رغم انسحاب بريطانيا من العملية العسكرية الغربية المنتظرة ضد نظام الأسد، فإن الرئيسين الاميركي باراك أوباما والفرنسي فرنسوا هولاند، أعلنا أنهما يتشاركان اليقين نفسه، بشأن الطبيعة الكيماوية للهجوم، والمسؤولية الأكيدة للنظام السوري، وأكد هولاند تصميم فرنسا القوي على الرد، وعدم ترك هذه الجرائم دون عقاب، وأعلن أنه لمس التصميم نفسه من جانب أوباما، وهكذا دعا الرئيسان المجتمع الدولي إلى توجيه رسالة قوية الى نظام الأسد، واتفقا على ضرورة عدم تسامح المجتمع الدولي مع استخدام أسلحة كيماوية، وضرورة تحميل النظام السوري المسؤولية، وتوجيه رسالة قوية للتنديد باستخدامها، واعتبر أوباما أن استخدام الأسد للكيماوي تحد للعالم، وتهديد لحلفاء أميركا في المنطقة.
بعد تراجع بريطانيا، أعلنت ألمانيا رغم رفضها المشاركة، دعمها لتحرك الأسرة الدولية، وأعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، أن استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية يتطلب رداً من المجتمع الدولي، لكنه استبعد مشاركة مباشرة للحلف، في حين رفض رئيس الوزراء التركي الاكتفاء بعملية عسكرية محدودة، معتبراً أن أي تدخل ينبغي أن يهدف إلى إسقاط النظام السوري، ومع اقتراب موعد انطلاق الصواريخ، يتيقن العالم أن خطيئة الأسد باستخدامه الكيماوي، حذفت من المعادلة إمكانية الحل على الطريقة اليمنية، ولم يعد في الحسابات بقاء الأسد في الرئاسة حتى الانتخابات الرئاسية في العام المقبل، والصفقة المحتملة اليوم، تتمثل بشطب أي دور للأسد والمقربين، وتمنح الفرصة لعناصر مهمة واستثنائية في جيشه، لحسم الصراع بما يُرضي الأطراف الدولية كافة.
ما يثير الانتباه والشكوك، هو الحجم الهائل للتسريبات حول المواقع والأهداف المستهدفة، حيث يستنتج البعض أن ذلك يستهدف التنصّل من الضربة في اللحظة الأخيرة، أو دفع اللاعبين الآخرين إلى التوصل إلى تفاهم، أو صفقة تحول دون الحاجة إلى التدخل العسكري، بينما يرى آخرون أن التسريبات خدعة، وأن أوباما سيرد على من اتهمه بالضعف والجبن، بضرب مواقع مختلفة تماماً عما تم تسريبه، ولذلك يتم التمويه حول موعد الضربة، مع التأكيد المستمر على استخدام النظام السوري اسلحته الكيماوية ضد المدنيين، ما يعني أن انتظار مغادرة الفريق الأممي الأراضي السورية، هو من أجل سلامته وليس انتظاراً لتقريره، ويُفسّر ذلك محاولات دمشق إطالة بقاء الفريق في الأراضي السورية، بدعوته لتفتيش المزيد من المواقع، كما يفسر المحاولات الروسية تأجيل الضربة بانتظار تقرير فريق التفتيش.
الضربة المنتظرة ستؤدي إلى فتح الباب أمام اقامة منطقة حظر طيران، أو مناطق آمنة وممرات أمنية في شمال وجنوب سوريا، ورغم كل تصريحات واشنطن بأن الهدف ليس القضاء على النظام، وإنما معاقبته وتأديبه، فإن إقامة منطقة حظر الطيران، ستكون الضربة القاضية للنظام، الذي سيفقد بالتأكيد القدرة على معاودة استخدام الكيماوي، ويمنح ذلك بالطبع الفرصة لانشقاقات نوعية في قيادات وقطعات الجيش النظامي، وخلال أيام قلائل سنجد أنفسنا في أتون معركة تغير خريطة موازين القوى في الشرق الأوسط، كما في نوعية العلاقات الدولية، ذلك أن نتائج المعركة على سوريا ليست مصيرية فقط لإيران، وإنما للمنطقة العربية بمجملها، حيث تؤدي إلى فقدان إيران وتركيا وإسرائيل ميزة أن تظل القوى الفاعلة في الشرق الأوسط، فحرب سوريا قد تكون محطة تؤدي الى سلام في الشرق الأوسط، عبر خريطة موازين قوى من نوع آخر، وفي كل الأحوال سيدفع المواطن السوري الثمن.
هل يُفضي ضرب الأسد للسلام
[post-views]
نشر في: 31 أغسطس, 2013: 10:01 م