوساط الكردية بإقليم كردستان، وظهر بشكل واضح إهتمام حكومة الإقليم بقضية الفتيات الثماني عشرة اللواتي أرسلهن النظام العراقي البائد إلى مصر عام 1988 للعمل في الملاهي وذلك بعد اعتقالهن إثر عمليات الأنفال التي شنتها القوات العسكرية آنذاك ضد المواطنين الأكراد العزل.
اهتمام من أعلى المستويات بقضية الفتيات المؤنفلات
ودعا رئيس حكومة اقليم كردستان إلى تشكيل لجنة مكلفة في التحقيق وبذل الجهود وإتباع جميع الطرق في مصر والعراق وأي مكان آخر لمتابعة هذه القضية للوصول إلى نتائج نهائية وإعداد تقرير لنتائج البحث ومتابعة الحقائق وتقديم توصياتها إلى رئاسة مجلس وزراء كردستان كما نقل عنه بيان رسمي.
كما قرر نيجيرفان بارزاني رئيس وزراء إقليم كردستان، تشكيل لجنة خاصة لمتابعة حقيقة قضية الفتيات الكرديات الثماني عشرة واللاتي أرسلن إلى مصر ضمن حملة الأنفال، وعقد اجتماعا مع رئيس اللجنة المكلفة بالتحقيق الملا ياسين رؤوف رسول مشرف ممثلية حكومة إقليم كردستان في جمهورية مصر العربية، حيث جدد نيجيرفان على أن هذه القضية هي قضية وطنية وستعمل الحكومة بكل ما بوسعها لبحث ومتابعة القضية وستقوم بتسخير جميع قنواتها للوصول إلى الحقائق الواضحة.
وطالب رئيس الوزراء اللجنة المكلفة ببذل جهودها وإتباع جميع الطرق في مصر والعراق وأي مكان آخر لمتابعة هذه القضية للوصول إلى نتائج نهائية وإعداد تقرير لنتائج البحث ومتابعة الحقائق وتقديم توصياتها إلى رئاسة مجلس الوزراء، وتضم اللجنة المكلفة ممثل عن ذوي الفتيات المفقودات الثماني عشرة وممثلاً عن منظمات المجتمع المدني ومديراً عاماً وموظفاً قانونياً في وزارة شؤون الشهداء والمؤنفلين.
المحكمة كانت قد شككت بالوثيقة بعد سقوط البعث البائد
ونشرت بعد سقوط نظام البائد في عام 2003، وثيقة تضم الأسماء الثلاثية لـ18 فتاة من منطقة كريمان بمدينة السليمانية أظهرت أنه تم نقلهن إلى مصر وبيعهن للملاهي للعمل فيها، وتعرضت منطقة كرميان في ثمانينات القرن الماضي، إلى حملة أنفال كبيرة حالها حال باقي المناطق الكردستانية الاخرى ونجم عنها فقدان نحو 182 الف شخص حسب المصادر الكردية.
وشككت المحكمة بالوثيقة واعتبرتها مزورة وأنها ليست النسخة الأصلية.
اللجنة تبدأ أعمالها في القاهرة
وتنفيذاً لتوجيهات رئيس حكومة الإقليم كردستان، عقدت مجموعة العمل التي تم تشكيلها في العاصمة المصرية القاهرة أول اجتماع لها السبت الماضي، لأجل بحث الوسائل والامكانيات المتاحة للتوصل للحقائق المطلوبة .
وترأس المجموعة ملا ياسين رؤوف رسول رئيس اللجنة الخاصة للبحث وتقصي الحقائق التي شكلتها حكومة الإقليم، مكونة من كل من الفنانين حسين نوح وأحمد عبد الوارث والباحث في الشؤون الكردية رجائي فايد والكاتب الصحفي عبد الواحد محمد والسيد عاصم الشريف. وأكد ملا ياسين رؤوف رسول في تصريح صحفي خاص لـ PUKmedia، بأن المجموعة وضعت خطة عمل لتحقيق الهدف المرسوم وهو التوصل إلى حيثيات هذه القضية التي وردت في إحدى وثائق المخابرات العراقية للنظام المقبور وكشف مصداقيتها من عدمه لكي تكون واضحة المعالم امام المجتمع الكردي والرأي العام.
وزير شؤون الشهداء والمؤنفلين يطالب القنصل المصري بدعم وسائل الإعلام المصرية بالقضية
ومن جهته، سلم وزير شؤون الشهداء والمؤنفلين في حكومة إقليم كردستان الوزير آرام أحمد إلى القنصل المصري في أربيل مذكرة طالب فيها وسائل الإعلام دعم ومساعدة وزارة شؤون الشهداء والمؤنفلين للكشف عن مصير هؤلاء النساء والفتيات المؤنفلات التي تراوحت أعمارهن بين سني 19-29 عاما، كما استقبل الوزير آرام المواطن عبدالخالق قادر عزيز شقيق الضحية عصمت قادر عزيز إحدى الفتيات والنساء الــ 18 اللاتي أرسلن إلى مصر ضمن حملة الأنفال، والذي زار وزارة الشهداء والمؤنفلين برفقة علي محمود وهو سياسي ناشط في مجال الجينوسايد .
هيئة شؤون المرأة تتدخل
كما أعلنت هيئة شؤون المرأة في إقليم كردستان عن البدء في إجراء اتصالات بالسفارة المصرية في العراق وبجامعة الدول العربية، لكشف الحقائق المتعلقة بهذه القضية والتي أشار إليها مسلسل نيران صديقة.
وفي ذات السياق جرى لقاء بين فلاح مصطفى رئيس دائرة العلاقات الخارجية في حكومة اقليم كردستان وسليمان عثمان القنصل المصري في إقليم كوردستان، وتم بحث قضية الفتيات الكرديات الثماني عشرة اللاتي أرسلن إلى مصر ضمن حملة الانفال والواردة أسماؤهن وأعمارهن في إحدى وثائق المخابرات العراقية للنظام البائد.
وقام فلاح مصطفى بتسليم القنصل المصري نسخة من الوثيقة التي عُثر عليها ضمن وثائق خاصة بمديرية أمن كركوك تتضمن أسماء 18 فتاة مع أعمارهن التي تتراوح بين 14 و29 عاماً تم احتجازهن الى جانب مجاميع مختلفة من الأشخاص، وتذكر الوثيقة انه تم إرسالهن الى مصر.
القنصل المصري يصف الجريمة بوصمة عار في جبين نظام البعث المباد
وأكد القنصل المصري أن هذه الجريمة تعبر عن قمة اللاإنسانية لنظام البعث ووحشيته، لأن أي مجتمع إنساني لا يمكنه قبول ذلك ووصف هذه الجريمة بنقطة سوداء ووصمة عار في جبين نظام البعث المباد، وتعهد للبحث والتحقيق في هذه الوثيقة مع الجهات ذات العلاقة في حكومة بلاده.
كما أعلنت اللجنة العليا للبحث عن قضية الفتيات الكرديات المؤنفلات الــ 18، والتي تشكلت بقرار من مجلس الوزراء، البدء بأعمال البحث، وتهيب اللجنة جميع المواطنين بتزويدها بأية معلومة أو وثيقة أو مستمسك حول مصير هذه الفتيات المفقودات وأي مؤنفل آخر. والإتصال على العنوان وأرقام هواتف تم تخصيصها للإدلاء بالمعلومات.
اهتمام منظمات المجتمع المدني
حفز مسلسل مصري تعرضه قناة "MBC" خلال شهر رمضان الحالي، منظمة كردية تعنى بحقوق الإنسان على استئناف البحث عن مصائر 18 فتاة كردية أرسلهن النظام السابق إلى الملاهي والنوادي الليلية في مصر.
وطالبت المنظمة، حكومة اقليم كردستان بتعليق علاقاتها مع جمهورية مصر لحين الكشف عن مصير الفتيات.
وقال بيان لمنظمة "كوردستان دون إبادة جماعية"، إن "مسلسل (نيران صديقة) أشار إلى إرسال 18 فتاة كردية عراقية إلى مصر خلال عمليات الأنفال"، مؤكداً انه "خلال الأعوام الماضية قامت المنظمة بعشرات الأنشطة من أجل إدانة تلك الجريمة والكشف عن مصير الفتيات الكرديات في مصر"، داعية "الجهات المعنية الى تقديم إيضاح بشأن قضية الفتيات أو الاعتذار لذويهن".
وأكدت أن "على حكومة إقليم كردستان تعليق علاقاتها مع مصر لحين الكشف عن مصير الفتيات الكرديات المرسلات إليها خلال عمليات الأنفال".
حكاية " نيران صديقة"
بالعودة إلى المسلسل المصري فأن مجموعة الأصدقاء في العمل تبدو متحابة ومتجانسة في البدء، قبل أن تنقلب علاقتهم بلعبة سحرية وتتغيّر نفوسهم تجاه بعضهم، فيرتكبون الكثير من الجرائم، وتشرع المسافات في خلق نفسها بين الأصدقاء.
ويتطرق المسلسل في أحداث الحلقة الخامسة إلى اعتراض صاحب ملهى ليلي بمصر على قيام مساعده بتشغيل 18 فتاة عراقية من ذوات أصول كردية كراقصات في ملهاه، وبرر مساعده ما فعله بأن هناك من أمره بفعل ذلك، ليتضح فيما بعد أن والد صاحب الملهى هو من أمر بذلك، فيدور حوار ساخن بين الأب والابن، يطلب خلاله الابن تفسيرًا من والده عن سبب دفعه بتلك الفتيات للعمل في ناديه، فيبرر الوالد ذلك بأنه أفضل لهن العمل كراقصات بدلاً من أن يقتلهن صدام حسين، كما فعل مع ذويهن، فيأتي رد الابن بأن القتل أفضل لهن، لأنهن سيصبحن شهيدات في ذلك الوقت بدلاً من أن يعملن راقصات، وينتهي حوارهما باتهام يوجهه الابن لوالده بأنه يعمل مع العصابات.
يذكر أن حملة الأنفال التي شنها النظام العراقي السابق ضد المناطق التي يسكنها الكورد عام 1988 وقد سميت الحملة بالأنفال نسبة للسورة الرقم 8 من القرآن الكريم و(الأنفال) تعني الغنائم أو الأسلاب، والسورة تتحدث عن تقسيم الغنائم بين المسلمين بعد معركة بدر في العام الثاني من الهجرة، وقد قامت بتنفيذ تلك الحملة قوات الفيلقين الأول والخامس في كركوك وأربيل مع قوات منتخبة من الحرس الجمهوري بالإضافة إلى قوات الجيش الشعبي وافواج مايسمى بالدفاع الوطني التي شكلها النظام العراقي آنذاك لمحاربة الكورد، وتضمنت العملية ست مراحل وأدت إلى مقتل وتشريد عشرات الألاف منهم.
من الجدير بالذكر أن مسلسل (نيران صديقة) كشف عن وثيقة سرية للغاية وموجهة من مديرية مخابرات محافظة (كركوك) إلى مديرية المخابرات العامة برقم 1601 وتاريخ 10/12/1989، والتي تم بموجبها بيع فتيات كرديات عراقيات ممن اعتقلن وعوائلهن في عمليات الأنفال بإرسال بعضهن الى الملاهي والنوادي الليلية في مصر من قبل مخابرات النظام العراقي البائد .... وهذا نصها:
"سري وعلى الفور إلى مديرية المخابرات العامة الموضوع اجراءات بعد الإيعاز المباشر من لدن القيادة السياسية، وقيامنا بعمليات الأنفال الأولى والثانية والتي تم فيها حجز مجاميع مختلفة من الأشخاص ومن تلك المجاميع مجموعة من الفتيات التي تتراوح أعمارهن بين 14 و29 سنة، وقد قمنا وحسب أوامركم بإرسال مجموعة من تلك الفتيات إلى ملاهي والنوادي الليلية لجمهورية مصر العربية وحسب طلبكم، وإليكم طيا قائمة بأسماء تلك الفتيات مع عمر كل واحدة منهن للتفضل بالاطلاع مع التقدير".
