سلوك بعض السياسيين في تحقيق تطلعاتهم، يشبه إلى حد ما قصة "زاير عودة"عندما استطاع بجهود زوجته الأولى ، تحقيق سمعة طيبة بين أبناء قريته في معالجة أمراضهم ، وإيجاد الدواء لكل داء ، بدءا من الرمد وحالات الرض والكسور ووجع الرأس المزمن وحتى حالات العقم لدى النساء ، وكان الزاير يرفض تسلم المال لقاء تقديم خدماته ، ويقبل المواد العينية كالدجاج والبيض ، والدهن الحر ، فيقوم بجمعها ثم بيعها في سوق الناحية نهاية الأسبوع، فطرأ تغير ملحوظ على دخله ، واستطاع جمع مبلغ من المال لا يمتلكه غيره من أبناء قريته .
زوجة الزاير كانت تحرص على معرفة تفاصيل تحركاته ، فضلا عن اشتراكها معه في عملية حساب المبلغ كل يوم ، وإيداعه بقوطية معدنية ، ووضعها في حفرة عميقة أسفل سرير جريد النخل ، خشية تعرضها للسرقة أو للحرق في حال شبت النيران بالصريفة ، ومثل هكذا حوادث كانت محتملة ، لذلك كانت "قوطية ثروة الزائر " تخضع لمتابعة يومية من قبله وتحت إشراف زوجته بوصفها وزير المالية في صريفة زاير عودة.
مع تضخم الثروة المالية واستبدال القوطية بأخرى أكبر حجما ، وتوسيع حفرتها اسفل سرير جريد النخل ، أبدى الزاير رغبته في إنجاب ولد ، ليحمل اسمه ويحافظ على سلالته ، وفي أمسية شتائية ممطرة طرح على الزوجة فكرة الاقتران بامرأة أخرى لتحقيق أمنيته ، وقبل ان يتلقى الرد ، سمع صرخة استغاثة الزوجة" تعزينا وتصخمنا، زاير خرت الصريفة " ، وانشغل الزوجان حتى الصباح كبقية أبناء القرية في العمل على تفادي غرق حاجياتهم من أفرشة وطحين بمياه المطر ، ولم يفكر الزاير بطرح فكرته ثانية ، لكنها تركت لدى الزوجة الهواجس والمخاوف ، على مستقبل القوطية وتبديد ما فيها بدفع مهر الضرة المرتقبة .
استعادت صريفة الزاير بعد أيام حالتها الطبيعية ، وعاد الرجل لممارسة مهنته متنقلا بين القرى سيرا على الأقدام ، ليقدم خدماته الطبية للمرضى ، ليعود قبل الغروب محملا بالوارد اليومي ، وبعد أداء الصلاة وقبل تناول العشاء بادرته الزوجة بالسؤال عن مكان "القوطية " ولم يعر اهتماما لسؤالها ، ورد عليها بالقول، بانه خبير بمكائد النساء، وأمرها بان تنقل القوطية إلى مكانها على الفور ، وتكف عن هذه اللعبة ، لأنه قرر الزواج ، ولن يتراجع عنه ، شعرت الزوجة بالحرج لأن خطتها فشلت وانفضحت ، وفضلت النوم في تلك الليلة بجوار السرير لتفكر بخطة جديدة لإحباط مشروع زواج الزاير .
وتكشف الأحداث في ما بعد بان الزاير تزوج مرتين ، وتخلى عن الصريفة وشيد له بيتا جمع فيه زوجاته الثلاث ، ولم يحقق أمنيته في إنجاب "ولي العهد " وقبل ان يرتبط برابعة ، غادر الحياة نتيجة إصابته بمرض عضال ، وحكاية الرجل تصلح لأن تكون درسا للسياسيين أصحاب الرغبة في البقاء في مناصبهم ومواقعهم لدورات متتالية ، تحت شعار "انتخبوا زاير عودة" .
انتخبوا زاير عودة
[post-views]
نشر في: 25 أغسطس, 2013: 10:01 م