اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > زحف (الجان)

زحف (الجان)

نشر في: 9 سبتمبر, 2013: 10:01 م

للمرة الثانية تضعني الظروف بمواجهة عدو للعراقيين يظهر بين فترة وأخرى ليضعف معنوياتهم ويضاعف من مخاوفهم من كائنات مجهولة إضافة الى المخاوف الطبيعية من الكائنات البشرية بهيئة إرهابيين او قوات حكومية مأمورة !
كانت المرة الأولى في أواخر التسعينات حين سمعت بانتشار ظاهرة الجان في الأرياف العراقية فسعيت بحماس صحفية شابة لتتبع خيوطها حتى تمكنت من محاورة الجان في اغرب محاورة صحفية نشرت في ذلك الوقت في صحيفة عراقية وأخرى عربية قال لي فيها الجان ,عبر الفتاة  الممسوسة به وبمساعدة الشيخ الذي يعمل على إخراجه منها , انه يسيطر فقط على الأشخاص الذين يعانون من ضعف في المعنويات والأعصاب كأن يمروا بأزمة نفسية او يتعرضون لصدمة فضلاً عن الأشخاص الذين يخشون الظلام...وعن سؤالي له عن سبب انتشاره في الأرياف قال ان سكان القرى والفتيات خصوصاً لايمتلكون الوعي الذي يجنبهم الوقوع تحت سيطرة الجان . وعن الشرائح الاخرى التي كان يستهدفها آنذاك قال ان هناك قوات من الجان –اغلبها جنيات – تستهدف الجنود العراقيين لتضعف معنوياتهم فيفروا من الجيش ..أما حين سألته عمن يسخره ومن أين مقدمه فقال انهم يأتون من اسرائيل ..وقتها دار الحديث الغريب على لسان فتاة تجهل القراءة والكتابة ولاتعرف ماهي اسرائيل وماذا يعني استهداف الجيش والأرياف كما ان الصوت الذي كانت تتحدث به وهي شبه نائمة كان صوت رجل مادفعني الى وضع مفاهيمي العلمية والمنطقية جانباً ومحاولة تصديق ما لايصدق رغم اني وضعت مع ذلك احتمالات استخدام علوم الباراسيكولوجي والتنويم المغناطيسي لاستغلال الفتيات والجنود خاصة وان الحكومة سمحت للعديد من اولئك الأشخاص الغرباء بافتتاح عيادات الاستشفاء بالقرآن الكريم وتبين فيما بعد ان اغلبهم لايعملون على إخراج الجان من المصابين بل إدخاله في أجساد اكبر عدد منهم أي ان العراق تعرض آنذاك لهجمة من عدو خفي أثرت على أعصاب أبنائه وجنوده وكانت نواة لظهور الفكر الإسلامي المتطرف في العراق ...
مؤخرا عادت أعصاب العراقيين الى الانهيار أمام حجم خساراتهم الأكبر ،وقبل أسابيع وبينما كنت في مجلس عزاء لاحد مسؤولي الصحوة الشجعان في قرية من قرى حزام بغداد واجهت ( الجان ) من جديد حين تلبس ابن الشهيد وابن شقيقته فصارا يصرخان بأصوات لا آدمية ويتلوى جسديهما تحت رحمة ألم نجهل كنهه ..كان المصابان قد شاهدا جثة الشهيد الذي فجر الإرهابيون سيارته بعبوة لاصقة فاختلط لديهم الخوف الشديد من المنظر الرهيب بالألم الأشد على فقدانه ليصبحا عرضة لصدمات نفسية ظهرت بهيئة (جان ) ..كان هذا تصوري رغم إنني شاهدت وسمعت ما لايدل على الإصابة بصدمة عصبية فقط والغريب أنها ليست الحالات الاولى في المنطقة وقد سبقتها حالات مماثلة كثيرة ..ربما هو عصر اللامنطق ذلك الذي يعيش فيه الشباب والفتيات في مختلف أنحاء العالم حياتهم بتلذذ بينما يشاهد الشباب العراقي نثار أجساد آبائهم او ينسون ملامح وجوههم القابعة في المعتقلات وينتظرون بلا امل فرص عمل وحياة آمنة ومستقبل خال من الرعب والظلم والإحباط..بعد كل هذا ايصعب على من يحاول إضعاف معنويات العراقيين وتدمير نفسياتهم ان يرسل لهم من يوهمهم بزحف جيوش الجان فيمعن في إخافتهم ...انها الحرب غير المتكافئة بين شعب أرهقته الحروب وسنوات الحصار والظلم والعنف والإرهاب وبين قوى مختلفة تتنازع أرضه وتاريخه وتحاول قضم ما أمكن من كعكته ..حرب بين شعب نفد رصيد أعصابه فصار عرضة للأمراض النفسية والجان وكل مايعمل على إعادته الى الخلف في زمن السباق نحو حياة افضل ..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالصور| تظاهرات حاشدة أمام وزارة التخطيط للمطالبة بتعديل سلم الرواتب

805 قتلى وجرحى بأعمال شغب مستمرة في بنغلاديش

مجلس النواب يعقد جلسته برئاسة المندلاوي

خبراء يحذرون: أغطية الوسائد "أقذر من المرحاض" في الصيف

القبض على 7 تجار مخدرات في بغداد وبابل  

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

 علي حسين في السِّيرة الممتعة التي كتبتها كاترين موريس عن فيلسوف القرن العشرين جان بول سارتر ، تخبرنا أن العلاقة الفلسفية والأدبية التي كانت تربط بين الشاب كامو وفيلسوف الوجودية استبقت العلاقة بين...
علي حسين

كلاكيت: الجندي الذي شغف بالتمثيل

 علاء المفرجي رشح لخمس جوائز أوسكار. وكان أحد كبار نجوم MGM (مترو غولدوين ماير). كان لديه أيضا مهنة عسكرية وكان من مخضرمين الحرب العالمية الثانية. جيمس ستيوارت الذي يحتفل عشاق السينما بذكرى وفاته...
علاء المفرجي

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (2-2)الحكومة الجمهورية الأولىعشت أحداث الثورة في بغداد ثم عشت مضاعفاتها في النجف وأنا في الخامسة عشرة من عمري. وقد سحرتني هذه الحيوية السياسية التي عمّت المدينة وغطت على طابعها الديني العشائري.في متوسطة...
زهير الجزائري

ماذا وراء التعجيل بإعلان "خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!

د. كاظم المقدادي (1)تصريحات مكررةشهدت السنوات الثلاث الأخيرة تصريحات عديدة مكررة لمسؤولين متنفذين قطاع البيئة عن " قرب إعلان خلو العراق من التلوث الإشعاعي". فقد صرح مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع التابع لوزارة...
د. كاظم المقدادي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram