يبدو أنّ العالم استيقظ ولو متأخراً، على هول مجزرة كيماوي غوطة دمشق، وهو يتحضّر لعمل عسكري ضد نظام الأسد، ورغم أنّ الرئيس أوباما لم يتخذ قراراً بعد بشأن توجيه الضربة المحتملة، فإنه قال إن الوقت يقترب، وشدّد أنّ حكومته تواجه الآن إطاراً زمنياً أكثر قصراً، بشأن اتخاذ قرارات مُهمة تتعلّق بسوريا، في حين يقوم المسؤولون الأميركيون بجمع المعلومات. ومن جانبها غرّدت سوزان رايس، مستشارته للأمن القومي، أنّ ما حدث في ضواحي دمشق، كان هجوماً واضحاً بالأسلحة الكيمياوية، وهكذا تتوارد الأنباء، أنّ وزارة الدفاع الأميركية، تعكف على التحضيرات الأساسية لتوجيه ضربة بصواريخ كروز من البحر لقوات النظام السوري، وصدرت الأوامر بتحريك سفن للبحرية الأميركية، لتكون قريبةً من الشواطئ السورية.
ومع اعتراف سوريا الرسمية، ومعها إيران، أنّ الكيماوي استخدم في ريف دمشق، تمّ الإعلان عن اجتماع عسكري عال لقادة عرب وغربيين في الأردن خلال أيام، بالتزامن مع انعقاد اجتماعات واتصالات غربية تجري على قدم وساق لتدارس الموقف، وأشار وزير الدفاع الأميركي بقوة، إلى أنّ بلاده تضع قواتها البحرية في أوضاع مُناسبة، تحسباً لأيّ قرار يتخذه أوباما بالقيام بعمل عسكري في سوريا، ذلك أنّ على البنتاغون مسؤولية تزويد الرئيس بالخيارات لكل الحالات الطارئة، وهذا يتطلّب وضع قواته وإمكاناته في أوضاع مناسبة، لتكون قادرة على تنفيذ الخيارات المُختلفة، مهما كانت تلك الخيارات، ويبدو أن ضربة بصواريخ كروز من البحر ستكون لها الأولوية، لأنها لن تُعرّض حياة أي أميركي للخطر، وستكون وقائية ليس هدفها الإطاحة بالأسد، وإنما التأكيد على أنّه لن يُفلت من فعلة استخدام أسلحة كيمياوية.
تتحرك واشنطن وهي تؤكد أنّ الحرب الأهلية السورية تمس جوهر المصالح الأميركية، وتسعى للتأكد من عدم انتشار أسلحة الدمار الشامل، وعلى الحاجة لحماية حُلفائها وقواعدها في المنطقة، بشكل منفرد حتى اللحظة، لكنها تُعلن أنه يجب على المجتمع الدولي العمل بشكل منسق، وأنّه في حال أكدت المخابرات والحقائق استخدام أسلحة كيميائية، فإن القضية لن تتعلق بأميركا فقط، وستكون قضيّة المجتمع الدولي، وفي الأثناء كشفت مصادر أمنية أميركية وأوروبية، أنّ تقييماً مبدئياً لأجهزة المخابرات الأميركية والمتحالفة معها، يُشير إلى أنّ قوات الأسد استخدمت أسلحة كيماوية، وأنّ الهجوم حصل على الأرجح بموافقة من مسؤولين كبار في حكومة الأسد، وأطلقت لندن من جانبها دعوات، للسماح لمفتشي الأمم المتحدة بدخول موقع الهجوم، وقالت إنها ستلجأ إلى مجلس الأمن الدولي، لتطلب تفويضاً أقوى إذا لم يتم السماح للمفتشين بالدخول.
اسرائيل وهي لاعب أساسي، سرّبت أنباء اتخاذ قرار أميركي بضرب قوات الأسد، وتلقى أوباما عرضاً مفصلاً لمجموعة من الخيارات المحتملة، بخصوص كيفية الرد على مجزرة الغوطة الكيماوية، وهاتف بعده رئيس الوزراء البريطاني، واتفقا على التشاور بشأن الردود المحتملة من جانب المجتمع الدولي، وجاء رد دمشق على لسان وزير إعلامها بأنّ ضرب سوريا بكل الأحوال ليس نزهة لأحد، من أي طرف كان، وتداعياته ستكون خطيرةً جدا، وستكون فوضى وكتلة من النار ستحرق الشرق الأوسط، والمدهش هنا ربطه بين الضغط الأميركي والحرب ضد الإرهاب، وكأنّ واشنطن مُنزعجة من نظام الأسد لسبب وحيد، هو حربه المقدسة ضد الإرهاب، وكأنّ أطفال الغوطة إرهابيين تدربوا في معسكرات القاعدة.
الأيام المُقبلة حُبلى ولكن ليس بالمفاجآت، وعلى الذين استهتروا بحياة شعبهم تشبثاً بالسلطة، دفع الثمن الذي سيكون باهظاً. وانتظار أسبوعين آخرين، او حتّى شهرين، ليس كثيراً على السوريين.
حرب دولية ضد الأسد
[post-views]
نشر في: 25 أغسطس, 2013: 10:01 م