اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تشكيل وعمارة > الوعي المؤجل.. المتحف المؤجل

الوعي المؤجل.. المتحف المؤجل

نشر في: 6 سبتمبر, 2013: 10:01 م

هل تحول الفنانون التشكيليون الى فئة مهمشة ومعزولة, برغم حصانتهم التي بنتها ونمتها ذاتهم المتمرسة المتمردة. وهل ثمة من لا يزال يشرع للتجريم والتحريم التشخيصي, كما هو حادث في العزل الجنسي الممنهج الذي تشهده مدارسنا ومعاهدنا, بشبهة الجنس المحرم, وهو افت

هل تحول الفنانون التشكيليون الى فئة مهمشة ومعزولة, برغم حصانتهم التي بنتها ونمتها ذاتهم المتمرسة المتمردة. وهل ثمة من لا يزال يشرع للتجريم والتحريم التشخيصي, كما هو حادث في العزل الجنسي الممنهج الذي تشهده مدارسنا ومعاهدنا, بشبهة الجنس المحرم, وهو افتراض تجاوزه زمننا. هل بات الجسد فخا, وهل بتنا ملوثين بفخاخنا. ليس من شك في ذلك, وأنا أراجع وأطالع رسومات انتجناها لفترات سابقة, صور ومنحوتات وأفلام العقود السابقة. التي كانت الأجساد فيها أساطير ترفل بملونتها وبملونة أزياء أرديتها. شبان وفتيات, كبار وصغار. وحيث للسفور حشمته التي فاقت في بعض من مناطق بغداد حجاب بعضهن. فلم العزلة والانعزال, وقد خلقنا الله من رحم واحد. فهل نفقد انسانيتنا, وهي في الجوهر من مفاصل ابداعنا, ما بين احجية وحجاب وتحجب للنفس والأبدان والعقول, وأفول عصر الإنسان القيم على افعاله, لا القيمين عليه.

 
ليس على الشاعر أن يشطب على الهامه المدون, وليس على الفنان أن يلغي بحثه الملهم, ارضاء لوصي أو ولي. وليس من قانون مدون يستطيع أن يلغيه أيضا. ليس هناك من لائحة مدونة توصي بحدود ومحدودية وسائل وطرق ومفردات الابداع, والا لألغينا نصف موروثنا الأثري, إن لم يكن أكثر. وهل يعقل أن يكون مبدعو ارثنا التاريخي الفني أفضل وأشجع وارقي منا بسبب من إدراكهم وإدراك رعاتهم لأهمية عملهم الابداعي واعتزازهم به علامات حضارية سوف تبقى شاخصة أبدا. 
فقدنا مركز الفنون, وهو متحفنا الفني الحديث الوحيد. لكننا لم نفقد غالبية فنانينا. ممن اسهم في تأثيثه بأعماله. ومن اكتشف ودرس ونمى موهبته الفنية خلال حقبتنا الحالية. ان أفقدنا الزمن روادنا. فالريادة مستمرة باكتشافات وفتوحات فنية جديدة ومستجدة, وللحد الذي اهلها لاحتلال فضاءات عروض وقاعات ومتاحف عالمية, وصولا الى اهم متحف للفن الحديث الاوربي(التيت كلري) اللندني. إضافة لمتاحف أمريكية وغيرها. فهل بات الاجنبي حريصا على منجزنا, أكثر من مؤسساتنا الفنية الوطنية. وهل بات من العسير على هذه المؤسسات, أن تعيد أعمار متحف الفنون بافضل ما ينتجه هؤلاء الفنانين الكثر. ليس بمحاولات بائسة للجرد والاحصاء عن بعد. بل بالمتابعة الحريصة والاتصال المباشر ومد الجسور. فلم يعد نتاجهم خافيا على أحد في زمننا العولمي هذا, واخبارهم تملأ الصحف وفضاء الميديا. ولا يعقل ان يبقى القصور الناتج عن عدم القدرة والاقتدار سائدا ومروج له كحصيلة واقع لا يزال يتاجر بمأساة هم من اسهم في صناعتها, وهم من يتحملون تبعيتها.
للثقافة شروطها الانتاجية التي لا تكتمل الا باكتمال الفضاء الممنوح لها والذي لا تحده تابوات سلفية(ماضوية). في زمننا هذا الذي تتسارع فيه متغيراته العلمية لحد مدهش, لم تعد سلوكيات ماضوية مقبولة ولا نافعة ولا منتجة, وبدون فهم شروط هذه المتغيرات, لا يمكن لنا أن نكون أو نتحول الى أناس معاصرين, أبناء هذا الزمن لا غيره ولا سواه, والا فالزمن, وهو متغير دوما, لا يرحم المتخلفين. فهل من وقفة أو مراجعة لواقع حال مؤسساتنا الثقافية والفنية, بدءا من سلوكيات عرابيها الذين يتربعون على قمة مصادر قرار دولتنا الجديدة. فليس بالمحاصصة الحزبية الضيقة, وعناصرها الهزيلة التي ضيقت على مصالح العباد والوهاد نصل الى شاطئ السلام في مدينة السلام وبلاد الله المسالمة.
ليس هناك من تبرير مقبول لتردي الخدمات, ومنها الثقافية والفنية. وليس بالرغيف فقط نبني ونقوم بنيتنا. فهل بات الانتهاك مقننا, وباتت النفس البشرية بهذا الرخص, وللحد الذي وصلت به الأمور للمتاجرة بالأرواح ونحر الأجساد, من قبل هذا الحزب وذاك. وهذه الفئة وتلك. لقد تحول العراق الى اقطاعية تتجاذبها الأطراف. محصور برقعته الجغرافية, مغيب عن العالم الا في نشرات الأخبار المعفرة بدماء قتلاه. ولم تعد للفاجعة من لوعة أو صدمة. لقد تحولت الى شيء, مثل بقية الأشياء المألوفة. فهل باتت المنفعة الفردية الضيقة أكبر من سيادة الدول. وليس معقولا هذا التلاعب بوعي الناس(المواطنين) تجهيلا ممنهجا, تحت ضغط فقدان الأمن والأمان, وتنمية هاجس الموت المرعب والمشؤوم, الذي ينتظرهم عند كل عطفة شارع, أو مكان عمل. 
لم يعد للفنان البغدادي من أمل في زيارة قاعة العرض او القاعتين المتبقيتين في بغداد بمعجزة. فكيف بمساهمته في عروضها, وما اصراره على ذلك الا بدافع من نبل تحدياته. فهل ننتظر أن تغلق هي الاخرى, كما دور السينما, أو مثلما ما يصلنا من أخبار عن إغلاق المقاهي والنوادي وغيرها مما تبقى من القليل من دور الترفيه. وانساننا باحوج ما يكون لأن يرفه عن نفسه, علاجا لكبت وضغوطات محيطه الخرافي في قساوته. 
متى ندخل زمننا الجديد بكفاءة هي متوفرة في الكثير من أناسنا, سواء منهم من لا يزال يستوطن الداخل, أو بلدان الهجرة والمهجر التي اتسعت رقعتها خارطة العالم. ومتى أزور بغداد مستهلها بمتحف للفنون التشكيلية الحديثة والمعاصرة أفاخر به من يبخس حقنا في بلاد المهجر. سؤال اترك للزمن إجابته, مع شكي في عدم تكحيل عيني بتحقيق حلمي هذا لتقادم وتآكل زمني. لكني لا أفقد الأمل باستعادة وعينا والانتباه لغفلتنا, والإفاقة منها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

واشنطن تحذر بغداد من التحول الى "ممر" بين ايران ولبنان

تقرير أمريكي: داعش ما زال موجوداً لكنه ضعيف

انتخابات برلمان الاقليم..حل للازمات ام فصل جديد من فصولها؟

صورة اليوم

المباشرة بتطبيق الزيادة في رواتب العمال المتقاعدين

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

باليت 42 بدايات عام جديد

السُّخرية السريالية ودلالة الأيقون في أعمال الفنان مؤيد محسن

المصرف الزراعي في السنك: بزوغ الحداثة المعمارية العراقية

عمارة تلد مسابقة!

دار هديب الحاج حمود.. السكن رمزاً للانتماء

مقالات ذات صلة

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

شباب كثر يمرون بتجارب حب وعشق فاشلة، لكن هذا الإندونيسي لم يكن حبه فاشلاً فقط بل زواجه أيضاً، حيث طلبت زوجته الأولى الطلاق بعد عامين فقط من الارتباط به. ولذلك قرر الانتقام بطريقته الخاصة....
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram