مثل بقية الأمم في هذا العالم، تستحق القومية الكردية امتلاك إرادة تحقيق حلمها في وطن يجمع شتات أبنائها، وإذا كانت الظروف الدولية سابقاً تضافرت ضد تحقيق هذا المطلب المُحق، ما دفع الكرد إلى جبالهم العالية، ليعلنوا ثوراتهم التي استنزفت الكثير من الدماء الزكية، فإنّ المؤتمر القومي الكردي، المقرر انعقاده في أربيل منتصف الشهر المقبل، مُطالب بحسم أولوية قضية تقرير المصير للكرد في العراق وسوريا وإيران وتركيا، على طريق إنشاء الدولة الكردية، القادرة على لم شعث هذه الأمة المظلومة تاريخياً، لتسهم في الخطوات الحضاريّة المأمولة في هذه المنطقة من العالم، خصوصاً بعد نجاح تجربة إقليم كردستان العراق، رغم عدم حصوله على الاستقلال الناجز.
سيثور الكثير من اللغط، منذ اليوم وحتى الخامس عشر من أيلول، وستعلو أصوات القومجيين العرب، وتنتفخ أوداجهم وتبح حناجرهم، وسيتهمون الكرد بالسعي لإنشاء إسرائيل ثانية، وهم يُنكرون أنّ أبناء هذه الأمة لم يغادروا أرضهم، رغم كل ما تعرضوا له من قمع وإرهاب وتهميش، ومحاولات بائسة لطمس هويتهم القومية، وعلى الرغم بأن الكرد يُدركون صعوبة تحقيق حلمهم، بحكم رفض أربع دول لتقسيم نفسها، فانّ أمام الكرد فرصة الاستفادة من امتدادهم القومي، على مساحة الرقعة الجغرافية المتصلة بين الدول الأربع، وفتح الحدود بشكل كامل بين مناطق تواجدهم، والسماح بحرية التنقل بين المناطق الكردية، وهو أمر شرع به إقليم كردستان العراق، مع أكراد إيران بشكل جزئي، ومع سوريا بشكل تام، حين سمح بعبور كرد سوريا إلى أراضيه من دون تأشيرة دخول، ومنحهم حق العمل والإقامة بشكل مفتوح في مدن الإقليم، وليس مُهما بعد ذلك شكل الدولة، أكانت اتحادية أو غير ذلك، فإنها ستكون البداية لخاتمة عذاباتهم.
من حسن حظ المؤتمر، رعاية أعماله من قبل مسعود بارزاني، المؤمن بضرورة امتلاك شعب كردستان خطاباً سياسياً موحداً، مبنياً من أجل إيصال رسالة السلام والتعايش المشترك، والعمل للتوصل إلى حل سياسي وسلمي وعادل للقضية الكردية، وتحقيق حقوق الكرد المشروعة، واعتباره أنّ المؤتمر القومي الكردي واحد من أهم أهداف جميع القوى والأطراف السياسية الكردستانية، وأنّ الهدف الرئيسي من عقده، هو التوصل إلى خطاب واستراتيجية مشتركة، مبنية على أساس إيصال رسالة السلام والتعايش إلى الشعوب العربية والتركية والفارسية، بأنّ الكرد يريدون تعايشاً على أساس السلم والمساواة معهم، وأنه ليس من أهداف هذه الأمة معاداة أي شعب أو دولة من دول المنطقة، بل إنهاء العداوة مرةً واحدةً وإلى الأبد، والتوصل إلى اتفاق كامل، وحل سلمي وعادل للقضية الكردية.
بديهي، كما تفهم القيادة الكرديّة، أن لا أحد يستطيع مواجهة الكرد بالسلاح ومنطق الإلغاء، وتدرك هذا دول وقوى المنطقة، فإلغاء الكرد أو محوهم لا يتحقق حتّى في الخيال، ولهذا فإن على الأمة الكردية وقواها السياسية، صياغة إستراتيجية مُشتركة مُعلنة ومُنظمة، لإيصال رسالة السلام التي يؤمن بها الكرد، وهم يجددون تطلعاتهم في انشاء دولة كرستان الكبرى، وتحقيق حلم القائد الكردي الخالد الملا مصطفى بارزاني، الذي كان أحد عرابي تأسيس دولة مهاباد الكردية عام 1945، فهل يتحقق ذلك في أربيل، او هولير؟.
حُلم الكُرد القومي
[post-views]
نشر في: 21 أغسطس, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 1
سلام
اخي الغالي اولا اتمنى من كل قلبي حصول الاكراد على دولتهم الحلم و اعتقد ان الوقت الان هو الانسب لاعلان الدولة النشودة علما ان مثل هذه قرارات تتطلب شجاعة و ثورية نضالية و دون الاعتماد على قوى تعتقدون انها عظمى لان المصالح العليا للمنطقة متغيرة و على صفيح