زارتني المرحومة والدتي ليلة البارحة في المنام. كانت مهمومة جدا هذه المرة إذ كنت أراها في أحلام سابقة أقل همّا. تفاصيل المكان الذي زارتني به لا استطيع تحديد ملامحها.
كان الحلم طويلا ولا أتذكره كله. أذكر منه أنها حدثتني عن فسيبوك! عاتبتني بمرارة لأني أضيع به وقتي وأدخل نفسي بصراعات مع آخرين وصفتهم انهم "ما يسوون" حسب قولها: يمه شلك ابهالدوخة عوفه وعوفهم ، تره وداعتك ما بيهم غير ذاك من ذاك اليسوه تترادد ويّاه.استغربت حقا كيف أنها تعرف فيسبوك وتحفظ أسماء فيه وهي لا تعرف القراء ة والكتابة.
بالمناسبة، إن أمي رحمها الله كانت في حياتها تذهلنا، نحن أبناءها، بمتابعتها الدائمة للأفلام الأجنبية التي كان يعرضها التلفزيون بترجمة مكتوبة (ساب تايتل). كان احدنا اذا اضطر للذهاب للحمام أو لجلب شيء من المطبخ ليأكله أو يشربه، يعود فيسألها عن الذي حدث في الفيلم، لحظة غيابه، تخبره بدقة متناهية عما فاته ان يشاهده.
وبالمناسبة أيضا، أنا انظر للأحلام، ومنذ اليوم الذي تخصصت فيه بعلم النفس، إنها لا تحمل أي إشارات تنبؤية. أي إنني مؤمن تماما بتفسير فرويد لها، فلا أشغل نفسي بتأويلها، مع احترامي الشديد لرأي الدين بالأحلام.
لا أتذكر كيف سار الحديث في "عالم الطيف" لتخبرني أنها زعلانة عليّ: ليش من الناس تطلب منك قصيدة رسالتي ما تجاوبهم؟ وهل تتذكرينها؟ أتذكرها كلش زين وأتذكر شسووا بينه المخابرات بوكتها. بكت وسبت واحدا منهم اسمه "أبو عمار" بالاسم لأنه أهانها كثيرا. مسحت دموعها لتخبرني بصوت متكسّر: وحتى حافظتها. ومن دون أن اطلب منها صارت تقرأ:
يمّه هاشم .. يا بعد روحي ولك شو طالت المدة؟
أظن چنها صدك صارت ييمّه وما الك ردة
يالغيبتك خلتلي كطع بالروح غيرك محّد يشدة
غربتكم، يبعد أهلي، وحزنكم والهضم والضيم، كلي شجاب وشودة؟
ولك بعده الحزن مرسوم عالبيبان .. وبعدها أيامنا شدة بأثر شدة
كبر خوفي يبعد أمك وانا بعيني اشوف أيامي تتعده
ما أعذب صوتها وأشجاه عندما وصلت مقاطع النواعي:
ودعتك الله يا وليدي .. يشريان عمري ويا وريدي
الغريب اني كنت اسمعها هذه المرة ولا أبكي. فجأة انقطع الحلم فاستيقظت مستحضرا صورة بغداد وصوتا يحوم في السماء. لا ادري ان كان هو صوت أمي أم صوت المدينة:
صبرك يمه يوليدي شتريد تكول إذا ربك حكم لو راد
خايب يمه خل أمسي بعد مليت عيشتنه غدت غبره ولا تنراد
مدري نحير بالهم الولانه اسنين مدري نحير بال كمة وندبر الزاد
ولك يمه صدك مليت:
عيشه وي الچلاب السود ما تنراد .. عيشة وي الچلاب السود ما تنراد.
عيشة وية الچلاب السود ما تنراد
[post-views]
نشر في: 20 أغسطس, 2013: 10:01 م