TOP

جريدة المدى > عام > ممرٌ واضح بين ادورنو و جادامر

ممرٌ واضح بين ادورنو و جادامر

نشر في: 31 أغسطس, 2013: 10:01 م

الجهد الفكري الذي بذلته عقول ممتازة، وضعته المؤسسات العاملة في "ثقافة الحرب الباردة" في المواقع التي تريدها. معنى الكلام، وظفته لتوجيه مجمل الأفكار والنظريات الى حيث كان مطلوباً في الستراتيج العام للثقافة الغربية.ونحن لا نستطيع باي حال نكران اهمية تل

الجهد الفكري الذي بذلته عقول ممتازة، وضعته المؤسسات العاملة في "ثقافة الحرب الباردة" في المواقع التي تريدها. معنى الكلام، وظفته لتوجيه مجمل الأفكار والنظريات الى حيث كان مطلوباً في الستراتيج العام للثقافة الغربية.
ونحن لا نستطيع باي حال نكران اهمية تلك الافكار ولا دورها في تطوير ثقافة العصر. ولكي تظل في مسارها الصحيح ضمن توجهات الثقافة الانسانية، ليس لنا ما نعتمده الا اعادة القراءة ثانية وبعد ان امتلكنا روح الحياد اكثر من اي وقت مضى في القرن العشرين.
ان قراءة ثانية متأنية تحترم الافكار، يمكن ان تكشف الممر المضيء المتخفي. فلا نخسر تلكم الافكار اولاً، ونفيد ثانية من انتباهاتها ورؤاها في اغناء الفكر الانساني والمدى الانساني للثقافة التقدمية.اقدم هنا قراءتين، لناشطين فكريين او قضيتين من قضايا الفن، واتلمس بينهما الممر المضيء الخاص الذي نوهت عنه. سلوك مثل هذا ، اذا ساد، سيزيل الكثير مما يعترض الوضوح والجدوى.. "في الصناعة الثقافية، يقول كهايمر- ادورنو، لا يُعد الفرد وهماً بسبب تحوله نموذجاً (كما تفعل وسائل الانتاج) بل لا يمكن تحمله الا بقدر ما لا تترك هويته الكلية مع العام أي شك ..."
هذا القول يمكن تفسيره على غير ما هو شائع. انه يقول بمحو الخلاف، في صنع المستقبل، بين الفرد  والمجموع. الفرد نتاج متميز ضمن النتاج العام. أي ضمن ما يقدمه الحاضر للمستقبل. المستقبل تصنعه انسانية الحاضر. هو نتاج هذه "الحقبة التاريخية" بحسب جادامر، (تجلي الجميل).
وهذا النزوع، او الفهم، جعل كلَّ ما لايسهم في بناء مستقبل الانسانية، عملاً او انجازاً، غير عقلاني. أي خارج الوعي. وهنا خارج الوعي تعني متخلفاً، غير فاعل، عبثياً .
وفي ظل هذا نشهد مجتمعات قديمة ارتحلت مع افكارها او معتقداتها القديمة. فحيثما الميثولوجيا تتوقف عن بناء المستقبل، تنحسر هي والمتمسكون بها. الانسانية تظل انسانية حيّة بتحركها الى المستقبل: "حين يحل نمط عيش جديد لديانة جديدة، أو لفكر جديد، فإن هذه الطبقات القديمة والشعوب والقبائل تترافق عادةً مع آلهتها القديمة. وحين تقاد الشعوب الى حياة جديدة واضواء جديدة، فالعادات والطقوس والشعائر القديمة قد تتحول الى جرائم  أو الى اوهام تعلق بالمسيرة (المصدر السابق).
ومن هنا، لا غرابة في القول (عملياً) بان لا أهمية لأن تعرف من وما يموت. ما يهم هو العلاقات بين مختلف الحالات ومتطلبات العِشرة. وما يثار في هذه الصيغة ليس الفردية، بل قانون العدد الأكبر.. وهذه النقطة هي التي صارت اساساً لإشكال فكري، او منطقة هجوم للمدرسة التي تؤكد على الفردية على تلك التي تؤكد على الحشد. ارجو ان يكون واضحاً ان الاولى تؤكد على ما هو ضد المسعى العام. فالعقل المكتمل لا يرى الخاص مستقلاً. هو في كل حال يعيش ضمن العام وضمن اطار التقدم الجمعي، او السقوط ضمن ما تخلفه المسيرة أو الفعل.
الموقف مماثل لمسألة هل الفن الذي يرونه "تاريخياً" أو الفن الذي يبدو "تقدمياً". فمظهر الفن بوصفه تاريخياً يمكن وصفه بعدِّه وهم ثقافة. وما يكون ذا دلالة هو فقط ما يكون مألوفاً لنا عن طريق تقليدنا الثقافي. ومن ناحية اخرى فإن مظهر الفن بوصفه تقدمياً هو أمر يعضده وهم نقد الايدولوجيا وهو يزعم بان التاريخ ينبغي ان يمكِنّ الآني من ان يبدأ من جديد. حيث نكون على ألفة تامة بالتقليد الذي نقف عند نهاياته مغادرينه الى القادم.
"لكن اللغز الذي تخلقه قضية  الفن هو تحديداً لغز تعاصر (معاصرة) الماضي والحاضر .." ( جادامر).
وفي الحالتين هو منطق واضح يحكم بين حالتي الفرد – العام و صلة الفن تاريخيا و الفن تقدمياً. كما ترون، انهم يحدثون "الارباك" بقصدية. والا فأين التناقض في حالة النظر بهدوء لكلية العمل وأجزائها؟ الخاص يعمل بامتياز ضمن العام وادراك التقليد الفني متقدمين منه الى المستقبل؟ ليس ما يربك!
الفعل الإنساني في حال نضجه واكتمال مغزاه ينتج، او يتحول، رمزاً. ومجموع  الافعال تنتج تقليداً رمزياً مشتركاً. والتقليد الرمزي المشترك هو تمهيد "إدراكي" للانتقال الى مرحلة قادمة، من الوعي الى الفعل. والبشرية في عموم مسعاها تعمل لانتاج هذا المدى المشترك من المعنى. المراحل محطات طريق الى المستقبل. أي لتوالي التقدم. فنحن اذن، ويجب ان نكون، أمام مسؤولية عملنا ساعات انتاجنا أو إبداعنا. في العموم هذا العرض، يضعنا مباشرةً أمام إسهامنا في صنع المستقل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

تضاربات بين مكتب خامنئي وبزشكيان: التفاوض مع أمريكا خيانة

حماس توافق على وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى

البرلمان يعدل جدول أعماله ليوم الأحد المقبل ويضيف فقرة تعديل الموازنة

قائمة مسائية بأسعار الدولار في العراق

التسريبات الصوتية تتسبب بإعفاء آمر اللواء 55 للحشد الشعبي في الأنبار

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

موسيقى الاحد: الدرّ النقيّ في الفنّ الموسيقي

في مديح الكُتب المملة

جنون الحب في هوليوود مارلين مونرو وآرثر ميلر أسرار الحب والصراع

هاتف الجنابي: لا أميل إلى النصوص الطلسمية والمنمقة المصطنعة الفارغة

كوجيتو مساءلة الطغاة

مقالات ذات صلة

علم القصة: الذكاء السردي
عام

علم القصة: الذكاء السردي

آنغوس فليتشرترجمة: لطفيّة الدليميالقسم الاولالقصّة Storyالقصّة وسيلةٌ لمناقلة الافكار وليس لإنتاجها. نعم بالتأكيد، للقصّة إستطاعةٌ على إختراع البُرهات الفنتازية (الغرائبية)، غير أنّ هذه الاستطاعة لا تمنحها القدرة على تخليق ذكاء حقيقي. الذكاء الحقيقي موسومٌ...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram