رب الأسرة ناشد زوجته وأبناءه الكبار الثلاثة التعامل برفق مع ضيفهم ، وتجاوز ما ارتكبه من إساءة ، خصوصاً انه قادم من مكان بعيد ، ويريد التوجه الى مدينة الكاظمية لأداء الزيارة ، وهذا التحول بالسلوك ، يتطلب الدعم والتشجيع ، وغلق ملفات الماضي ونسيان الصفحات القديمة الى الأبد ، تعبيراً عن التسامح والمحبة والعفو عند المقدرة .
رابع الأبناء وهو الأصغر سأل الأب عن إساءات الضيف السابقة ولم يجد جواباً ، فلجأ الى امه لمعرفة حقيقة الرجل وما اقترفه من ذنب بحق الأسرة ، ففشل في الحصول على معلومة منها فاضطر الى توجيه السؤال لشقيقه الأكبر ، فحصل على وعد بالجواب، ولكن بعد ان يمضي الضيف ليلته ويغادر المنزل في الصباح .
في اليوم التالي سرد الابن الأكبر قصة الضيف من الألف الى الياء ، لشقيقه الأصغر ، في خرق فاضح لدعوات الأب المستمرة ورفضه الحديث عن إساءات الاشخاص حتى لايسمعها الآخرون فتنطبع في أذهانهم تصورات سلبية عن أولئك الأشخاص ، بفعل ممارساتهم السابقة ، وتعرف الصغير على الاسم الحقيقي للضيف "جليجل" حذفت الجيم الثانية واصبح فيما بعد يحمل اسم جليل ، وتستوقف الصغير حادثة سرقة راديو وقلم حبر من نوع باركر 21 وستة دراهم ، يوم زار جليجل الأسرة في زمن بعيد ، وتوارى عن الأنظار لحين حل ضيفاً باسمه الجديد ، ولم يتطرق راوي الأحداث الى ذكر تفاصيل اخرى لأنها من وجهة نظره غير صالحة للكشف أمام الابن الأصغر .
سجل سيرة جليجل يشير الى انه كان في مقتبل عمره وخلال أيام عاشوراء يقوم بجولات في قرى جنوبية ، ويختار المجالس الضخمة ، ليشكل لنفسه خارج المضيف حلقة تضم صغار السن من الصبيان والفتيات ، متقمصا دور الرجل الورع المؤمن أثناء سرد واقعة الطف ليكتسب المزيد من الخبرة ليحظى بفرصة الدخول الى المجلس الكبير والجلوس على المنبر لكن أمنيته تبددت بعدما اكتشف رجال القرية ان جليجل يجهل القراءة والكتابة ، وما عزز هذه القناعة عندما سمعه احد المتعلمين يقول "سلت سيفه" يقصد استل سيفه ، واثر هذه الفضيحة اللغوية ، قرر جليجل الرحيل باحثاً عن مكان اخر ، يوفر له الطعام والمنام ، وقد ارتدى العمامة ليكسب احترام وتقدير من يؤويه ، لكنه فرط بهذه النعمة عندما حاول التحرش بفتاة صغيرة فطرد في ليلة ظلماء تلاحقه الكلاب وتهديدات الرجال بكسر رجله ان وصل اليهم مرة أخرى .
رب الأسرة على اطلاع كامل بتفاصيل وممارسات وحماقات الضيف ، ولإيمانه بالتسامح وتجاوز أخطاء الآخرين تعامل باحترام كبير مع جليل ، ووبخ الرجل زوجته عندما وجهت السؤال للضيف لمعرفة مصير الراديو، بقوله "سالفة عتيكة مرت عليها سنون" ليس من المستحسن إعادتها في هذا الوقت. وجليل الملا اليوم ضيفنا العزيز ، وزارتنا البركة ، وليس من الإنصاف واللياقة إحراجه ، فأعطى درساً بالتسامح والمصالحة ورفقاً بالملا، يقصد جليل جليجل سابقاً، ولا يعني أي ملا آخر.
رفقاً بالملا
[post-views]
نشر في: 30 أغسطس, 2013: 10:01 م