لكل الذين تظاهروا في الحادي والثلاثين من الشهر الماضي الحق كله في العودة الى الساحات والشوارع في الخامس من الشهر المقبل وأي تاريخ آخر من أجل الهدف نفسه، وهو الاحتجاج على فساد الطبقة السياسية الحاكمة .. هذا الفساد الذي له مئة وجه ووجه ، أحدها الاستئثار برواتب وامتيازات تجعل من أفراد هذه الطبقة في مصاف الأمراء والنبلاء، وتجعل من وظائفهم والمناصب التي يحتلونها تشريفاً وليس تكليفاً ومنّة منهم على الشعب وليس خدمة أقسموا على أدائها من أجل أمن الشعب وحريته ورفاهه.
وللمتظاهرين الجدد الذين سينضمّون الى متظاهري الحادي والثلاثين من آب الحق نفسه في التظاهر والاحتجاج على الاحتيال الجديد الذي مارسته هذه الطبقة السياسية ، متمثلة في حكومتها، بالإعلان عن مشروع قانون للتقاعد يؤمن لهذه الطبقة الفاسدة مواصلة فسادها بالمحافظة على امتيازاتها غير المعقولة.
بإعلانها المصادقة على مشروع القانون وتقديمه الى مجلس النواب، بعد ثلاثة أيام فقط من يوم التظاهرات إنما أرادت الحكومة أن تعمل "حلاوة بجدر مزروف"، لتظهر بمظهر المستجيب لمطالب الشعب والمحقق له رغباته ومطامحه، بينما ما قامت به في الواقع أنها استغلت فرصة التظاهرات لتمرير القانون الذي ظلّ مركوناً على الرفوف العالية أو تحت الأقدام سنوات عدة من دون سبب أو مسوّغ غير الإهمال وعدم الاكتراث بمصالح الناس.
مشروع القانون هو بحق "التفاف" على مطالب المتظاهرين وغيرهم، كما أعلن منسقو التظاهرات الذين أضافوا قائلين على مواقع التواصل الاجتماعي ان "المشروع بمجمله وسيلة خداع سياسي بحيلة قانونية إذ جمع كل الرواتب التقاعدية ووحدها بقانون واحد لأسباب عدة منها :إضفاء المشروعية على رواتب النواب. وحتى لو حصل تخفيض للرواتب فسيكون طفيفاً، وفي ذلك التفاف على الإرادة الشعبية المطالبة بإلغاء الرواتب وليس تخفيضها وتقنينها".
شخصياً لست مع الإلغاء التام للرواتب التقاعدية للنواب وأمثالهم من ذوي ما تُعرف بالمناصب الخاصة في الدولة، فمن حق كل عامل في الدولة أو القطاع الخاص أن يحصل على تعويض مناسب عن خدمته إن في صيغة الراتب التقاعدي أو صيغة مكافأة نهاية الخدمة، لكن ينبغي في هذا مراعاة أحكام الدستور وشرائع الحقوق الدولية التي تكفل المساواة والعدالة. وبالطبع فان العرف الجاري الآن في دولتنا بمنح النواب والوزراء وسواهم من ذوي المناصب والدرجات الخاصة رواتب وامتيازات فلكية يمثل انتهاكاً صارخاً لمبادئ المساواة والعدالة ولأحكام الدستور النافذ.
من المتوقع ان مجموعة من النواب ستعمل على إدخال مشروع القانون، عند عرضه على البرلمان، في نفق المناكفات والمماحكات والمزايدات التي عودونا عليها، والهدف إطالة أمد تشريع القانون ووضع الناس أمام الأمر الواقع والقبول بالصيغة الحالية.
هذا ما يتعين التنبه له والتحذير منه والتظاهر من أجل عدم حدوثه.
سبب جديد للتظاهر
[post-views]
نشر في: 13 سبتمبر, 2013: 10:01 م