حمّل الصديق الكاتب عبد الخالق كيطان، في مقال كتبه قبل أيام، الناخبين العراقيين مسؤولية وصول شلة من السياسيين، وصفهم بانهم "يعانون من ضحالة فكرية قلّ نظيرها".ومثلما انتقد السياسيين بجرأة، ليست جديدة عليه، وصف جمهور الناخبين بانه "جمهور يعادي المدنية، أنه جمهور الشعر الشعبي".
أظنها المرة الأولى، بالنسبة لي، أقرأ فيها أو اسمع من يحمّل جمهور الشعر الشعبي وليس الشعراء الشعبيين، قسطا كبيرا من مسؤولية ما حل بالعراق من خراب عنقودي. قبل كيطان، في منتصف التسعينات تقريبا، كان الشاعر جان دّمو يصر على ان الشعراء الشعبيين يجب ان يقدموا للمحاكم بتهمة انهم دمروا البلد. وصل به الأمر يوما انه لم يرد سلام احد الشعراء الشعبيين يوم كان بعمّان. علقت، في وقتها، باني رغم قسوة ما قاله دمّو، لكني لا ألومه.
الرأي الذي طرحه عبد الخالق كان خاطفا وسريعا للحد الذي أثار عدة أسئلة في ذهني دون وجود جواب عنده. تمنيت، وما زلت أتمنى عليه، ان يتبحر أكثر في ما قاله عن جمهور الشعر الشعبي وكيف انه "عدو للمدنية" حسب وصفه. التمني ليس اعتراضا مني طبعا، بل اجد في وصفه موضوعا خطيرا يستحق التوقف عنده طويلا.
أغلبنا يكتب ويتحدث لا بل ويتغنى بأيام الشعر الشعبي، والأدب عموما، في السبعينات. شخصيا كنت مبهورا بجمهور الشعر الشعبي النوعي في تلك الحقبة. كانت أغلب المهرجانات السبعينية تقام في أروقة الجامعات والنوادي الثقافية والاجتماعية. وكان الجمهور اغلبه من النخب المتعلمة والواعية. قلتها وأعيدها اليوم ان الفضل بذلك يعود لقصائد مظفر النواب خاصة بعد صدور ديوانه "للريل وحمد". لقد اسهم الديوان في خلق ذائقة شعبية جديدة فرضت على الأغنية العراقية ان تتجدد هي الأخرى لتواكب التحول الجديد الذي غيّر الحس والذوق الشعبيين.
عندما أقدم حزب البعث على منع الشعر الشعبي بقرار من القيادة القومية في العام 1974، لم يكن خائفا من الشعر بل من نوعية جمهوره خاصة الشباب منهم. السبب المباشر لقرار المنع كان مهرجان أسبوع التضامن مع تشيلي الذي نظّمه الحزب الشيوعي العراقي. الجمهور الغفير الذي حضر المهرجان من عموم محافظات العراق، في آنها، كان اغلبه من طلاب وطالبات الجامعات ومن النخب الشبابية المتحضرة. لقد كان ظاهرة مدنية بامتياز أفزعت قيادات البعث ومؤسساته فلم يجد الحزب غير ان يسد الطريق على القصيدة الشعبية الجديدة ليحرم الجماهير العراقية من أهم منابع تهذيب ذائقتها.
هل نجح البعثيون، ومن ثم الذين أتوا بعدهم، في خلق جمهور معاد للمدنية فعلا، كما قال كيطان؟
لنرَ.
جمهور الشعر الشعبي (1)
[post-views]
نشر في: 17 سبتمبر, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 3
الشمري فاروق
نعم ماقاله كيطان هو الصحيح فلقد انقلب هولاء على كل ماضيهم خلال الاربعة عقود الماضيه وتحولوا الى طائفيين من الدرجة الممتازه
فد واحد
نحن امة بيانية ، يسحرنا البيان وننبهر بالمسجوع ونذوب بالمقفى ، الهوسة كفيلة بأشعال حرب بين قبيلتين ، الشاعر الكفيف من الديوانية ( ابو تكليف ) في رقبته دماء آلاف العراقيين عندما هوّس في حضرة القائد حاثاً على التطوع فيى المهمات الخاصة ( الما يطوع شيلة مرته
iraqiiraqi
اني بالمضبوط اذكر لبو تكليف موقف كان هجوم على الشوش والبستين والمحافظه بقياده المحافظ والمواطينين تقود تظاهره كبرى والكل واقفين على منصة المحافظ وصعد أبو تكليف وأبنه الى المنصه والله والله كان لايعرف باي مكان الهجوم وكان ابنه معه وانا واقف علمنصه معهم ,,