TOP

جريدة المدى > عام > مبارك والمرشد تبادلا الزنزانة.. وتفجيران بلبنان.!

مبارك والمرشد تبادلا الزنزانة.. وتفجيران بلبنان.!

نشر في: 24 أغسطس, 2013: 10:01 م

ما يحصل في مصر لا يُخشى منه على شعب مصر وحسب، بل وعلى 72 فرقة من أمة محمد التي رغم كافة اختلافاتها الفقهية والعقائدية على امتداد أربعة عشر  قرنا،ً ظلّت كما بدأت في إطار (أُمتي)، كما وصفها الرسول الكريم (أمتي) بلسانه الكريم وبتصنيف سليم إلى قيام

ما يحصل في مصر لا يُخشى منه على شعب مصر وحسب، بل وعلى 72 فرقة من أمة محمد التي رغم كافة اختلافاتها الفقهية والعقائدية على امتداد أربعة عشر  قرنا،ً ظلّت كما بدأت في إطار (أُمتي)، كما وصفها الرسول الكريم (أمتي) بلسانه الكريم وبتصنيف سليم إلى قيام يوم الدين: (بأنها مهما افترقت واختلفت إلا أنها أمتي وأمّتي) ..
والفرقتان (المباركية والإخوانية)، بعد التحولات الأخيرة باستبدال كل من (المرشد ومبارك) مواقعهما بين الزنزانة وخارجها، مما يُخشى منه ليس الموقع الفكري داخل الزنزانة ولا الموقع الجسدي خارجها ولكل منهما أو كليهما، وإنما الخوف من وعلى تلك الميادين التي قد تستثمر التفريق السياسي بالتفريخ العقائدي، فتنجب فرقة رقم 73 و74 و75 إلى ما لانهاية من مذاهب حاضنتُها عاصمة المليون مئذنة (القاهرة)، وامتدادها عواصم الأمتين من جاكرتا إلى سنيغال !
ما حصل بلبنان في غضون 24 ساعة من تغيير مواقع مصرية للمرشد ومبارك على التوالي، من تفجيرين بموقعين لبنانيين شيعي وسنّي من الجنوب إلى الشمال على التوالي، يدعو للتأمّل والتفكير، فيما قد ينجم بعواصم أخرى بأيد خفية مصدرها واحد وأهدافها موحدة، وإن كان قد أثلج الصدور برود المسيرتين المصريتين الأخيرتين (جمعة الشهداء)  لمؤيدي مرسي، ثم (الوقفة الاحتجاجية) لحركة الشباب على إخلاء سبيل مبارك، بفتور المسيرة الأولى وإلغاء الوقفة الثانية، فإنها ظاهرة صحيّة توحي بيقظة العقل المصري، بما كلّ وملّ من الشوارع والميادين وتظاهراتها وهراواتها.
يوماً أخرجتموا مبارك من زنزانته وأودعتموه الإقامة الجبرية، أخرجتموا فيه المرشد من صومعته وأودعتموه الزنزانة.! .. مجرد تغيير مواقع؟ أم يا ترى ما الجدوى من هذا التبادل الجسدي لشخصين أحدهما تجاوز 85 فلن يتسلق الجدران وإن لم يكن في الإقامة الجبرية والآخر قد تجاوز التسعين وهو يفكر، فمهما حُبس جسديا يبقى طليقا فكريا بأعوانه من وراء الأسوار، وإني على يقين واعتقاد أن مبارك لو خُيّر بعد الخروج من السجن بالدنيا وأم الدنيا، إنه سيختار أم الدنيا ليبقى فيها ويُدفن فيها، وهذا ما أثبته بمراحل حرجة من حياته في ما مضى، إنه تنحّى على الفور وقرر البقاء في مصر إلى أن سجنوه.
نبأ خروج مبارك من السجن اليوم، شدني إلى أرشيف ذاكرتي عن مصر قبل ثلاثة عقود، عندما قرأت بأوائل الثمانينيات عموداً عن نائب أحد وزراء (السادات) كان موفدا لمؤتمر كبير بفرنسا يحضرها نيابة عن الوزير والوزارة والدولة، وقبل أن يفتح الباب متجها للمطار دق الباب ودخل ضابطان، فاعتقد سعادته أنها مكرمةٌ من وزارته ليصطحباه إلى المطار، لكنهما فاجآه بالكلبشات، جاءا ليقبضا عليه.! لماذا؟ لا يعرف! .. وظلّ نائب الوزير باشا 22 يوما يتنقل من زنزانة لزنزانة، لم يتهم فيها بالمؤامرة على قلب النظام، ولا الخيانة الكبرى، ولا المشاركة في قتل السادات، ولا في حرق الكنائس والأقباط ولا الانتماء للحزب الشيوعي ولا ولا ... إلى أن فاجأوه، فكانت التهمة أبسط بكثير مما تصورها بين الزنزانات .. بل وأبسط من هدايا الأهرامات، كانت التهمة اختلاس أموال الدولة .. وقف المتهم أخيرا وبعد 88 يوما من الحبس الاحتياطي أمام محكمة الجنايات، وبوابل من الاتهامات توجه إليه، وشاهدان يهزان رأسيهما للإثبات .. وناقشهما رئيس المحكمة فحولهما من شاهدي إثبات إلى شاهدي نفي، وحكمت له بالبراءة  بحيثيات "انه اتهامٌ باطل، وأن الذين اتهموه عديمو  بصر وبصيرة !"
خرج صاحبنا واقفا مستمّراً على باب السجن، أين يذهب؟ إلى بيته أو الوزارة؟ .. أصدقاؤه لفّوا حوله قائلين: "مالك والوازرة بالقرف وبهدلة وهوان، سافر واغترب لدولة بترولية، ستعود منها بالملايين" .. وصوت غريب من داخله يهمسه "عد لوزارتك حيث كنت تعمل في اليوم 12 ساعة، لتعمل من الآن 18 ساعة في اليوم، لأنها ليست بلاد الذين ظلموك واتهموك، وإنما هي بلاد الذين أنصفوك فحكموا لك بالبراءة، فإن كان هناك من ظلمك تحت السماء، فإن في السماء كان من هو "ليس بظلاّم للعبيد" وبفضله أخذت البراءة .. وعاد الرجل ليجلس على كرسي كان يجلس عليه منذ عشر سنوات.
وأما الأخونة، فمهما كانت أسوار السجون عالية وإسمنتية فولاذية، فإن ما يكبح جماحهم هو الفكر بالفكر لا الزنزانة بالزنزانة .. وهم يعرفون ان الذين رفضوه أجيالهم القادمة ترفضهم أكثر .. فمهما اقتنعت أنا بفكرة القرآن والسيف، لم ولن أستطيع أن أقنع بها ابني، لأنه من جيل يواجه الفكر بالفكر لا بالسيف والرصاص، فلا يمكن حبسه بمسجد الفتح ليقبل القرآن والسيف ولو بالسيف.
فماذا لو أعطيناه الفكر بالفكر الآخر، لإسلام بالآباء والأمهات، والإخوان والأخوات، والأخوال والخالات والعمّات والأعمام .. ودون الحصر على إسلام الإخوان بالإخوان فقط.؟
وطابت جمعتكم.!
* كاتب إماراتي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

تضاربات بين مكتب خامنئي وبزشكيان: التفاوض مع أمريكا خيانة

حماس توافق على وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى

البرلمان يعدل جدول أعماله ليوم الأحد المقبل ويضيف فقرة تعديل الموازنة

قائمة مسائية بأسعار الدولار في العراق

التسريبات الصوتية تتسبب بإعفاء آمر اللواء 55 للحشد الشعبي في الأنبار

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

موسيقى الاحد: الدرّ النقيّ في الفنّ الموسيقي

في مديح الكُتب المملة

جنون الحب في هوليوود مارلين مونرو وآرثر ميلر أسرار الحب والصراع

هاتف الجنابي: لا أميل إلى النصوص الطلسمية والمنمقة المصطنعة الفارغة

كوجيتو مساءلة الطغاة

مقالات ذات صلة

علم القصة: الذكاء السردي
عام

علم القصة: الذكاء السردي

آنغوس فليتشرترجمة: لطفيّة الدليميالقسم الاولالقصّة Storyالقصّة وسيلةٌ لمناقلة الافكار وليس لإنتاجها. نعم بالتأكيد، للقصّة إستطاعةٌ على إختراع البُرهات الفنتازية (الغرائبية)، غير أنّ هذه الاستطاعة لا تمنحها القدرة على تخليق ذكاء حقيقي. الذكاء الحقيقي موسومٌ...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram