TOP

جريدة المدى > عام > توفيق صالح وداعاً

توفيق صالح وداعاً

نشر في: 19 أغسطس, 2013: 10:01 م

خبر رحيل "توفيق صالح" وصلني في ساعة مبكرة من صباح "يوم الأحد"، عن طريق زوجته كنت متوقعة الأمر، فقد عانى في الاعوام الثلاثة الاخيرة، من المرض ونقل الى المستشفى مرات عدة.تعرفت على توفيق صالح في بغداد وفي مهرجان فلسطين للافلام في اوائل السبعينات وتوطدت

خبر رحيل "توفيق صالح" وصلني في ساعة مبكرة من صباح "يوم الأحد"، عن طريق زوجته كنت متوقعة الأمر، فقد عانى في الاعوام الثلاثة الاخيرة، من المرض ونقل الى المستشفى مرات عدة.تعرفت على توفيق صالح في بغداد وفي مهرجان فلسطين للافلام في اوائل السبعينات وتوطدت علاقتنا الاسرية خاصة بعد ان قرر بعدئذ الاستقرار في بغداد، وتم تعيينه أستاذا في أكاديمية الفنون الجميلة، قسم السينما.ويعتبر توفيق صالح من المخرجين البارزين في السينما المصرية بالرغم من قلة افلامه، اذ كان يدقق كثيرا في اختياراته، حريصا على الموضوعات التي يختارها من الواقع المصري، وربما يعود السبب في ذلك الى تأثره بنجيب محفوظ صديق العمر وبقية (شلته) التي كانت تدعى بـ"الحرافيش".
لقد غاص توفيق صالح في القاهرة القديمة وشوارعها وشخصياتها، علما انه درس الأدب الإنكليزي في الجامعة، وسافر بعدئذ الى فرنسا للدراسة في السوربون (قسم الفلسفة)، التي تضمنت محاضرات عن السينما ضمن مادة، "علم الجمال" ولم يكمل توفيق صالح دراسته اذ سرعان ما بدأ الاهتمام بالرسم وفي استديوهات باريس، تمرن على الإخراج في ثلاثة أفلام فرنسية.
العودة الى القاهرة
عاد توفيق صالح الى القاهرة بعد ثورة 1953 بأشهر، وهو يشعر برغبة قوية للتغيير، كان شابا على قدر من الخيلاء، واحتار هل يختار السينما مجالا للعمل، وكيف؟ ومجال السينما في مصر هو الفرفشة والتسلية.
لكنه تذكر ان هناك اسماء اخرى "كامل التلسماني وصلاح ابو سيف ويوسف شاهين وعز الدين ذو الفقار واحمد بدر خان..الخ"، مخرجون يحاولون تقديم سينما تتجادل مع السائد، تناقش، وتطرح الحلول.
وغاص في القاهرة القديمة، وعلاقته الوطيدة بنجيب محفوظ ساعدته كثيرا للتغلغل في تفاصيل المكان وفهم الشخصيات فقدم توفيق صالح "درب المهابيل" و"صراع الابطال"، وكاد الفيلم الاخير يمنع من العرض، لولا تغيير النهاية، وظل قرار المنع يصعد من مسؤول الى آخر، حتى وصل الى الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، الذي شاهده شخصيا وقرر عرضه.
وقال توفيق ذات يوم، "احسست بالغصة تزداد حرارة في حلقي، شعرت بالاغتراب وبالنفي وانا في بلادي... وقررت الرحيل".
لم يرتبط توفيق صالح باي مجموعات او تنظيمات سياسية يسارية، لكن اغلب اصدقائه كانوا من اليساريين، ولذلك كانت تمر عليه عدة اعوام حتى يسند اليه فيلم لاخراجه، علما انه ساهم في كتابة معظم سيناريوهات افلامه. وقد جذبته "الافكار والنظريات اليسارية"، وهو في فرنسا.
وتوفيق صالح، تعجبه بعض افلام صلاح ابو سيف، وكان صديقا ليوسف شاهين (ولو ان تلك الصداقة –كما اعرف- قد تغيرت بعدئذ. ومع ذلك فهو يبدي اعجابه بافلام شاهين وطريقته في ابهار المشاهد، مع انتقاده لتنظيره السياسي الكثير، ويسجل توفيق، اعجابه بداوود عبد السيد، "الكيت كات" و"ارض الاحلام" لفاتن حمامة و"سارق الفرح".
ظل توفيق صالح يفكر في العودة الى الاخراج، ولكنه كان باستمرار قلقا: اي قصة يختار، ومن هي الجهة المنتجة؟ وهل انه مرغم على مسايرتها في اختيار القصة، والاسلوب السينمائي، ام تترك له الحرية في التفاصيل: السيناريو، واختيار الممثلين؟
وفي مرات عدّة كنت اجلس فيها مع يوسف شاهين وتوفيق صالح يحاول الاول اقناع الثاني بالعودة الى الاخراج بفيلم من انتاج شركة يوسف شاهين. ويتفقان في المرحلة، ثم يتراجع توفيق صالح، او يدب خلاف بينهما حول نقطة ما، وينتهي الحوار. توفيق صالح كان متأنيا في اختياراته لقد توقف عن العمل السينمائي اعواما طويلة، ولذلك حرص على اختيار موضوع قريب من افكاره، وكان حائرا في ذلك.
وفي الاعوام الثلاثة، كنت خلال زياراتي للقاهرة ازوره ونتحدث عن السينما والافلام والروايات، وفي صيف عام 2012، رأيته يقرأ رواية من تأليف يحيى يخلف وسألته ان كانت اعجبته، فأجابني، "انني اكتب السيناريو له".
فرحت لقوله، وسألت، "وهل تعود الى السينما"، قال "ان اكملت السيناريو ورضيت بعملي".
كان ذلك في الصيف الماضي، وقاد عاد من المستشفى بعد رقوده اياما، وكنا في رمضان، وقبل عودتي، ذهبت مع الاسرة لزيارته وتوديعه ايضا، وقلت له "ان شاء الله، تكمل السيناريو"، قال: "ان شاء الله"، وعندما اتصلت بنا زوجته صباح امس، لم اسألها عن العمل طبعا، قالت "توفي قبل ساعة".
لم اجب، امتلأت عيناي بالدموع، اختنق صوتي وتلاشى صوتها وانقطعت المكالمة، واضافت انه سيتم دفنه في مقبرة الى جوار الاديب نجيب محفوظ.
ببلوغرافيا
الأفلام الروائية الطويلة
• درب المهابيل 1955.. سيناريو نجيب محفوظ... بطولة شكري سرحان وبرلنتي عبد الحميد وتوفيق الدقن.
• صراع الأبطال 1962.. بطولة شكري سرحان وسميرة أحمد.
• المتمردون 1966.. عن رواية الصحفي صلاح حافظ بطولة: شكرى سرحان وزيزي مصطفى ومحمود السباع وتوفيق الدقن.
• السيد البلطي 1967 عن رواية صالح مرسي: زقاق السيد البلطي.. بطولة عزت العلايلي ومحمد نوح وسهير المرشدي ومديحة حمدي
• يوميات نائب في الأرياف 1968..عن رواية توفيق الحكيم.. بطولة: أحمد عبد الحليم.
• المخدوعون 1972.. إنتاج سوري.. عن رواية "رجال في الشمس" لغسان كنفاني.
• الأيام الطويلة 1980.. إنتاج عراقي .. تمثيل إبراهيم جلال.. محمود عبد الحميد.. سامي السراج.. ندى سهام
الأفلام التسجيلية والقصيرة
• كورنيش النيل 1956
• فن العرائس 1957
• نهضتنا الصناعية 1959
• من نحن؟ 1960.. وهو فيلم باللغة الإنجليزية عن اللاجئين الفلسطينيين
• نحو المجهول 1960
• القلة 1961
• فجر الحضارة 1977 (إنتاج العراق وهو عن الحضارة السومرية القديمة)

الجوائز التي حصل عليها
نال فيلم المخدوعون:
•الطانيت الذهبي من مهرجان قرطاج 1972
•الجائزة الأولى من مهرجان ستراسبورج لأفلام حقوق الإنسان 1973
•الجائزة الأولى من المركز الكاثوليكي الدولي ببلجيكا 1973
•جائزة لينين للسلام من مهرجان موسكو 1973

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

موسيقى الاحد: الدرّ النقيّ في الفنّ الموسيقي

في مديح الكُتب المملة

جنون الحب في هوليوود مارلين مونرو وآرثر ميلر أسرار الحب والصراع

هاتف الجنابي: لا أميل إلى النصوص الطلسمية والمنمقة المصطنعة الفارغة

كوجيتو مساءلة الطغاة

مقالات ذات صلة

علم القصة: الذكاء السردي
عام

علم القصة: الذكاء السردي

آنغوس فليتشرترجمة: لطفيّة الدليميالقسم الاولالقصّة Storyالقصّة وسيلةٌ لمناقلة الافكار وليس لإنتاجها. نعم بالتأكيد، للقصّة إستطاعةٌ على إختراع البُرهات الفنتازية (الغرائبية)، غير أنّ هذه الاستطاعة لا تمنحها القدرة على تخليق ذكاء حقيقي. الذكاء الحقيقي موسومٌ...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram