اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > ناس وعدالة > هكذا اختار الموت ضحيته!

هكذا اختار الموت ضحيته!

نشر في: 8 سبتمبر, 2013: 10:01 م

صباح ذات يوم... يرن الموبايل في بيت الاسرة الغائب عنها الاب في رحلة عمل في خارج العراق تاركا زوجته وولديه (ز) 6 سنوات و(ع) سنتان، تلتقط الام الهاتف النقال على الطرف الاخر كانت عمتها (جدة الاولاد) تطمئن على احوالهم من وقت لاخر في غياب ابنها بحثا عن عم

صباح ذات يوم... يرن الموبايل في بيت الاسرة الغائب عنها الاب في رحلة عمل في خارج العراق تاركا زوجته وولديه (ز) 6 سنوات و(ع) سنتان، تلتقط الام الهاتف النقال على الطرف الاخر كانت عمتها (جدة الاولاد) تطمئن على احوالهم من وقت لاخر في غياب ابنها بحثا عن عمل في الخارج... حوار يدور بين الزوجة الشابة وعمتها يتخلله الضحك احيانا وقبل نهاية الحديث تطلب الجدة من زوجة ابنها ان تبقى معها حفيدتها (ز) لعدة ايام ولا تملك الام الا ان توافق على رغبة الجدة... وكأن طائر الموت يستعد للتحليق في سماء الاسرة... مساء اليوم التالي... تجلس الزوجة امام شاشة التلفزيون تحتضن ابنها الصغير (ع) ... تحاول ان تقتل الوقت... الذي كاد ان يقتلها.. دائما فكرها مشغول بزوجها المسافر... ووسط طوفان من الهواجس التي انتابت الام... يرن الهاتف كان على الخط صوتا مختلفا يحمل رائحة الزوج... هكذا احست الزوجة بمشاعرها !... اسرعت تلتقط الموبايل ودون ان تعطي فرصة لزوجها ان يبدأ حديثه... صرخت في الموبايل وبكت وقالت لزوجها...(شوكت عاد ترجع... انا مشتاقة اليك... والى شوفتك معي ومع اولادك.. دائما يسألون متى يرجع ابونا) ! كلمات قليلة دمعت عينا الزوج لان تدمع لكنه تحامل وظل يداعب زوجته حتى هدأت ثورة المشاعر !... وين الاطفال يا حبيبتي... سؤال كل اب عندما يغيب عن بيته واجابته زوجته... (ز) راحت عند امك... و(ع) نايم... تريد اكعده الك ! لكن الاب رفض ان يوقظ ابنه مكتفيا بان يرسل له ولابنته قبلتين عبر الام... ولم يطل الحديث كثيرا بين الزوجين... انتهى هذه المرة نهاية حزينة.... بالدموع !... وهبت الزوجة من مكانها عائدة الى غرفتها بعد ان اغلقت الموبايل وراحت في سبات عميق...صباح اليوم الثاني احد سكان العمارة يغادر شقته في الصباح الباكر ذاهبا الى عمله... يلمح قلم رصاص يخرج جزء منه من تحت باب الشقة... يسترعي انتباهه... لكنه واصل خروجه بعد ان ظن ان الطفل الصغير كان يلعب بجوار باب الشقة وسقط من يده...نفس المشهد يتكرر في اليوم التالي لكن ما اثار الظنون في نفوس سكان العمارة وفي الطابق الثاني هو صوت بكاء الطفل الذي كان اشبه بالانين... يطرق بعضهم باب الشقة، لكن لا مجيب وفي الوقت نفسه صوت الطفل لا يزال يرن في اسماعهم... كان ينادي على امه ! يزداد الخوف في نفوس شقيقها وجدة الاطفال الذين حضروا... تهاوت ايديهم على الباب يطرقونه هذه المرة بشدة والبعض الاخر ينادي على الام... لكن لا احد يرد... الى ان اقتحم الاهل والجيران الشقة... فربما تكون الام غائبة عن الوعي او اصابها التعب فعجزت عن الصراخ هكذا فسروا الحالة... لكن المفاجأة كانت اكبر و اسوأ مما توقعوها... عندما كسر باب الشقة... دخلوا مسرعين يسبقهم شقيق الزوج وامه... وخلف باب غرفة النوم وجدوا الام جثة هامدة على الارض وبجوارها الطفل الصغير علي لا يزال يبكي وفي حالة يرثى لها... ماتت الزوجة عندما حان اجلها... هكذا اختار الموت ضحيته وترك الصغير رغم انه ظل بجوار جثة امه يومين كاملين لم يأكل فيها او يشرب... وعندما شرحت الجثة جاء في تقرير الطب العدلي ان الوفاة ليست بها شبهة جنائية وسبب الوفاة هبوط حاد في الدورة الدموية... وعلى الفور عندما سمع الزوج بوفاة زوجته عاد وكانت رحلة العودة هذه المرة ثقيلة على صدر الزوج... تملؤها الدموع والاحزان... بالامس القريب كان يتحدث معها... داعبها ووعدها بحياة افضل للاسرة ووعدها ايضا بانه سيأتي قريبا في بداية فصل الصيف وقضاء شهر كامل وسط اسرته... لكن الموت حجز له تذكرة عودة بلا سابق انذار... جلس الزوج في (جادر) العزاء حزينا يحاول ان يغلب دموعه.... لكنها غلبته في النهاية، قال لي بقلب موجوع يحتضن ولده(ع) ... لا يمكن ان انسى اخر مكالمة معها... كان يبدو صوتها حزينا... ولاول مرة اجدها تبكي بحرقة كأنها تودع عزيزا عليها... لكنها ارادة المولى ولا راد لقضائه... هكذا انتهت هذه الحكاية... حكاية طفل جلس بجوار جثة امه 48 ساعة لم يتحرك او يأكل او يشرب... فقط كان ينادي على امه ان تستيقظ من نومها دون ان يدرك عقله الصغير انها ودعت الحياة !

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

كانت ليلة من ليالي رمضان، تناول الزوج (س) فطوره على عجل وارتدى ملابسه وودّع زوجته، كان الأمر عادياً، لكن لسبب تجهّله، دمعت عينا الزوجة. ابتسم في وجهها وهَمَّ بالخروج الى عمله بمحطة الوقود الخاصة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram