TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > حُلم الكُرد القومي

حُلم الكُرد القومي

نشر في: 21 أغسطس, 2013: 10:01 م

مثل بقية الأمم في هذا العالم، تستحق القومية الكردية امتلاك إرادة تحقيق حلمها في وطن يجمع شتات أبنائها، وإذا كانت الظروف الدولية سابقاً تضافرت ضد تحقيق هذا المطلب المُحق، ما دفع الكرد إلى جبالهم العالية، ليعلنوا ثوراتهم التي استنزفت الكثير من الدماء الزكية، فإنّ المؤتمر القومي الكردي، المقرر انعقاده في أربيل منتصف الشهر المقبل، مُطالب بحسم أولوية قضية تقرير المصير للكرد في العراق وسوريا وإيران وتركيا، على طريق إنشاء الدولة الكردية، القادرة على لم شعث هذه الأمة المظلومة تاريخياً، لتسهم في الخطوات الحضاريّة المأمولة في هذه المنطقة من العالم، خصوصاً بعد نجاح تجربة إقليم كردستان العراق، رغم عدم حصوله على الاستقلال الناجز.
سيثور الكثير من اللغط، منذ اليوم وحتى الخامس عشر من أيلول، وستعلو أصوات القومجيين العرب، وتنتفخ أوداجهم وتبح حناجرهم، وسيتهمون الكرد بالسعي لإنشاء إسرائيل ثانية، وهم يُنكرون أنّ أبناء هذه الأمة لم يغادروا أرضهم، رغم كل ما تعرضوا له من قمع وإرهاب وتهميش، ومحاولات بائسة لطمس هويتهم القومية، وعلى الرغم بأن الكرد يُدركون صعوبة تحقيق حلمهم، بحكم رفض أربع دول لتقسيم نفسها، فانّ أمام الكرد فرصة الاستفادة من امتدادهم القومي، على مساحة الرقعة الجغرافية المتصلة بين الدول الأربع، وفتح الحدود بشكل كامل بين مناطق تواجدهم، والسماح بحرية التنقل بين المناطق الكردية، وهو أمر شرع به إقليم كردستان العراق، مع أكراد إيران بشكل جزئي، ومع سوريا بشكل تام، حين سمح بعبور كرد سوريا إلى أراضيه من دون تأشيرة دخول، ومنحهم حق العمل والإقامة بشكل مفتوح في مدن الإقليم، وليس مُهما بعد ذلك شكل الدولة، أكانت اتحادية أو غير ذلك، فإنها ستكون البداية لخاتمة عذاباتهم.
من حسن حظ المؤتمر، رعاية أعماله من قبل مسعود بارزاني، المؤمن بضرورة امتلاك شعب كردستان خطاباً سياسياً موحداً، مبنياً من أجل إيصال رسالة السلام والتعايش المشترك، والعمل للتوصل إلى حل سياسي وسلمي وعادل للقضية الكردية، وتحقيق حقوق الكرد المشروعة، واعتباره أنّ المؤتمر القومي الكردي واحد من أهم أهداف جميع القوى والأطراف السياسية الكردستانية، وأنّ الهدف الرئيسي من عقده، هو التوصل إلى خطاب واستراتيجية مشتركة، مبنية على أساس إيصال رسالة السلام والتعايش إلى الشعوب العربية والتركية والفارسية، بأنّ الكرد يريدون تعايشاً على أساس السلم والمساواة معهم، وأنه ليس من أهداف هذه الأمة معاداة أي شعب أو دولة من دول المنطقة، بل إنهاء العداوة مرةً واحدةً وإلى الأبد، والتوصل إلى اتفاق كامل، وحل سلمي وعادل للقضية الكردية.
بديهي، كما تفهم القيادة الكرديّة، أن لا أحد يستطيع مواجهة الكرد بالسلاح ومنطق الإلغاء، وتدرك هذا دول وقوى المنطقة، فإلغاء الكرد أو محوهم لا يتحقق حتّى في الخيال، ولهذا فإن على الأمة الكردية وقواها السياسية، صياغة إستراتيجية مُشتركة مُعلنة ومُنظمة، لإيصال رسالة السلام التي يؤمن بها الكرد، وهم يجددون تطلعاتهم في انشاء دولة كرستان الكبرى، وتحقيق حلم القائد الكردي الخالد الملا مصطفى بارزاني، الذي كان أحد عرابي تأسيس دولة مهاباد الكردية عام 1945، فهل يتحقق ذلك في أربيل، او هولير؟.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. سلام

    اخي الغالي اولا اتمنى من كل قلبي حصول الاكراد على دولتهم الحلم و اعتقد ان الوقت الان هو الانسب لاعلان الدولة النشودة علما ان مثل هذه قرارات تتطلب شجاعة و ثورية نضالية و دون الاعتماد على قوى تعتقدون انها عظمى لان المصالح العليا للمنطقة متغيرة و على صفيح

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram