قصة ايزابيل الليندي عنمراهقة تعيش أزمة وتتجنبالواقع الموجعالرواية الأخيرة لايزابيل الليندي تغيّر وجهة سيرها من الخيال التاريخي والواقعية السحرية، برغم أن مؤلفة " منزل الأرواح " و" ايفا لونا " لم تزل مهتمة بتأثير التاريخ على الأفراد، و" مفكرة مايا " ت
قصة ايزابيل الليندي عن
مراهقة تعيش أزمة وتتجنب
الواقع الموجع
الرواية الأخيرة لايزابيل الليندي تغيّر وجهة سيرها من الخيال التاريخي والواقعية السحرية، برغم أن مؤلفة " منزل الأرواح " و" ايفا لونا " لم تزل مهتمة بتأثير التاريخ على الأفراد، و" مفكرة مايا " تظهِر بعض الساحرات الفاتنات وشبحا. لكن هذه تظهر كسحر يومي عادي، من النوع الذي يبزغ، على نحو غير ملفق، من صنف طليق من الواقعية استخدمته هذه الرواية، التي تشمل قصة جريمة، حكاية شفاء من الإدمان، ودراما عائلية.
تعج الرواية بصور وتخطيطات لحيوات شخصيات أخرى، برغم انها تركز بشكل رئيس على شخصية المراهقة، مايا، (( بشعرها المصبوغ بأربعة ألوان أولية وحلقة في الأنف ))، والتي مشاكلها تتضمن المخدرات، الكحول والرفض الأبويّ. في الصفحات الافتتاحية للرواية تستقر مايا في جزيرة بعيدة في إقليم شيلوي في شيلي، هربا من (( الأف بي آي، الإنتربول، وعصابات لاس فيغاس )).
لحسن الحظ، لها جدة محبة هي التي دبّرت هذا الملتجأ، وبالرغم من المِحَن الجديدة، فإن ثقتها بنفسها وابتهاجها الفطري يفتنان أهل الجزيرة. هي ذكية وفضولية، والرواية تطفح باكتشافاتها عن الأرخبيل وناسه: خيالات سياحية وواقعيات موجعة موصوفة بمشاعر كبيرة. على الجزيرة، تبدأ مايا بكتابة قصتها، من هروب جدتها من شيلي في الأيام الأولى لنظام بينوشت الى طفولتها هي في بيركلي، ومعاناة المراهقة والثلاث سنوات من الأزمة الفجائية. في الوقت ذاته، تمضي قصة شيلوي قدما، وتصبح مايا أكثر استغراقا في حياة القرية، وتكوّن صلات قريبة وتبدأ بكشف أيام الرعب من الماضي.
مايا هي الأكثر فهما لمظاهر القصة: واعية على نحو أكبر من نطاق سنواتها التسع عشرة إنما مرحة على نحو مقنع، تقدم لنا ملاحظات شخص من الخارج ( (( تبدو السعادة سقط متاع بالنسبة للشيليين )) ) ولها حس فكاهة ساخر، مرح؛ حين تقع في الحب، تكتب عن هيامها ويأسها بغلو، بعلامات تعجب، بحماسة وصدق كاملين. الأقسام التي تصف ماضيها الخاص بها يهيمن عليها زخم قصصي نشط يفقد الصلة بأي مشاعر للهجر، الرعب والألم في وسط القصة. قد يكون هذا ناشئا عن الضغط المستعمل في حبكة الجريمة، أو الحاجة الى سَوق هذا الكتاب في الاتجاه الذي يمضي اليه – نحو قصة عن النجاة.
اعتادت مايا على قراءة القاموس مع جدتها الحبيبة، شيء نُذكَّر به عندما ترمي كلمات مثل ’’ lapidary ‘‘ [ ’’ بالغ الأناقة والدقة ‘‘ ] و’’ telluric ‘‘ [ ’’ أرضي ‘‘ ]. الصعب على القبول به هي الملاحظات الانثروبولوجية تقريبا، مثل هذه، عن عصابتها من المراهقين: (( نمشي معا جارّين أقدامنا، مع هواتفنا النقّالة، سماعات الرأس، حقائب الظهر، نلوك العلكة، ببناطيل جينز مشقوقة، ولغة مشفّرة. )) قليل من هذه اللغة المشفرة يجد طريقه داخل الكتاب، حتى أثناء السناريوهات المكثفة مع أصدقائها المقربين وأحيانا مع حبيبها، شخص سيئ الطالع في بنطال جينز باغي نازلا أسفل خصره. العبارات العامية هي معتدلة: ’’ dumbass ‘‘ [ ’’ غبي ‘‘ ]، ’’ man ‘‘ [ ’’ ياصاحبي ‘‘ ]. زعيم العصابة الذي تعمل معه في فيغاس، يقول شارحا، (( الهيروين لا يقتل: إنه أسلوب حياة المدمن الذي يفعل ذلك... )) التأثير، يشبه قليلا جولة في باص عبْر الأجزاء البائسة من لاس فيغاس، يلقي فيها دليل الرحلة محاضرة عن الحياة في الشوارع. ترى تكشيرات وأيدي ملوِّحة من خلال النوافذ لكن الباص يواصل طريقه.
إعطاء الأسبقية للقصة على التعبير يوحي بان هدف " مفكرة مايا " لم يكن إقحام القارئ في الوجود المقيت لواقع حياة مايا؛ هذه حكاية عن كشوفات وحلول، والحبكة هي أكثر قابلية على الجواب على تحوّلاتها من الجواب على احتماليات الواقع الموجع. بالرغم من الملاحظات حول عدد من الشباب الذين ضاعوا في عنف الشارع، الجريمة والعبودية، أو بسببهم، القوة الدافعة لهذه الرواية هي في نهاية الأمر المرونة – قوة الحب والقبول لمواجهة الأشياء الفظيعة. في هذه الرؤية العالمية يمكن، ربما، للنظرة الحصيفة للصوت القصصي أن تُسقط مع الراوية الشابة: (( سوف لن أكون مرهقة [ بأخطاء الماضي ] حتى مماتي، )) تصرّ مايا. حجتها مقنعة. هي تواجه عراقيل غير متوقعة بغيضة في وقوعها في الحضيض لكنها تنهض ( بإصلاح يبدو رومانسيا نوعا ما ) بفرحها في حياة سليمة، قادرة على شفاء الآخرين. سواء نتيجة لتصوير الشخصيات، التفكير السحري أو تحديدات المؤلفة، ستكون هذه الفتاة وجماعتها على أحسن حال. (( العالم برمته سحري )) يقول مانويل، الرجل الذي نجا قبل الآخرين ويصبح حامي مايا. والكتاب يُقرأ بأفضل وجه بتلك الروح.
عن الغارديان