TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > انتخبوا زاير عودة

انتخبوا زاير عودة

نشر في: 25 أغسطس, 2013: 10:01 م

سلوك بعض السياسيين في تحقيق تطلعاتهم، يشبه إلى حد ما قصة "زاير عودة"عندما استطاع بجهود زوجته الأولى ، تحقيق سمعة طيبة بين أبناء قريته في معالجة أمراضهم ، وإيجاد الدواء لكل داء ، بدءا من الرمد وحالات الرض والكسور ووجع الرأس المزمن وحتى حالات العقم لدى النساء ، وكان الزاير يرفض تسلم المال لقاء تقديم خدماته ، ويقبل المواد العينية كالدجاج والبيض ، والدهن الحر ، فيقوم بجمعها ثم بيعها في سوق الناحية نهاية الأسبوع، فطرأ تغير ملحوظ على دخله ، واستطاع جمع مبلغ من المال لا يمتلكه غيره من أبناء قريته .
زوجة الزاير كانت تحرص على معرفة تفاصيل تحركاته ، فضلا عن اشتراكها معه في عملية حساب المبلغ كل يوم ، وإيداعه بقوطية معدنية ، ووضعها في حفرة عميقة أسفل سرير جريد النخل ، خشية تعرضها للسرقة أو للحرق في حال شبت النيران بالصريفة ، ومثل هكذا حوادث كانت محتملة ، لذلك كانت "قوطية ثروة الزائر " تخضع لمتابعة يومية من قبله وتحت إشراف زوجته بوصفها وزير المالية في صريفة زاير عودة.
مع تضخم الثروة المالية واستبدال القوطية بأخرى أكبر حجما ، وتوسيع حفرتها اسفل سرير جريد النخل ، أبدى الزاير رغبته في إنجاب ولد ، ليحمل اسمه ويحافظ على سلالته ، وفي أمسية شتائية ممطرة طرح على الزوجة فكرة الاقتران بامرأة أخرى لتحقيق أمنيته ، وقبل ان يتلقى الرد ، سمع صرخة استغاثة الزوجة" تعزينا وتصخمنا، زاير خرت الصريفة " ، وانشغل الزوجان حتى الصباح كبقية أبناء القرية في العمل على تفادي غرق حاجياتهم من أفرشة وطحين بمياه المطر ، ولم يفكر الزاير بطرح فكرته ثانية ، لكنها تركت لدى الزوجة الهواجس والمخاوف ، على مستقبل القوطية وتبديد ما فيها بدفع مهر الضرة المرتقبة .
استعادت صريفة الزاير بعد أيام حالتها الطبيعية ، وعاد الرجل لممارسة مهنته متنقلا بين القرى سيرا على الأقدام ، ليقدم خدماته الطبية للمرضى ، ليعود قبل الغروب محملا بالوارد اليومي ، وبعد أداء الصلاة وقبل تناول العشاء بادرته الزوجة بالسؤال عن مكان "القوطية " ولم يعر اهتماما لسؤالها ، ورد عليها بالقول، بانه خبير بمكائد النساء، وأمرها بان تنقل القوطية إلى مكانها على الفور ، وتكف عن هذه اللعبة ، لأنه قرر الزواج ، ولن يتراجع عنه ، شعرت الزوجة بالحرج لأن خطتها فشلت وانفضحت ، وفضلت النوم في تلك الليلة بجوار السرير لتفكر بخطة جديدة لإحباط مشروع زواج الزاير .
وتكشف الأحداث في ما بعد بان الزاير تزوج مرتين ، وتخلى عن الصريفة وشيد له بيتا جمع فيه زوجاته الثلاث ، ولم يحقق أمنيته في إنجاب "ولي العهد " وقبل ان يرتبط برابعة ، غادر الحياة نتيجة إصابته بمرض عضال ، وحكاية الرجل تصلح لأن تكون درسا للسياسيين أصحاب الرغبة في البقاء في مناصبهم ومواقعهم لدورات متتالية ، تحت شعار "انتخبوا زاير عودة" .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

العمود الثامن: ليلة اعدام ساكو

 علي حسين الحمد لله اكتشفنا، ولو متاخراً، أن سبب مشاكل هذه البلاد وغياب الكهرباء والازمة الاقتصادية، والتصحر الذي ضرب ثلاثة أرباع البلاد، وحولها من بلاد السواد إلى بلاد "العجاج"، وارتفاع نسبة البطالة، وهروب...
علي حسين

قناطر: المسكوت عنه في قضية تسليم السلاح

طالب عبد العزيز تسوِّق بعضُ التنظيمات والفصائل المسلحة قضية الرفض بتسليم أسلحتها الى الدولة على أنَّ ذلك قد يعرض أمن البلاد الى الخطر؛ بوجود تهديد داعش، والدولة الإسلامية على الحدود مع سوريا، وأنَّ إسرائيل...
طالب عبد العزيز

ناجح المعموري.. أثر لا ينطفئ بعد الرحيل

أحمد الناجي فقدت الثقافة العراقية واحداً من أبرز رموزها الإبداعية، وهو الأديب ناجح المعموري الذي توزعت نتاجاته على ميادين ثقافية وفكرية متعددة، القصة والرواية والنقد والميثولوجيا. غادرنا بصمت راحلاً الى بارئه، حيث الرقدة الأخيرة...
أحمد الناجي

من روج آفا إلى كردستان: معركة الأسماء في سوريا التعددية

سعد سلوم في حوارات جمعتني بنخبة من المثقفين السوريين، برزت «حساسية التسميات» ليس كخلاف لفظي عابر، بل كعقبة أولى تختزل عمق التشظي السوري في فضاء لم تُحسم فيه بعد هوية الدولة ولا ملامح عقدها...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram