بعد تهجير أسرته من حي الدورة ، ونسف منزلها في أيام الاحتقان الطائفي ، لم يجد حيدر هاشم من وسيلة لتوفير دخل العائلة اليومي إلا بالنزول الى الشارع، وبيع السميط في التقاطعات وجسر الجادرية ، وفي بعض الأحيان ، يتوجه الى مسطر عمال البناء في حي العامل ، الشاب انهى دراسته الإعدادية ،قبل عامين ، ولم يستطع الدخول الى الجامعة ، وكان يأمل ان يستعيد الأب قواه من الإصابة بأكثر من مرض مزمن، ويعود لعمله في ورشة الحدادة ، ليأخذ على عاتقه دفع إيجار منزل يقع في عشوائيات حي المعالف بأطراف الكرخ .
أثناء استراحة حيدر وقت تقل حركة المركبات في التقاطعات ، يضع صينية السميط بجواره ويطلب من زميله بائع الجرائد صحيفة، ليطلع على ما فيها من أخبار، تتعلق بتعويض المتضررين من الأعمال الإرهابية ، وأثناء البحث عن الخبر او التصريح المطلوب، يستسلم لغفوة صغيرة ، ثم سرعان ما ينهض مذعوراً نتيحة سماع زعيق ينطلق من منبه سيارة ذات دفع رباعي، تعود لاحد المسؤولين، لطالما تمنى حيدر ان تقف السيارة احتراماً للإشارة الحمراء ، فيتوجه لمن فيها ليحدثه عن مشكلة أسرته ومساعدتها بترويج معاملتها المقدمة الى الجهات المعنية منذ العام 2007 للحصول على تعويض مالي جراء التعرض لعمل إرهابي .
بائع الجرائد في ساحة الحرية في الكرادة ابدى استعداده لمساعدة زميله أبو السميط ،لان الأول يتسلم يوميا مئات الصحف الصادرة من أحزاب مشاركة في الحكومة ليوزعها مجاناً، وعمله اليومي هذا جعله يتعرف على أشخاص ينتمون لتلك الأحزاب ، لربما تدفعهم العقيدة والأفكار والمبادئ لمد يد المعونة لحيدر حين يدعوهم لمساعدته ويعطيهم صورة موجزة عن مشكلته المستعصية .
بائع السميط التعيس علق آماله على جهود زميله ، عسى ان يلتفت القدر ليخلصه من واقعه الراهن ، فوضع الأمنيات على لائحة الانتظار كغيره من العراقيين في تحقيق الفرج ورفع المظلومية عن ضحايا العمليات الإرهابية وجرائم التكفيريين ، متشبثاً ببصيص أمل قد يجده في يوم ما منشوراً على شكل مانشيت عريض في صحيفة توزع مجاناً في التقاطعات العامة ، او أثناء بث خبر عاجل من فضائية عراقية تتناول أحداث البحرين يوميا ، وتدين ممارسات نظام المنامة لانتهاكه حقوق الإنسان ، و لقمعه التظاهرات المطالبة بالديمقراطية وتحقيق العدل والمساواة .
في تفجيرات حي العامل الأخيرة كان حيدر قريباً من الحادث فأصيب بجروح ، واثر ذلك نقل لاحد المستشفيات ، وخرج مصاباً بكسور في قدمه اليمنى ، مع توصية وإرشادات من الأطباء بالتوقف عن الحركة ، وتناول نوع من الغذاء يحتوي على الكالسيوم، والشاب تجاهل قول الأطباء ، لأنه لحظة ذاك كان يفكر كيف يصل الى منزله في حي المعالف ، وليس في جيبه مايدفعه لسائق سيارة الأجرة.
بائع السميط التعيس تصلح قصته لمسلسل تلفزيوني تنتجه الفضائية المعروفة بخطابها المستمر في الدفاع عن المظلومين في العراق والبحرين وقطاع غزة.
بائع السميط" التعيس"
[post-views]
نشر في: 2 سبتمبر, 2013: 10:01 م