العاصمة بغداد اكتسبت صفة انتشار أعداد كبيرة من المتسولين من الجنسين وبأعمار مختلفة وبعاهات أصلية وأخرى مصطنعة ، والمشهد المتكرر في التقاطعات والشوارع العامة في عاصمة الثقافة العربية للعام الحالي ، يجسد بصورة ثلاثية الأبعاد سيناريو فلم هندي من نوع ميلودراما الفقر والجهل والمرض ، والحظ الأسود المصخم الملطم ، وفواجع القدر.
ولكثرة تكرار المشهد ، بات مألوفاً ولا يثير الانتباه ، وعطف الآخرين على وفق القاعدة القديمة التي كانت معتمدة في باصات مصلحة نقل الركاب "ساعد الجابي بأصغر نقدٍ كافٍ " ومن المناسب ان يتولى الجيل القديم المهدد بالانقراض توضيح وتفسير العبارة للجيل الجديد لكي يتعرف على حقيقة ان الأجهزة الرسمية في وقت مضى كانت حريصة حتى على التمسك بقواعد اللغة ، فحذفت ياء" الكافي " لضرورات التنوين .
بغض النظر عما يقال عن وجود جهات او ربما "مافيات" تقف وراء زج المزيد من المتسولين في الشوارع والمسألة لا تخلو من احتيال ، إلا ان القضية بحاجة الى معالجة فورية، ليس باعتقال قادة "المجادي" كما فعل رئيس الوزراء الأسبق الراحل طاهر يحيى بذريعة الحفاظ على الهوية الحضارية للعاصمة ، وإنما بإجراءات اقتصادية واجتماعية ، وبتعاون منظمات المجتمع المدني مع الجهات الرسمية المعنية بهذا الأمر ، وهذا الكلام "الخريط " سمعناه من مسؤولين كبار وقادة سياسيين ومنظمات دولية ومحلية ، ولكثرة تكراره تهرأ ولم يعد صالحاً للاستخدام .
"حجي جرايد" ابتكار عراقي للتعبير عن الاستهانة بالتصريحات والوعود الرسمية ، سواء صدرت من مسؤول كبير في الحكومة ، او من وزير او وكيل وحتى من قائد عسكري بدءاً من رتبة الفريق، ويقال ان العراق فيه الآن قرابة عشرين فريقاً حصلوا على الترقية تقديراً لجهودهم في توطيد استقرار الأوضاع الأمنية ومكافحة الإرهاب ، وليس عن طريق المحسوبية والمنسوبية والانتماءات الحزبية كما يعتقد من يؤمن بان حجي الجرائد هو شكل آخر من الخريط السياسي في بلد ميزانيته اكثر من 100 مليار دولار والمجادي فيه يشكلون النسبة الأكبر من عدد ناخبي الأحزاب الدينية .
في عقد الستينات تحرك احد الحزبيين على بائع نفط في منطقة الكاظمية يجرعربته بنفسه لعجزه عن شراء حصان لغرض ضمه للحزب ، وبعد مشاورات وتعهد بخوض المعترك النضالي ، وتنفيذ التعليمات الحزبية بكل دقة ، صدر التوجيه بان يستخدم بائع النفط مفردة " نفطكم" ، وأثناء تجوال البائع لتنفيذ الأمر الحزبي وهو يردد "نفطكم "اثأر انتباه رجال الأمن ، وفي مركز الشرطة "خرط عنده السوق " من أول" سطرة " واعترف بانه كلف من قبل الرفيق" فلان " بقول "نفطكم " ليثير انتباه الجماهير ، ويحفزها على المطالبة بحصتها من الثروة الوطنية ، وحينذاك سيشتري دشداشة جديدة ، وتخلو شوارع العاصمة من المجادي والمتسولين.
دشداشة أبو النفط
[post-views]
نشر في: 24 أغسطس, 2013: 10:01 م