لا للحرب.. من سيسمعني إذا صرخت؟
عواد ناصر
من سيسمعني إذا ما صرخت من الملائكة؟
من سيسمعني إذا ما صرخت؟
من سيسمعني؟
الليلة نفسها، بمذاق لغوي عابر للقارات، ولكن بتوابل حريفة افتقدناها في تلك الليلة الآذارية عام 2003 في بغداد وعبر العالم وفي قلب المنفى ولا مكان للشعر ولا للسعادة الكاذبة بهزيمة دكتاتور وانتصار دكتاتور.. وهذا العمود قد ينشر بعد أن وقعت الواقعة!
كانت السعودية وقطر والكويت ترش العطور على بزات المارينز مثلما رشتها من قبل على بزات العرفاء الكيمياويين في بعث ما قبل أم المعارك!
مثل حرب المرايا المتقابلة: ذاك وجهه وهذا وجهه وسيحل وجه ثالث: السفلة أولاد السفلة.
هل صارت حروب الدول ذريعة لقتلنا؟
أكتب الآن بينما يقف العالم خلف بوارجه ومنصات صواريخه وقذائف فضائياته لضرب سوريا من دون أي ادعاء في معرفة ما سيحدث، وهل ما سيحدث أقل من كارثة حتى لو كانت مقتل عصفور في الكاتدرائية – عفواً إليوت - أو انهيار شجرة ياسمين في باب توما؟
ماذا لو خبأ الدكتاتور السوري أسلحته الكيمياوية أو بريده الرئاسي في دار الأوبرا؟
لماذا أكتب، إذا كانت الكتابة أسخف أسلوب لاتقاء الصواريخ؟
لماذا أكتب إذا كانت الكتابة اعتراف علني بالعجز؟
"من سيسمعني إذا ما صرخت من الملائكة" وأنا أستعين براينر ماريا ريلكه ذاك الشاعر الألماني/ النمساوي المتوحد الذي حول القصيدة إلى حرب على أوجاع الكائن البشري وعزلته؟
من سيسمعني إذا ما قلت إن دول العالم المتحضر تتحاور ديمقراطياً وتدير شؤونها الداخلية دستورياً وعلى غاية الحداثة واحترام الآراء، حتى إسرائيل، ثم تجيش الأنس والجن إذا لم تعجبها "عطسة" شرق أوسطية لأن المسلمين أولاد كلب والعرب لا يستحقون الحياة وأطفال بغداد ودمشق وبيروت والقاهرة وطرابلس وكابول.
من قال إن أطفالنا يفضلون "الحرية" على قناني الحليب؟
من سيسمعني إذا ما صرخت: أتوسلكم أن لا تشنوا حرباً جديدة.. فقد جربناها وخبرناها ومتنا فيها وجُرحنا وهُجرنا ولجأنا وتغربنا وأُفقرنا وضعنا وتهنا واختلفنا وخضنا حروبنا الأهلية التي أسعدتكم ووفرت عليكم مشقة قتلنا برصاص بالغ التكاليف، وكنتم تضحكون: المسلمون والعرب يتقاتلون – فخار يكسّر بعضه – في لبنان وأفغانستان وإيران والعراق ومصر وتونس والجزائر وليبيا وفي إسرائيل يرفعون أنخاب نصر في حرب لم تكلفهم سوى الفرجة!
أرأيتم كم دولة عربية هي مادة الحرب السوداء وهوامشها الحمر؟
نعم، دكتاتوريات تافهة وإسلاميون أتفه وساسة تجار ومتحدثون رسميون أميون وسكرتيرات غبيات وهواتف ذكيات في خدمة حاملات الطائرات و... التغطية مستمرة!
رجاء بلا حرب جديدة.
إن حكامنا الدكتاتوريين أجبن من أن يقاوموا جيوش الغزاة، وهذه حقيقة تعرفونها، فلا حاكم عربي سقط وهو يحمل سلاحه الشخصي دفاعاً عن وطنه، مثل سلفادور اليندي: واحد ألقي القبض عليه في حفرة والثاني هرب إلى السعودية والثالث اختبأ في مواسير الصرف الصحي، والرابع لم يحسم أمره بعد.
الدكتاتور العربي مخلوق قوي بالوهم فقط لكنه قادر على إبادة العزل من المدنيين الذين لا حول لهم ولا قوة فهو أضعف مخلوق عندما تعريه وتنزع أنيابه ونياشينه وصورته التلفزيونية، والمشكلة إنه ابن بيئة فاسدة ومتخلفة كثيراً ما تنجب أشباهه حتى لو كانوا أشد معارضيه، وتلك واحدة من فضائحنا السياسية القاسية.
وما العمل؟
الكفاح ضد الدكتاتورية والحرب، محلية جبانة أم عالمية استعمارية، لأن حروب الدكتاتوريين والمستعمرين ليست حروبنا.. نحن نكافح من أجل التحرر والديمقراطية والسلام والحب والأطفال.. وياسمين الشام.
ولكن.. من سيسمعني إذا ما صرخت؟
حرف علة عاجل
[post-views]
نشر في: 2 سبتمبر, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 1
محمد الموسوي
جميل جدا هذه الخاطرة ياعواد،آمل ان اقرء لك المزيد.تحياتي لك من شخص التقيته يوما في جبال كردستان وعلى صوت فيروز،البوسطة،حيث كان للعذابات معنا او هكذا خيل لنا وقتها نحن المغفلين