العبـد المجاهد أحمد العلواني يُثير الضحك الآن.. فهو لا يُجيد فــن الكلام، وخطاباته تحتاج إلى متمرسين في لعبة الكلمات المتقاطعة، كما انه ينتمي إلى طائفة من السياسيين الذين لا يفهمون غير لغة واحدة هي لغة الاستعلاء والتسلط الذي يُغلـَّف دائما بعبارات وكلمات مثل الطائفة والخوف على حقوق الأهل والعشيرة، في الوقت نفسه يتركون الشعب مقهورا، مغيبا، أسيرا لاحتياجاته.. أحمد العلواني ومعه مجموعة من مثيري الأزمات والفتن يحاول كل منهم أن يكون "ميني دكتاتور"، مناصبهم منحة وليست استحقاقاً، عالمهم ضيق محصور بمصالحهم الشخصية، بينما العالم يتسع من حولنا… في حديثه الأخير الذي تقمَّص من خلاله دور المنقذ من الضلال شمَّر العلواني عن ذراعيه وأتحفنا بجمل غريبة من عيّنة: "على الجميع إزالة خيام الاعتصام والنزول إلى الشارع لقطع الرؤوس".. قبلها وجدناه يعرّج على ما حدث في مصر حيث أطلق تهديدا ضد وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي، طالبه بأن يرفع يــده عن الشعب المصري وإلا فإنه "سيدفع الثمن غاليا في نهاية الأمر".. متهماً إياه - السيسي - بـ " تجنيد الميليشيات المسلحة لحرق أموال الدولة والمساجد والاعتداء على المتظاهرين وقتلهم ".. وأنا أستمع لهذه الفقرات الكوميدية من حديث مجاهدنا الهُمام رددت مع نفسي "اللهم نشكو اليك زعاطيط السياسة " ولأن شر البلية ما يضحك، وشر السياسة السذاجة...فما تفوَّه به العلواني مضحك جدا، فهو في وادٍ والناس في وادٍ آخر، فالمواطن مهموم بنقص الخدمات وتوفير حياة كريمة لأسرته، ومجاهدنا مهموم بإنشاء فرق قطع الرؤوس والطرق..المواطن يبحث عن الأمن والتعليم والصحة والكهرباء والماء وعن فرص عمل، فمطالب الناس ليست في تأسيس إمارة المجاهد أحمد العلواني!
من حق أحمد العلواني أن يخطب ويلقي قصائد الحماسة، لكن أن يتوهم أنه أحد صُناع المستقبل في العراق فذلك ما يدعو للضحك على طريقة المرحوم أبي الطيب المتنبي، نعم ضحك كالبكاء هذا هو واقع حال السياسة في العراق اليوم، فقد تحولت البلاد بفضل البعض من سياسيينا الأشاوس إلى أشبه بمرآب سيارات مهجور، لا أحد يعرف فيه إلى أين نحن ذاهبون و لا متى، ففي وسط الزحام يجد بعض الصبية فرصتهم من الاسترزاق من هذه الدولة أو تلك، وفي هذا المرآب الكثير من السياسيين غير المرخصين وبلا مشروعية، جمعيات سياسية تتشكل كل يوم، حديث الأزمة العراقية يجري على كل لسان، لكن لا توجد ملامح واضحة تخبرنا بمصير البلاد.
الكل يتحدث عن مصلحة كتلته الحزبية وعن استحقاقها، تختلط الشائعات بالتكهنات والتمنيات، وفي هذا الزحام المرعب لا أحد يتحدث عن مصلحة العراق، وينشغل الجميع بكمّ مخيف من الأجندات المتصارعة، وكأننا في حلبة مصارعة، تطالع أقوال السياسيين فتجد الشيء ونقيضه، وفي وسط هذه الصورة العبثية المرتبكة تجد الأحزاب نفسها في حالة معارضة في ما بينها، أحزاب ضد أحزاب، وسياسيون ضد سياسيين.. نُهبت أموال الشعب.. تفشت المحسوبية والرشوة.. الغش أصبح طريقاً للثروة، والتزوير باباً للمناصب الرفيعة، سنوات مرت ولم نسمع أن مسؤولاً قال بصوت عالٍ "سامحوني فقد أخطأت" ولأننا عشنا سنوات في ظل القائد الملهم، المحصن من الخطايا والأخطاء، فقد انتشرت هذه العدوى إلى البعض من سياسيي اليوم، فهم لا يخطئون، وإن أخطأوا - لا سمح الله - فهذا في مصلحة البلاد والعباد ولا يجوز الاعتذار عنه!
فليخطب أحمد العلواني أو يشتم أو" يجاهد " كما يريد، هذا حقه الإنساني، لكن محاولة اعتبار نفسه مدافعاً عن حقوق أهلنا في الأنبار.. وأنه صاحب مشروع وطني يحافظ على مستقبل واستقرار العراق، فتلك والله هي المهزلة، وأن يُعــدّ العلواني نفسه أحــد الزعماء المجاهدين، فهذا ما بعد المهزلة بمسافة مليون سنة ضوئية!
" جهــاد " أحمد العلواني
[post-views]
نشر في: 9 سبتمبر, 2013: 10:01 م
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...