غيّب الموت خلال الايام القليلة الماضية عددا من اعلام العراق المعروفين على نطاق واسع في الوسط الادبي والثقافي، في مقدمتهم القاص عبدالستار الناصر الذي وافاه الاجل في الثالث من شهر آب الجاري في منفاه بكندا. وقبل الناصر بثلاثة ايام وتحديدا في الحادي والث
غيّب الموت خلال الايام القليلة الماضية عددا من اعلام العراق المعروفين على نطاق واسع في الوسط الادبي والثقافي، في مقدمتهم القاص عبدالستار الناصر الذي وافاه الاجل في الثالث من شهر آب الجاري في منفاه بكندا.
وقبل الناصر بثلاثة ايام وتحديدا في الحادي والثلاثين من شهر تموز، غادرنا والى الابد الاديب والاعلامي الكردي المعروف ، فلك الدين كاكائي عن عمر ناهز السبعين.
و سبق موت الكاكائي بيوم واحد، وفاة السياسي والصحفي حبيب كريم الذي رأس تحرير صحيفة ( خه بات) خلال النصف الاول من تسعينات القرن الماضي.
الغياب الابدي، الآخر ، كان لشاعرنا الكردي المعروف (شيركو بيكه س )الذي كان يعالج في احدى مستشفيات السويد منذ مدة حيث وافاه الاجل فيها، في الرابع من الشهر الجاري.
ولد شاعرنا الكبير شيركو بيكه س في مدينة السليمانية عام 1940 وهو نجل الشاعر المعروف فائق بيكه س.
ويعد من الشعراء، الكرد، الحداثوين .
نشر اول قصائده في العام 1968 تحت عنوان ( تريفه = ضوء القمر) ثم توالى في نشر قصائده ولا سيما الثورية والعاطفية التي نالت استحسان القراء وترجمت الى العديد من لغات العالم ، ما اهلّه للحصول على العديد من الجوائز العالمية، ابرزها جائزة ( توخولسكي) التي حصل عليها عام 1998من السويد التي لجأ اليها منذ العام 1986 .
في آخر قصيدة له نشرها في الـ 23 من شهر تموز الماضي على صفحته على ( الفيسبوك) يقول بيكه س:
ها أنا أراني مع الوحدة
آخر المطاف
هي، تنطفئ نار سيكارتها
وانا انام نومتي الابدية
في لقاء قصير مع الشاعر الراحل شيركو بيكه س اجرته مجلة لفين الكردية في عددها 66 كشف فيه الفقيد عن رؤيته للشعر وللمرأة وما بينهما، وكانت اجوبته شاعرية، مجنونة، سوريالية، كما يوحي به العنوان.
ادناه ترجمة لنص ذلك اللقاء المتفرد.
العاب سوريالية
ـ ماهي كردستان ؟
* وطن من ضباب .
ـ من كان صدام حسين ؟
* انفاس الرماد في تأريخ الفحم .
ـ ما هو الشعر ؟
* حبيبة وغروب في حجر .
ـ والمرأة ؟
* قصيدة في الشِباك .
ـ وماذا عن الروح ؟
* امرأة تموت ثلاث مرات كل يوم .
ـ من هو البشمركة ؟
* أمي وهي تخاطب الخريف .
ـ والانتفاضة ؟
* لوحة مجنونة .
ـ والثورة ؟
* موسيقى تنبح .
ـ و ماهي الحداثة ؟
* كأس شعر مسكوب .
ـ مرة اخرى ..ما هو الشعر ؟
* وطن تذريه الرياح .
ـ وماهي الموسيقى ؟
* فتاة ممشوقة القوام مثل دخان سيكارتي .
ـ لماذا تعيش ؟
*اعيش لكي تهطل خيالاتي .
وصية بيكه س
قبل وفاته بفترة وخلال اصابته بالمرض، كتب الشاعر شيركو بيكه س وصيته وهذا نصها :
لا اريد ان ادفن في التلال والمقابر المعروفة لسببين: الاول لأنها ممتلئة والثاني كوني لا احب الزحام .
انا اريد ان ادفن في متنزه ( ازادي) اذا لم يمانع رئيس بلدية مدينتي ورئيس المجلس البلدي ، ادفن الى جوار نصب شهداء 1963 في السليمانية، هناك المكان اجمل ولن اصاب بضيق التنفس.
انا ، حتى في حالة موتي اتمنى ان اكون قريبا من هؤلاء الناس، من رجال ونساء مدينتي، من صوت الموسيقى والاغاني والدبكات ومن النوادي الجميلة لهذا المتنزه.
ليأخذوا مكتبتي ودواويني الشعرية وصوري الى مزاري.
و ليكن هناك كافتريا وجنينة صغيرة هناك، ليحل الشعراء والكتاب والشباب والصبايا العاشات ضيوفا عليّ.
انا اريد ان ارى ذلك المتنزه منذ الان بعين الخيال ، وان اراه بعد موتي.
اريد ان ادفن ملفوفا بعلم كردستان مع صدى ديلان و( الله ويسي) على مردان وانشودة ( خوايه وطن اواكه ي) .
اريد ان تعزف الموسيقى في مراسم عزائي وان تعلقوا اللوحات الجميلة لفناني مدينتي في مزاري.
اريد ان ان تستحدثوا بعد موتي، جائزة سنوية باسم( بيكه س) تمنح لاجمل ديوان شعري مختار، لذلك العام ، وان تخصص قيمة الجائزة من ميراثي الذي سأخلفه بعد موتي.