TOP

جريدة المدى > تقارير عالمية > أرشيف وآثار اليهود العراقيين ستعود قريباً

أرشيف وآثار اليهود العراقيين ستعود قريباً

نشر في: 20 أغسطس, 2013: 10:01 م

من اجل استعادة ماضي اليهود المتلاشي في بغداد، يعمل عدد من الأخصائيين في (الأرشيف الوطني) بالولايات المتحدة من اجل صيانة العديد من الحاجيات والكتب التي تم العثور عليها من سرداب دائرة المخابرات العراقية، علماً انها ستعود الى بغداد لاحقاً، لتشكل كنزاً

من اجل استعادة ماضي اليهود المتلاشي في بغداد، يعمل عدد من الأخصائيين في (الأرشيف الوطني) بالولايات المتحدة من اجل صيانة العديد من الحاجيات والكتب التي تم العثور عليها من سرداب دائرة المخابرات العراقية، علماً انها ستعود الى بغداد لاحقاً، لتشكل كنزاً من التراث القديم.
اسم الفتاة كان فرح، ذات شعر اسود كثيف، وقد عثـر على صورة لها، في السرداب الذي كان مغموراً بالمياه: تبتسم وترتدي ثوباً جميلاً.
كانت فرح آنذاك في الثالثة عشر من عمرها، عندما التقطت لها تلك الصورة في اعوام الخمسينات، كانت طالبة عمرها 13 سنة، وتداوم في مدرسة اليهود المتوسطة ببغداد حيث حصلت على 94 درجة في اللغة الانكليزية و88 في التاريخ.

ولا يعرف احد شيئاً عن هذه الفتاة ولكن سجلاتها في المدرسة وأخرى تعود لطلبة من يهود العراق، اضافة الى الكثير من الكنوز العائدة الى ماضي اليهود، يتم صيانتها وحفظها في (الارشيف الوطني)، من اجل اعادتها الى العراق في العام المقبل.

وهذا الارشيف قد تم العثور عليه من قبل القوات الامريكية التي غزت العراق قبل عشرة اعوام، ويضم الارشيف، انجيلاً باليهودية، وتلموداً عمره 200 سنة كان قد جلب اصلاً من فيينا.
وهناك ايضاً كتاب صغير كتب يدوياً في عام 1902، وايضاً كتاب صلوات يعود الى عام 1930 بالفرنسية، ومجموعة من المواعظ لاحد رجال الدين، طبعت في المانيا عام 1692 وهناك ايضاً ملفات مليئة بالشهادات المدرسية، مثل تلك العائدة لفرح، تعود الى اعوام العشرينات من القرن الماضي وحتى منتصف السبعينات.
ومن المتوقع تنظيم معرض لهذا الارشيف في الحادي عشر من شهر تشرين الاول القادم.
وفي لقاء عاطفي مع شقيق فرح غورجي شينا، قال انها كانت الاكبر من الاطفال السبعة للعائلة، واضاف سامي غورجي، ان فرح كانت باحثة ناجحة، وانها تولت رعاية اخوتها الصغار، وقد تم هذا اللقاء في الاسبوع الماضي.
وقال سامي ايضاً بعدم علمه بالعثور على سجلاتها المدرسية في ذلك السرداب، بعد احتلال بغداد عام 2003.
وقال ايضاً ان الجميع كان ينادي شقيقته باسم، غلادي، وهو تصغير لكلمة (كلادنيس) أو فرح بالانكليزية، وقد توفيت فرح في عام 1968 إثر اصابتها بالسرطان وكان عمرها آنذاك 29 سنة، وتركت وراءها زوجاً وطفلين صغيرين، وقد دفنت في اوكسفورد بانكلترا.
وكان سجل فرح بين حوالي 2،700 كتاب، وعشرات الالوف من الوثائق تم استعادتها وصيانتها في سرداب مدّمر في بغداد، وهذا ما اعلنته دوريس م.هامبورغ، مديرة برنامج صيانة الارشيف، الذي يطلق عليه الارشيف اليهودي العراقي.
وهذا البرنامج تم وضعه من قبل القوات الامريكية بتاريخ 6/5/2003، وتم العثور عليه في مركز المخابرات الذي تم تدميره.
وكان غالبية اليهود قد تركوا العراق قبل اعوام طويلة من مواجهة العنف، تاركين خلفهم آخر آثار تاريخ غني يمتد الى حوالي 2،500 سنة كما يقول المسؤولون عن الارشيف.
وقد تم نقل هذا الارشيف الى الولايات المتحدة الامريكية لصيانته بعد موافقة السلطات العراقية ولكن المشروع تعثر بعدئذ وتجمّد، حسب تصريحات الحكومة الامريكية، اثر ازدياد العنف وسفك الدماء في بغداد ولم يكن واضحاً الجهة المسؤولة عن هذا الارشيف للاتصال به.
وقال احد المسؤولين (انهم يريدون عودته الينا، ولكننا نريد تأكيداً بالحفاظ عليه).
وبعد عودة الاستقرار تقريباً الى العراق تحول مبلغ الـ3 ملايين دولار في عام 2011 وهو الدعم الاقتصادي للعراق، لدعم اعادة العمل ولترميم ما يشكل الماضي اليهودي في العراق.
وقال احد المسؤولين عن العمل، (ان هذه القطع ستعود الى العراق والمسؤولين عن التراث، مع عدم وضوح الجهة التي ستستقر عندها.
ومن المتوقع ان يصل اثنان من الخبراء العراقيين للاطلاع على مجريات العمل في مجموعة الحاجيات التي تم العثور عليها، غاطسة في المياه التي كانت تسللت الى سرداب دائرة المخابرات العراقية، واضافة الى ذلك سيطلع الخبيران العراقيان، على أسس الحفاظ على تلك الحاجيات بعد عودتها الى العراق.
والعمل حالياً في الصيانة يسير بصورة سريعة في قسم الارشيف في كلية بارك، ويعمل عدد من الخبراء بشكل متواصل بأجهزة وأدوات مختلفة للتنظيف والترقيم وتغليفها.
كما يعمل عدد من التقنيون لامتصاص الرطوبة من تلك الاوراق، وخاصة كتب الصلوات، وايضاً اصلاح ما اتلفتها الحشرات عبر الاعوام، كما ان البعض يتم تنظيفها تماماً وقد يتم تجليدها ثانية.
وقد اكتمل حتى الان 60% من العمل، وسيتم عرضه على الشبكات الفضائية، مع تنظيم معرض له بعنوان (اكتشاف واستعادة المحافظة على التراث اليهودي في العراق).
وقد ابدى عدد من المسؤولين عن الارشيف حول احتمال التوصل الى علاقات مع الطلبة السابقين، عبر الالاف من السجلات المدرسية القديمة، وخاصة بعد عرضها على الشبكات الفضائية.
وتضم السجلات العديد من الحكايات والتي ستعيد التواصل بين الكثير من الاشخاص
مغادرة اليهود للعراق
كانت بغداد الى ما قبل منتصف القرن العشرين مركزاً لحياة اليهود، وثقافتهم ودراستهم وبحوثهم، لأكثر من الفي عام.
وفي اوائل القرن العشرين، كان اليهود يشكلّون ¼ سكان بغداد (200،000) كما تقول تقارير الارشيف.
ولكن، مع اوائل الاربعينات، كان هناك حكومة عراقية مؤيدة للنازية، وبعد تأسيس الدولة اسرائيل عام 1948، بدأ التوتر والاضطرابات وعدد من الاعتقالات وقد أدت تلك الحالة الى هجرة جماعية لليهود من العراق.
وكان على اولئك الاشخاص، ترك كل شيء خلفهم، ولقد كانوا هناك منذ مدة طويلة، ولذلك كان الرحيل صعباً.
وهكذا غدت المنظمات التي كان اليهود قد أسسوها وكذلك كتبهم ووثائقهم، في ايدي المخابرات العراقية.
ومن بين المؤسسات التي كانت هدفاً مدارس (فرانك إني وشماس اليهودية). اضافة الى المئات من السجلات والوثائق وصور الطلبة، والتي تم العثور عليها في سرداب المخابرات العراقية.
ولو عدنا الى تلك التلميذة، (فرح)، فسنجد انها غادرت بغداد عام 1962، من اجل الزواج من استاذ عراقي يدرس في جامعة أوكسفورد (كما قال شقيقها)، وكانت آنذاك تبلغ الـ23 من عمرها.
كيفية العثور على الوثائق اليهودية
لقد تم العثور على الكنز اليهودي من قبل مجموعة من القوات الأمريكية (الفريق المتنقل للاستكشاف)، والذي كان مسؤولاً للبحث عن الأسلحة النووية والكيمياوية والبيولوجية في العراق.
ومع وصول اعضاء الفريق المتنقل الى دائرة المخابرات العراقية والقيام بتفتيشها توصلوا الى تلك الوثائق والكتب التي كانت تطفو على سطح المياه التي غمرت السرداب.
ومعظم هذه الوثائق أو الكتب تعود الى اواخر القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين، ومعظم الكتب التي تم العثور عليها مكتوبة بالعبرية، اما غالبية الوثائق فهي بالعربية.
وتم استخراج كافة تلك الحاجيات من السرداب من اجل تجفيفها، وبعد ذلك تم حفظها في 27 صندوق حديدي كبير، ولكن ما بين الرطوبة والحرارة، بدأ العفن يتسلل الى تلك الاوراق.
ولذلك السبب تم نقل الصناديق الى الولايات المتحدة الامريكية، مع علم السلطات العراقية بالامر، من اجل اخضاعها للصيانة والترميم بمساعدة (الارشيف الوطني). وهناك تم اخضاع تلك الوثائق كافة للتجميد.
وفي حزيران 2003، كما تم الاتفاق مع الحكومة العراقية، على ابقاء تلك السجلات والكتب كافة في الولايات المتحدة الامريكية من اجل صيانتها وترميمها، واقامة معرض لها فيما بعد، قبل اعادتها الى بغداد.
وكانت تلك الوثائق اليهودية نقلت الى موقع في تكساس، حيث تم تجفيفها في خريف عام 2003، ثم تم اعادتها الى المركز الارشيفي.
وعبر تلك الطريقة من الحفظ، تم تنظيف كل ورقة وتسجيل كافة البيانات عنها، وكل قطعة منها تم لفّها بعناية.
وعندما تم تسلم مبلغ الـ3 ملايين دولار في عام 1911، كان المشروع الثاني قد بدأ، وهو استخدام عدد اكبر من العاملين، شراء اجهزة ومعدات واجراء التسجيلات الرقمية، وانشاء موقع لها على الانترنت، وحفظ كافة الصور، كي تكون جاهزة قبل حلول موعد اقامة المعرض، كما تحدد موعد عودتها الى العراق في شهر حزيران المقبل، حسب الاتفاق الذي تم بين الطرفين.
هروب عائلة من بغداد
ومن قصص اليهود الهاربين من العراق قصة موريس شوهيت 63 سنة، يعيش حالياً في شمال غرب واشنطن، كان ايضاً طالباً في بغداد (المدارس اليهودية)، وقد عمل اخيراً مستشاراً في مشروع ترميم الارشيف اليهودي وقد ظهر اسمه في الوثائق اليهودية القديمة.
وكان شوهيت وافراد عائلته قد هربوا من بغداد عام 1970، وقال في مقابلة أخيرة معه، ان جذور عائلته تعود الى ما قبل 250 سنة، في العراق ويقول: (ان الجالية اليهودية هي من اقدم الجاليات اليهودية في العالم).
وقبل فرار اليهود من بغداد، كان غير مسموح لهم بمغادرة بغداد، وكان على اليهود حمل وثيقة معهم دائماً، تنص على كونهم من سكان بغداد.
كما كان اليهود يخضعون لمراقبة مستمرة من قبل الاستخبارات، ولم يكن يسمح لهم الالتحاق بالجامعات، وعدد من اصدقاء شوهيت، تم القاء القبض عليهم واعدامهم.
ونتيجة تلك العوامل، بدأ شوهيت واخوته في الضغط على والدهم للمغادرة، لقد بدا واضحاً عدم وجود مستقبل لهم في العراق.
وقال (لم نكن نملك شيئاً، كما ان والديه كانا في أواخر الخمسينات من العمر).
وفي حوالي الرابعة من صباح اليوم الثاني من أيلول عام 1970، انحشر هو وعدد من افراد الاسرة في سيارة أجرة كبيرة وتوجهوا نحو الحدود الإيرانية.
لقد تركوا تقريباً كل شيء يملكونه ولكنهم لم يأسفوا على أي شيء.
واجتازوا الحدود الايرانية عقب رحلة مخيفة على الاقدام، خائفين من كلاب الحراسة، وأنوار الكشافات.
وقد توجه شوهيت، في عام 1981 الى الولايات المتحدة وبدأ يعمل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى، ويقول انه قد ذهب الى العراق في عام 2004 في رحلة استطلاعية للعمل. وعندما كان هناك، ذهب لرؤية منزلهم القديم- بعد 34 سنة على مغادرته البيت.
وقال ايضا، (لم أحاول مجرد التفكير بمن كان يعيش فيه)، وقد سأله عدد من الذين رافقوه، فيما ان كان يرغب الوقوف عند الدار؟. رفض قائلا (ومن أنا؟ مطلقاً، وكيف احضر الى هنا وكأنني أتباهى بنفسي! لقد أردت "رؤية" البيت فقط، وكيف يبدو اليوم من الخارج).
وسأله احد المرافقين، (وكيف بدا المنزل؟)
أجاب، (نفس الشيء، لم يتغير).

 عن: نيويورك تايمز

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. عادل حجي علي

    نعم على مر العصور والدهور التي مرت على العراق والحكومات التي تعاقبت عليه لم يكن الاهتمام بكل الاثار بكل معنى الاهتمام مثلا السياحة وجلب المسافرين من اجل تلك السياحة وعمل طرق معبدة وفنادق تليق بالسياح ودليل كذلك مع الاهتمام بنفس المكان الاثري وكذلك تعريف ا

يحدث الآن

الفيفا يعاقب اتحاد الكرة التونسي

الغارديان تسلط الضوء على المقابر الجماعية: مليون رفات في العراق

السحب المطرية تستعد لاقتحام العراق والأنواء تحذّر

استدعاء قائد حشد الأنبار للتحقيق بالتسجيلات الصوتية المسربة

تقرير فرنسي يتحدث عن مصير الحشد الشعبي و"إصرار إيراني" مقابل رسالة ترامب

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برنامج دولي لتحقيق أمن غذائي دائم للمتضررين فـي العراق

برنامج دولي لتحقيق أمن غذائي دائم للمتضررين فـي العراق

 ترجمة / المدى في الوقت الذي ما تزال فيه أوضاع واحتياجات النازحين والمهجرين في العراق مقلقة وغير ثابتة عقب حالات العودة التي بدأت في العام 2018، فإن خطة برنامج الأغذية العالمي (FAO )...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram