ألم نقل إنها ليست سوى فِرية أخرى فبركتها أوساط الحكومة؟ فيوم القيامة البغدادي (الإثنين الماضي) لم يتمخض عن فأر قاعدي ولا عن جرذ صدامي ولا حتى عن مجرد أبو بريص! .. انه أسفر فقط عن سوم مئات الآلاف من سكان بغداد وزوارها المزيد من العذاب والمعاناة والمشقة، وعن انكشاف دولتنا وحكومتنا أمام أعدائهما الحقيقيين والمتوهمين بوصفهما مرتعدتي الفرائص ومهتزتي الكيان، أمام شبح اسمه القاعدة أو فلول صدام.
لم يظهر نهار الاثنين والليلة التالية ونهار أول من أمس وأمس أي أثر للقاعدة التي أشاعت أوساط الحكومة بانها تخطط لمهاجمة المنطقة الخضراء لنسف مجلس النواب ولقتل رئيس مجلس الوزراء... لم يظهر هذا الأثر لا في المنطقة الخضراء ولا في محيطها ولا في سائر مناطق العاصمة، وهي جميعاً مناطق غبراء كما يعلم الجميع.
إشاعة الهجوم المفترض التي حوّلت الحياة في بغداد الى جحيم حقيقي لم تكن الأولى بالطبع، فعلى الدوام كانت هناك افتراءات وافتئاتات حكومية، بدأت خصوصاً عشية التظاهرات المجيدة التي اندلعت في 25 شباط 2011، فقد افترى رئيس الوزراء بنفسه على المتظاهرين قبل أن ينطلقوا في تظاهراتهم، ووصفهم بانهم بعثيون ومن القاعدة، وأصدر أوامره بحظر التجوال في بغداد. ولما تحدّاه المتظاهرون الذين لم يظهر بينهم بعثي واحد ولا قاعدي واحد ( كلهم كان من أشرف العراقيين ومن أكثرهم وطنية) أمر قواته المسلحة بالتعامل بوحشية سافرة معهم.
لو كانت معلومات المخطط القاعدي صحيحة وليست فِرية، ولو كانت لدينا قيادة عمليات تحترم نفسها وتحترم شعبها ولو كانت لدينا وزارة داخلية ووزارة دفاع وحكومة تحترم نفسها وشعبها، لكانت أصدرت بياناً أو عقدت مؤتمراً صحفياً مساء يوم الاثنين أو نهار الثلاثاء لشرح لماذا اتخذت الإجراءات المشددة القاسية يوم الاثنين، وتكررت جزئيا في اليوم التالي وأمس أيضاً.
لابدّ أنها فِرية، فلو كانت معلومات المخطط صحيحة، ولو كانت هذه الجهات والوزارات تحترم نفسها وشعبها لكانت في الأساس قد طلبت الى أهل بغداد المكوث في بيوتهم او الحد من حركتهم خارج البيوت .. فلقد تكدس الآلاف في سيارات النقل العام والخاص عند نقاط التفتيش وسارت أعداد مماثلة على أقدامهم للوصول الى غاياتهم .. ألم تخش الحكومة وهذه الوزارات من أن تصبح هذه التجمعات البشرية الحاشدة هدفاً سهلاً للإرهابيين الذين يبحثون هم عن هكذا أهداف لقتل وإصابة أكبر عدد من الناس؟
لماذا أقدمت الحكومة على فِرية كهذه؟ .. انه ديدن كل أنظمة الطغيان والدكتاتورية . صدام حسين كان هكذا .. وضع البلاد والعباد في حال طوارئ لربع قرن كامل، ظاناً ان هذه هي الطريقة المُثلى لإهانة الشعب وإذلاله وهدر كرامته تمهيداً لتركيعه وتطويعه.
هذه الحكومة لديها الهدف نفسه.. انها ترفض كل الآراء والتحليلات بان إدارتها للبلاد فاشلة وان إدارتها للملف الأمني أكثر فشلاً .. هي لا تريد أن تضع وتطبّق الخطط الصحيحة لمكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن، فالهدف تركيع الشعب وتطويعه، وهذا إنما يكون بإهانته وإذلاله وهدر كرامته بالاجراءات الأمنية القاسية وبالفساد المالي والإداري وعدم توفير الخدمات العامة وعدم مكافحة الفقر والبطالة .. والاثنين الماضي كان يوماً على الشعب العراقي لإذلاله وليس يوماً على القاعدة التي غالباً ما أتيح لقياداتها وعناصرها الخروج من السجون براحة واطمئنان .. بمساعدة أوساط حكومية دائماً، كما حصل في سجن أبو غريب منذ أسابيع.
فِرية .. وانكشفت!
[post-views]
نشر في: 21 أغسطس, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 1
yusra
الموضوع اكثر من رائع ولكم الا تتفق معي ان الشعب هو المسؤؤل عن رفع هذه الحكومة على الكراسي والتمسك بها بالرغم عن كل ماتقوم به؟ وهذا اعطاها انطباعا بانه ممتن لما تقوم به لذلك هي تمعن في زيادة اذلاله وتركيعه؟ شعب جاهل يقاد كالخراف وراء من يتجار بجهله (عاف