إن صحّت الأنباء التي تناقلتها صحيفتا الأخبار اللبنانية التابعة لحزب الله، والمستقبل الناطقة باسم جماعة الحريري، عن رفض الرئيس الأميركي باراك أوباما التراجع عن توجيه ضربة للنظام السوري، رغم أنّ بريطانيا والاتحاد الأوروبي تقدمتا باقتراح اللحظة الأخيرة، الذي يُشكّل مخرجاً وحيداً لتلافي الحرب، في حال وافق عليه الأسد، ويقضي بتوجيه الرئيس السوري خطاباً إلى شعبه، يعلن فيه عدم نيته الترشح للانتخابات الرئاسية في العام القادم، كما تقول الأخبار، بينما تنقل "المستقبل" عن مصدر مقرب من رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي قوله، إن الأسد وافق على فكرة التنحي عن السلطة بشروط، منها وضع آليات معينة لتسهيل تسليم السلطة من خلال انتخابات سريعة، وضمان عدم ملاحقته قضائياً في المحكمة الجنائية الدولية، وتأمين خروج آمن له ولعائلته ومقربين منه إلى دولة أخرى، إلا أن ذلك قوبل برفض من قبل واشنطن التي تمسكت بالتنحي الفوري من دون تقديم ضمانات، بزعم أنها لا تستطيع اتخاذ أي قرار بشأن الأسد، نيابةً عن المعارضة السورية، التي ترفض بقاءه في السلطة لأية فترة زمنية.
موقف أوباما هذا في جوهره، لاعلاقة له بما يجري في سوريا منذ سنتين، من حرب أكلت الأخضر واليابس، وقضت على مستقبل جيل كامل من السوريين، ودمرت البنية التحتية التي دفع السوريون ثمنها من كدهم وجهدهم، وهو موقف لايأخذ بالاعتبار وقوف الاتحاد الأوروبي ضد الحرب، ويسعى لمنعها لكنه يصطدم بأنّ سقف ما تقبله واشنطن منخفض جداً، ويتجاهل انسحاب بريطانيا من خططه الحربية، ويتمسك بالموقف الفرنسي المؤيد لخطواته، رغم أن مشاركتها ستكون أقرب الى الرمزية، وهو يواصل السعي لحشد التأييد لموقفه، بينما يتخوف من رفض الكونغرس تفويضه بشن الحرب، وهو موقف يستدعي من المتابع غير المتحيز، البحث عن موجباته ودوافعه، والنتائج التي يسعى لبلورتها حقائق على أرض الواقع.
أوباما يواصل باستمرار تطوير أهداف ضربته دون الإفصاح عنها، فهو أصدر تعليماته إلى البنتاغون بتوسيع قائمة الأهداف المشمولة، وضم الطيران إلى الأسلحة المستخدمة، بعد أن كانت تقتصر على الصواريخ، مع محاولات حثيثة لإشراك قوات أخرى من حلف شمال الأطلسي، وبما يتعدى هدفها المعلن مسبقاً وهو الردع، وإضعاف قدرة الأسد على استخدام أسلحة كيميائية، وصولاً إلى إلحاق ضرر كبير بجيش الأسد، يحمله على تغيير حساباته، وعدم الاكتفاء بالضربة العقابية، باستبعاد أن يكون لها تأثير حاسم في مجرى الحرب الأهلية المستعرة، من خلال تغيير ميزان القوى على الأرض لمصلحة قوات المعارضة.
اعتدنا كعرب ربط كل قرار أميركي بمصلحة إسرائيل، وربما كان في ذلك بعض الصواب بالنسبة لقرار الضربة المنتظرة لنظام الأسد، لكن واقع الأمر اليوم يؤشر إلى أهداف أميركية أخرى تتصل أولا بمصالح أميركا القومية، وقد يكون أمن الدولة العبرية من بينها لكنه ليس الوحيد، وفي تقديرات المراقبين أن واشنطن تسعى لتأكيد موقعها كقوة عظمى أولى في العالم، بعد أن اهتزت صورتها في هذا المضمار، كما أن في الضربة رسالة واضحة للنظام الإيراني، تنبئه بعدم إمكانية احتمال مماطلته في محادثاته النووية مع الغرب، فضلاً عن رسالة لموسكو تؤكد تراجع دورها في الأزمات الدولية، والمؤكد أن اختناق الأطفال السوريين بالغاز الكيماوي، ليس الدافع للضربة التي يصح فيها المثل "إياك اعني وافهمي ياجارة"، والجارة المقصودة هي إيران وروسيا ومن خلفهما العالم.
أوباما وأهداف ضربته لسوريا
[post-views]
نشر في: 7 سبتمبر, 2013: 10:01 م