اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > ناس وعدالة > التكنولوجيا الحديثة في خدمة العمليات الإرهابية

التكنولوجيا الحديثة في خدمة العمليات الإرهابية

نشر في: 15 سبتمبر, 2013: 10:01 م

بغداد / المدىيرتبط المستوى التكنولوجي للإرهاب بمجموعة محددة من المعطيات التي تلعب دوراً حاسماً في بلورة النمط المميز للعمليات الإرهابية ، وتختلف هذه المعطيات في مضمونها الداخلي من دولة الى أخرى ، ومن حالة معينة الى حالة أخرى ، الا إن هناك شيوعاً واضح

بغداد / المدى

يرتبط المستوى التكنولوجي للإرهاب بمجموعة محددة من المعطيات التي تلعب دوراً حاسماً في بلورة النمط المميز للعمليات الإرهابية ، وتختلف هذه المعطيات في مضمونها الداخلي من دولة الى أخرى ، ومن حالة معينة الى حالة أخرى ، الا إن هناك شيوعاً واضحاً وتكراراً ملموساً للمبادئ العامة والخطوط العريضة التي تنتظم فيها تلك المعطيات ، ولا يخرج الإرهاب المتدثر برداء الدين في المنطقة العربية عن هذه القاعدة العامة كثيراً ، ولكنه يتسم بمجموعة مميزة من الخصائص الفرعية تتمثل بالأساس فيما يلي:-

أولاً : طبيعة الأهداف الإرهابية الموضوعة ، فالتكنولوجيا المستخدمة في العمليات الإرهابية تتوقف من البداية على هدف الإرهاب وطريقة الوصول إليه ودرجة الدعاية المطلوبة ، ذلك إن هذه الاعتبارات تفرز احتياجات معينة لخدمة الهدف الإرهابي ، لاسيما فيما يتعلق باختيار الأسلحة والمعدات المطلوبة لتنفيذ هذا الهدف ، والواقع ، إن الموجة الإرهابية الراهنة في المنطقة العربية تتبنى هدفاً سياسياً يتمثل في تحدي النظم الحاكمة وإزعاجها ، شأنها في ذلك شأن معظم الحركات الإرهابية الأخرى في العالم ، وإن كان هذا الهدف الواسع يتداخل على المستوى المرحلي مع أهداف أخرى وتصفية حسابات معها . وفي ظل هذا الوضع ، أصبح النمط الإرهابي السائد اقرب إلى ( حرب استنزاف ) ترمي الجماعات الإرهابية من خلالها الى توجيه ضربات متلاحقة ضد أجهزة الدولة بشكل مستمر ومطرد ، على امتداد زمني طويل نسبياً ، بهدف خلق أثر تراكمي عند تلك الأجهزة ، لإنهاكها مادياً وبشرياً وتقويض معنويات أفرادها ، وتعتقد تلك الجماعات إن هذا المنهج سوف يؤدي في النهاية الى تحقيق الهدف المذكور 0 وبالتالي ، يعتمد هذا النمط على توجيه ضربات محدودة مؤثرة ضد أجهزة الدولة ومصالحها ، بحيث تحقق تلك الضربات التأثير النفسي والدعائي المستهدف ، من دون أن تحتاج الى عمليات معقدة واسعة النطاق 0 
ثانياً : مستوى التطور التكنولوجي العام في المجتمع ، تسير حركة التطور في أساليب الإرهاب داخل مجتمع ما وفقاً لحركة التقدم التكنولوجي في نفس المجتمع لا سيما في مجال التكنولوجيات القابلة للاستخدام الإرهابي ودرجة انتشارها على نطاق واسع ، ولذلك ، تتسم التكنيكات الإرهابية المستخدمة في المنطقة العربية بعدم الحداثة بالمقارنة مع التكنيكات المماثلة في الدول الغربية مثلاً ، ويعود ذلك في مبدأ الأمر الى وجود فجوة واسعة للغاية في مستوى التطور التكنولوجي بين المجتمعات العربية والغربية ، علاوة على إن استخدام المنتجات التكنولوجية المتقدمة المستوردة من الخارج الى الدول العربية ، والتي يمكن أن تخدم العمليات الإرهابية ، يقتصر على قطاعات معينة في أجهزة تلك الدول مثل الجيوش ، وتحاط بإجراءات أمنية صارمة ، فضلاً عن إن معرفة فنون استخدام تلك المنتجات المتقدمة تقتصر على أعداد قليلة للغاية من الأفراد المتقين بعناية ، بما لا يسمح إجمالاً بتسربها الى خارج تلك الأجهزة 0
ثالثاً : الإتاحة النسبية للأسلحة والمعدات ، فالإرهاب يعتمد عادة على الأسلحة والمعدات التي يمكن الحصول عليها عبر استغلال الثغرات القائمة في قوانين حيازة الأسلحة أو من خلال عمليات التسرب والسرقة من مستودعات الأسلحة الرسمية أو التصنيع غير القانوني في الورش الأهلية 0 ففي العديد من أرجاء العراق ، تنتشر الأسلحة بوصفها تقليداً اجتماعيا ، دون الاهتمام بالحصول على تراخيص رسمية ، مما يسهل في بعض الحالات استخدام تلك الأسلحة لا حقاً في العمليات الإرهابية 0 ويتمثل المصدر الأساسي للأسلحة في سرقة ونهب المستودعات ومقرات الاجهزة الامنية اثناء استباحة القوات الاجنبية او الخارجية التي وقعت أبان الحروب أو الانتفاضات الشعبية ، الأمر الذي يفسر قدم عهد الكثير من الأسلحة والذخائر التي ضبطت لدى الجماعات الإرهابية في بعض المدن العراقية ، حيث جرى تخزين تلك الأسلحة لفترات طويلة ، أضف الى ذلك 0 إن الإرهابيين عمدوا في بعض الحالات الأخرى الى مهاجمة واغتيال أفراد الأمن للاستيلاء على أسلحتهم ، علاوة على استخدام الورش الأهلية لتصنيع أجزاء من البنادق والمسدسات ( الكواتم ) أو كلها.
وفي نفس الوقت ، يلاحظ إن هناك شيوعاً في استخدام العبوات المتفجرة واللاصقة في العمليات الإرهابية , وتكون العبوات عبارة عن مواد متفجرة محلية الصنع او مصنعة خارجياً او من بقايا مذخرات الاسلحة من مادة ( ت 0 ن 0 ت ) ، ويجري عادة استخدامها في تلك العمليات 0 
رابعاً : تستخدم العبوات الناسفة المستخدمة حالياً من قبل الجماعات الإرهابية ، بالبدائية وإمكانية إعدادها منزلياً ، فهي عبارة عن مادة متفجرة يتم نسفها باستخدام مفجر كهربائي وبطارية وجهاز توقيت زمنياً ، كما تحتوي على كمية كبيرة من المسامير لإحداث أكبر قدر ممكن من الإصابات في الأفراد الموجودين في دائرة الانفجار ، ويكون الغرض من استخدام تلك الأسلحة توجيه ضربات لأهداف محدودة مؤثرة ، مع إحداث أكبر قدر ممكن من الضوضاء لتحقيق الأثر النفسي والدعائي المطلوب 0 أضف الى ذلك إن استخدام المتفجرات يوفر للجماعات الإرهابية درجة عالية من إمكانية الابتعاد عن مكان الانفجار ، مع رؤية النتائج عن بعد في الوقت المناسب ، بما يساعد على توفير السلامة الشخصية للإرهابي 0 
خامساً : أسبقية العنصر البشري ، بخلاف الاعتبارات السابقة ، فإن الجماعات الإرهابية المتدثرة بالدين عموماً تعطي اهتماما كثيفا بتنمية العنصر البشري وإعطائه الوازع المعنوي الداخلي لدى الأفراد المنتمين اليها ، بما يكسبهم روحاً انتحارية ظاهرة 0 والواقع ، إن هذه الروح الانتحارية تبدو واضحة بصفة خاصة في حالات الاشتباك المباشر مع أجهزة الأمن ، لا سيما تلك الحالات التي تملك قوات الأمن زمام المبادأة فيها ، وتثير مثل هذه الروح الانتحارية صعوبات جمة في مواجهة كافة أجهزة الأمن في العالم لما تنطوي عليه من عدم اكتراث أصحابها لسلامتهم الشخصية ورغبتهم في إلحاق أكبر قدر من الخسائر البشرية والمادية في قوات الأمن أو باقي أجهزة الدولة 0 ومع ذلك ، فإن الجماعات الإرهابية تبدي نزوعاً ملحوظاً نحو اللجوء الى المقاومة الانتحارية باعتبارها وسيلة أخيرة فقط في مواجهة قوات الأمن 0 ولم يمنعها ذلك من تبني أساليب أخرى تضمن السلامة الشخصية للمنفذين مثل زرع العبوات الناسفة واللاصقة والسيارات المفخخة ، بل يلاحظ حتى في حالات تنفيذ بعض افراد تلك الجماعات لعمليات الاغتيال ، إنها كانت درجات واضحة من الاهتمام بتأمين السلامة الشخصية لمنفذي هذه العملية .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

كانت ليلة من ليالي رمضان، تناول الزوج (س) فطوره على عجل وارتدى ملابسه وودّع زوجته، كان الأمر عادياً، لكن لسبب تجهّله، دمعت عينا الزوجة. ابتسم في وجهها وهَمَّ بالخروج الى عمله بمحطة الوقود الخاصة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram