أحسنَ مجلس النواب صُنعاً أمس بتصويته على رفض الطلب المقدم من كتلة الاحرار لمناقشة الاحداث التي رافقت التظاهرات الأخيرة، فهذا التصويت أثبت وعزز فكرتنا، وفكرة الأغلبية الساحقة من الشعب العراقي، عن المجلس، ولم ينقضها أو يهزّ الثقة بها.
والفكرة السائدة عن برلماننا مؤسفة للغاية، فهو في أعين الناس مؤسسة فاسدة، بفساد الأغلبية من أعضائه التي تُمرر القوانين "التعبانة" وتُعرقل تشريع القوانين التي فيها مصلحة للشعب، وتحول (هذه الاغلبية) دون أن يتمتع مجلس النواب بكامل صلاحياته الدستورية بوصفه، بالاضافة الى سلطته التشريعية، سلطة رقابة حازمة وصارمة وأمينة على أعمال الحكومة وسائر مؤسسات الدولة.
لو لم يكن المجلس فاسداً (بفساد أغلبيته) لأدرك ان موضوع التظاهرات يتعيّن أن يكون على رأس جدول عمله في جلسة أمس، ولأتاح الفرصة الكافية للأعضاء لكي يناقشوا هذا الموضوع بإسهاب.
التظاهرات عبّرت عن موقف شعبي واسع. وهذا ما أقرّت به الحكومة التي أعلنت تفهمها للمطالب المرفوعة فيها وتأييدها لها. ومن المفترض أن مجلس النواب يمثل الشعب، وكان من اللازم أن يتبنى المجلس ما يتطلع اليه الشعب وما يرغب فيه، وأن يعمل لتحقيقه، فهذه هي المهمة الأساس التي أُنتخب الأعضاء لها.
تصويت مجلس النواب على رفض طلب كتلة الأحرار يعني ان الأغلبية من أعضاء المجلس يناهضون موقف الشعب والهيئات الاجتماعية المختلفة، المدنية والدينية.
مطلب إلغاء الرواتب التقاعدية والامتيازات الممنوحة للنواب وسائر المسؤولين الكبار في الدولة أو الحدّ منها ليس هو الموضوع الوحيد الذي كان يستحق المناقشة في مجلس النواب، اذا كان النواب حريصين على امتيازاتهم الى هذا الحد الجنوني، فموقف الحكومة المُسبق المناهض للتظاهرات، في مخالفة صريحة وفاقعة لأحكام الدستور، والتعامل المتعسف لقوات الأمن مع المتظاهرين هذه المرة أيضاً (في الناصرية وبغداد خصوصاً)، كانا مما يستدعي المناقشة في الهيئة التمثيلية للشعب. بل كان من الواجب أن يمارس البرلمان دوره ويؤدي واجبه في مساءلة قيادات حكومية تقع عليها المسؤوليات المباشرة أو غير المباشرة عن هذا الانتهاك للدستور .. الدستور الذي بموجبه تولّى النواب مناصبهم التي بواسطتها حصلوا على رواتبهم العالية وامتيازاتهم المبالغ فيها.
موقف مجلس النواب أمس ينبغي ان ننظر اليه بوصفه المسمار الأخير في نعش هذه الهيئة التي خيّبت الآمال على الدوام... اننا في الواقع بإزاء برلمان ميت، وإكرام الميت يكون بدفنه. لم يعد ثمة أمل يرتجى من هذا المجلس مادام أعضاؤه لا يبالون إلى هذه الدرجة بما يجري لمن انتخبوهم من تعسف ومصادرة لحقوقهم الأساس.
مجلس النواب عكس التيار
[post-views]
نشر في: 3 سبتمبر, 2013: 10:01 م