اهزوجة واغنية رددها معظم المصريين، منذ زمن، وعمموها على الآخرين، وفي الخامس من حزيران في العام 1967 حصلت النكبة او النكسة، وتحقق النصر لإسرائيل، باعتراف القادة العرب، فتوالت النكبات، والمآسي، وانعقدت عشرات مؤتمرات القمة، واتفق الحكام واختلفوا، وتشبثوا بعروشهم، وناصبوا العداء للديمقراطية، لأنها تهدد امن السلطة، فأعطت المنطقة العربية لدول العالم نماذج أنظمة، تحارب العدو عبر إعلامها الرسمي، بخطابات وشعارات، واغنية يا اهلا بالمعارك، وجغرافيتها تضم معتقلات وسجونا سرية، شيدت للمعارضين، واعلنت حالة الطوارئ، والأحكام العرفية لتلاحق من يطالب باجراء انتخابات لتحقيق حلم الديمقراطية.
تتوالى النكبات، والحكام يبحثون عن اساليب مبتكرة للمكوث الازلي في القصر الجمهوري او البلاط، وهناك من سخر القضاء لتعديل الدستور، ليضم مادة تجيز للرئيس منح نجله منصبه بدعم وتأييد، وتظاهرات تبارك الخطوة التاريخية للحفاظ على مقدسات الامة وتحقيق مشروعها النهضوي، وغيرها من "الملخيات" يرددها الصغار قبل الدخول الى الدرس الاول، والاباء يخشون الحديث امام الابناء عن ممارسات السلطة وانتهاكاتها، والنموذج العراقي خير دليل على تكميم الافواه نتيجة الشعور بان شبح رجل الامن، دخل الى غرف النوم والاماكن الخاصة، وله القدرة على سماع الاهات والحسرات، فيدونها بتقريره السري ثم يرفعها الى الجهات العليا فتكون دليل ادانة، هل يوجد شخص من شعوب الارض انتابه هذا الشعور؟ لاشك ان هذا النوع من الخوف واحد من سمات المنطقة، تجذر وتعمق بالنفوس، فاصاب سكانها الاحباط، وتناولوا اليأس مع غذائهم اليومي اثناء متابعة مشاهد "صور من المعركة" وسماع اغنية يا اهلا بالمعارك المصيرية والتاريخية لرد الغزاة ودفنهم على مشارف الحدود.
حرب الخليج الثانية المعروفة باسم "عاصفة الصحراء" انتهت بتحرير الكويت، وتدمير البنية التحتية للعراق، ورافقتها عقوبات اقتصادية صارمة، تحمل أعباءها الثقيلة الشعب العراقي لأنه قابع وراء جدران الخوف، وتطلعاته بالخلاص مستحيلة، فليس أمامه إلا المنافي، وانتظار فرصة تحقيق المستحيل بعمل عسكري خارجي، وفي العام 2003 حدث الزلزال باحتلال اميركي للبلاد، قتل تطلعات الراغبين في الخلاص، بأكذوبة تحقيق نظام ديمقراطي، على يد قوى تراها الادارة الاميركية، جديرة بنقل العراقيين من النظام الشمولي، الى آخر يلبي طموحاتهم، ويزيح كل الصفحات السود في تاريخهم السياسي.
العراقيون كسروا حاجز الخوف من السلطة، لكن خوفهم على ديمقراطيتهم اخذ يتكرس بفعل سوء الاداء السياسي، وصراع الإرادات، وبروز خلافات عميقة، باتت اليوم بحاجة إلى زلزال اخر لتصحيح المسار، ولكن ليس على الطريقة الأميركية.
الولايات المتحدة وبعد تجربتها في العراق، ليست مثل العرب، في استخدامهم لأغنية يا أهلا بالمعارك، فهي لا تعنيها الاضرار المحتملة من حدوث زلزال في المنطقة، عندما تتوفر الفرص والاجواء الملائمة لتناسل جماعات مسلحة مستعدة لخوض حروب طائفية بامتياز على ايقاع يا أهلا بالمعارك. وشوف تاليها.
يا أهلاً بالمعارك
[post-views]
نشر في: 1 سبتمبر, 2013: 10:01 م