TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ليلة "اجتثاث" عبد المحسن السعدون!

ليلة "اجتثاث" عبد المحسن السعدون!

نشر في: 16 سبتمبر, 2013: 10:01 م

لا تحتاج الحوادث الكارثية التي حصلت خلال السنوات الماضية، وتحصل الآن إلى ذكاء لكي نكتشف أن العراقيين يدفعون ثمن غياب الكفاءة، والأهم أنهم يدفعون ثمن غياب المسؤولية الوطنية.
كثيرون ظنوا أن المالكي في ولايته الثانية سيعلي مبدأ الكفاءة والنزاهة في اختيار المسؤولين، ولكن منذ ان تربع على الكرسي ثانية، والوقائع والدلائل تؤكد أن معظم الكوادر التي اختارها وقربها بلا أي تأهيل حقيقي سوى خبرة الضحك على الناس، والسخرية من المواطنين.. في الوقت نفسه اصر القائد العام للقوات المسلحة على إعلاء مبدأ أهل الثقة بدلا من أهل الخبرة والكفاءة، فيما يدار الملف الأمني بمنطق "الشعب أعداؤنا" بدلا من منطق الأمن في خدمة الشعب.
في كل يوم يمرّ نجد قادتنا الأمنيين يحذرون من خطر اسمه "الأجندات الخارجية"، وكيف أن وجود ساحة التحرير وسط بغداد يهدد الحياة السعيدة التي تعيشها مدن البصرة وميسان والحلة، وقرأنا سيلا من البيانات والشتائم تطالب بتطهير العراق من كل الذين يتظاهرون لأنهم خطر على مستقبل البلاد، وسعى بعضهم إلى إيهام الناس بأن المشكلة ليست في غياب الأمن ولا في أرتال الفاسدين الذين يعششون في معظم مؤسسات الدولة، ولا في غياب أبسط شروط العيش، وإنما في أعداء النجاح المتربصين للانقضاض على المكاسب التي حققتها حنكة وخبرة السيد رئيس مجلس الوزراء كما اخبرنا النائب علي العلاق قبل أيام من تحت قبة البرلمان مؤكداً: "ان الإنجازات التي حصلت بزمن ولاية المالكي لا يمكن ان تخفى بغربال" .. مثلما حاولت صحيفة الغارديان البريطانية وهي تنفذ احدى أجنداتها الخارجية حين نشرت تقريراً مثيراً جاء فيه: إن عدد القوات الأمنية زاد خلال عام 2010 ليصل إلى ما يقرب المليون.. وان الأموال التي صرفت على هذه القوات منذ عام 2004 وحتى العام الماضي تصل إلى 30 مليار دولار، وان عوائد النفط تجاوزت أرقاماً فلكية لم يشهدها العراق منذ لحظة تأسيسه، مقابل كل هذا تكشف الصحيفة ان "المخطط البياني المعد وفقاً لإحصائيات منظمة العمل العالمية يشير إلى أن 58.7 % من العراقيين معطلون اقتصاديا بواقع 31.1 % من مجموع الرجال و86.2% من مجموع النساء، في حين سجلت أرقام المفوضية العليا للاجئين أن 1.33 مليون عراقي مهجر داخلياً".
ودعونا نتساءل لو أن هذه الأموال الباهظة التي أنفقت ولا تزال في تصنيع صورة مبهرجة لقوات أمنية أثبتت أنها ضعيفة الأداء، قد وجهت لمحاولة ترميم البلاد وانتشالها من دروب الفوضى والفقر والتخبط الأمني، لكان من الممكن أن لا يطالب الاعلام كل يوم من الناس أن لا تنتخب هؤلاء الذين فشلوا في حماية دمائهم ومعالجة الفوضى الأمنية.
وفي المقابل ترك الشارع لعصابات وميليشيات لم يجدوا من يردعهم ففرضوا سطوتهم وقسموا البلاد إلى دويلات وممالك صغيرة، في ما بينهم وكل ذلك طبيعي للغاية طالما يحكم العراق ساسة يطالبون صراحة بسحق كل من يخرج في تظاهرات سلمية تطالب بالإصلاح..
من يتفحص سيناريو المهزلة التي حصلت في الناصرية وقبلها في البصرة سيصاب بالصدمة والدهشة حين يعلم أنها وقعت في بلد به أكثر من مليون منتسب للقوات الأمنية، وبه رئيس مجلس وزراء يتولى مسؤولية القائد العام للقوات المسلحة وقادة أمنيون تشع وجوههم بابتسامة النصر، وهم يتهيؤون للحظة إلقاء القبض على "عبد المحسن السعدون" بالجرم المشهود، كونه متهما بالوقوف وراء تفجيرات الناصرية والبصرة وميسان.
القوات الأمنية التي تركت المليشيات تسرح وتمرح في مدن الجنوب، تريد ان تقول لنا لا يخدعنكم التاريخ الذي يقول ان "عبد المحسن السعدون" انتحر وهو يقول "الشعب يريد الحرية والاستقلال ، لكن حكامه لا يوافقون" وأنه رفض عنجهية الإنكليز .. فقد كشف لنا واضعو تاريخ العراق الحديث وعلى رأسهم حنان الفتلاوي، أن الرجل مطلوب اليوم بتهمة 4 إرهاب، ويحتاج إلى أوراق ثبوت وأدلة تؤكد أنه عراقي النشأة والهوى.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. عساكم بخير

    لاغرابة مما يحدث اليوم وكل يوم في عراق غابت عنه كل اوجه الوطنية الحقة وتسيد على رقبته هولاء الرعاع والمفسدين واصحاب النوايا الخبيثه سيدي عندما يكون المالكي نفسه يسمح بتصدير هكذا تفاهات ويمنح القاتل هويات وباجات ورواتب وسلاح مرخص للقتل المجاني وتهجير كل من

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram