ماذا سيتحقق لجمهور السيد حيدر الملا حين ينسى كل اندحاراتنا ويفتح النار على "صور الخميني"؟ وهل آية الله الخميني سوى ذكرى مؤلمة للحماقات العراقية والإيرانية التي قادت البلد وتقود المنطقة اليوم مع شبيهاتها، الى أسوأ طبقات العالم السفلي؟
وفي وقت تشتد فيه الحاجة لردم الهوة النفسية والاجتماعية بين ابناء العراق، لمواجهة بلايانا المشتركة، وموتنا الواحد، وفساد لصوصنا الذي كرس التخلف التاريخي، ما هي حاجة السيد ابراهيم الجعفري وحلفائه، برفع صور آية الله الخميني في بغداد، وماذا سينفعنا ذلك او ينفع فلسطين وكل القضايا المذبوحة؟
هل "زعل" احدكم حين قلت قبل ايام، اننا سُنّة وشيعة في العراق، "جزء فائض من طوائفنا، تجري التضحية به لصالح جزء آخر من الطائفة يزعم ان في عروقه دماء ملكية، ويتحصن بالصحارى والهضاب، ليقدمنا قرباناً لمنعته وحصانته وعزته"؟
كل قضايانا منسية، الا تلك الخلافات العميقة التي تعود الى زمان سالف، ونتولى نحن رعايتها وبث الحياة فيها، ونمنع نسيانها. نتحدث احيانا عن ضرورة امتلاك جرأة للحوار مع جميع الاطراف والتنازل عن كل حواجزنا النفسية المتراكمة، من اجل انقاذ بقايا الحل السياسي في بلادنا ومع جيراننا، بل نتنازل حتى عن مياهنا الاقليمية وممراتها المحدودة والضيقة، أملاً في تهدئة الخصوم والجيران الذين نجحوا في تقديمنا أمام المجتمع الدولي كمجانين ينبغي الحجر عليهم وتضييق خياراتهم. لكن كل هذه التنازلات المؤلمة، تتبخر جدواها حين نفاجأ ب"الحكماء" وهم يقحموننا في قضايا لا طائل منها سوى نكء الجراح، فيرفعون صورة رموز يدور حولها الجدل شيعياً وسنياً. ثم يأتي "حكماء" آخرون، وبدل ان يحاولوا معالجة الموضوع بتدبير يقدر كل سوئنا الداخلي، فإنهم يتخذون من الامر مناسبة لتسخين الانقسام السياسي والاجتماعي.
وكلا الطرفين يقوم بدور طفولي. وليت شعري، فهل كان حالنا سيصبح بهذا السوء، لولا السلوك الطفولي الذي يمارسه ناقصو الحكمة منذ سقوط صدام حسين، ومن الجانبين المتناحرين، في ظل صمت غامض يطول أحيانا، من قبل ما تبقى من حكمة لدى عقلاء كل المجموعات؟
والخشية كل الخشية، ان يشعر ناقصو الحكمة والتدبير من كل الطوائف، بأنهم ذاهبون الى صناديق الاقتراع مفلسين، فيلجأون الى تسخين المشاعر، خاصة وأن الامر سيخضع لتطورات الموقف الدولي مع سوريا وايران وحزب الله، ويفتح شهية الزاعقين من كل صوب، لقول كل ما هو مضر بمشكلتنا الداخلية الرهيبة.
ان الأمة العراقية التي تعيش فوق خارطة مصالح كبيرة وعميقة، امام هدف كبير واحد، هو الإصرار على دعم اتجاه الاصلاح الذي تبلور خلال الشهور الماضية، وقال كلاماً خفف احتقان الطوائف، وشرع قوانين تصحح وتعدل. وحماية هذا الاتجاه وتشجيعه ينبغي ان تنفصل عن كل قضية ثانوية، او سلوك طفولي. وكذلك فإن مسعى الاصلاح، لن يتأثر بمحاولة المحكمة الاتحادية، الايحاء للجمهور بأن المالكي لا يزال على قيد الحياة السياسية، عبر نقضها المتوقع لقانون تحديد الولايات. ذلك ان رغبة الشعب واضحة بالتغيير، ورؤية انتقال وتداول للسلطة، يمنع احتكارها لدى حزب او فرد، ويعبر بنا عقبة العجز عن تغيير الفاشل ومحاسبته. وهذه الرغبة عبرت عن نفسها بقوة في اقتراع نيسان الماضي، ومنحت أملاً للمقاطعين انفسهم، سيشجعنا على مشاركة اوسع في الانتخابات، للمساعدة في صناعة شيء مختلف، ووضع قاعدة كبيرة هي مفتاح الإنقاذ، تنص على ان ارادة الشعب وعقلائه، قادرة على تغيير اي طاقم فاشل ومحاسبته، حتى لو أحاط نفسه بأسيجة الحماية الاقليمية والدولية والبترولية، وتصور ان المال والجند، تنصبه زعيماً لمافيا تختطف الدولة.
أي انشغال عن هذه القضية الكبيرة، بموضوع ثانوي، هو علامة الإفلاس. والأمر سيسهل علينا فرز المفلسين المتعاركين على وضع الصور ورفعها، وسيسهل كذلك وضع نهاية لأحلام ولاية فاشلة جديدة.
صور للخميني وولاية للمالكي
[post-views]
نشر في: 27 أغسطس, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 6
حسن الدراجي
بعبارة لا تعرف المجاملة السياسية ،مثلما لا تجيد فن صناعة الاعمدة في الصحف اليومية ، وبدون مداهنة ، نقول ان من يدافع عن رفع صور الايرانيين في شوارع بغداد ومدن العراق الاخرى ،تحت حجة القداسة ، مثل هكذا سياسي مشكوك في عراقيته وتدور حوله الشبهات ..
محمد نعيم القريشي
كلنا نعرف يا استاذ سرمد دعوة الامام الخميني للتظاهر في اخر جمعة من رمضان لنصرة القدس لكن نحن العراقيون نبالغ قليلا في الاستعراض رغم انها دعوة صادقة فمالذي اضر حيدر الملا هل قل راتبه او الغوا تقاعدة او منعو الحفلات التي يقيمها في عمان ان مشكلتنا تكمن في
ابو مصطفى العراقي
ايها الكبير سرمد الطائي انت تنفخ في قربة مقطوعةمقطوعة واقول للامعة الجعفري هل تقبل ان ترفع صور للقرضاوي في بغداد والمحافظات الاخرى
Iraqi
تستفزني صورتا صدام والخميني معا فهم صنعوا خراب بلدينا العراق وايران وضياع شبابنا. من يمجد شخصا ليعلقها في غرفة نومه فهو حر لا يجبر المارة في الشارع على تمجيد ما يمجدهه.
حيدر العراقي ـ بغداد
المسألة لا تتعلق بحيدر الملا او غيره بل بنا نحن الشعب العراقي كيف ارتضينا ان ترفع صور خميني وخامنئي في بلادنا برغم ان تلك الصور لا ترفع حتى في ايران .. هل صرنا ملكيين اكثر من الملك .. ام ان وراء الاكمة ما وراءها؟!! .. تحياتي
شاكر راضي
الأستاذ سرمد المشكلة تكمن في العقلية المتخلفة لدى ما يسمى بالشعب العراقي.السنة والشيعة في العراق والمنطقة الناطقة بالعربية والتي تدين بالأسلام تنبش في مزابل التاريخ وتهمل المستقبل وكل ما يحصل لها وبها مستحق لأن شعوب العالم تركز على العلم والتقدم وقيمة الأ