عادة متأصلة في النفس البشرية، منذ بدء الخليقة لحد هذا اليوم، وفي عموم أقطار الأرض، إلا من نادر الاستثناء:: نحن نحرق البخور في حضرة من نحب، ونبرر لمن نصطفي (شططهم) ونعمى عن أخطائهم، وربما نغفر لهم خطاياهم، تحت وطأة هوى أو مصلحة!
نحن نرى القشة في عين الخصم، ويعترينا عشو إرادي عن ملاحظة سيخ من حديد في عين من نحب. تبرير أخطاء هذا الحاكم أو ذاك على مر العصور،، ديدن المستشارين والمقربين، والمنتفعين، وذوي المصلحة – بكافة صنوفها وأسمائها – ولا يستثنى عشاق الحاكم لوجه الله والوطن والمنزهة من كل شائبة.
أستحضر حكاية بليغة من أقاصيص الأجداد، للعبرة.:
عرف عن شيخ عشيرة مرموقة، عشقه للتهويل حد المبالغة، مما يوقعه للوم أو العتب.
اقترح عليه الحكماء في العشيرة، أن يصطحب حكيما، يرقع له ما يتشقق من نسيج الحديث إذ يتصدر مجلس المضيف، بأن يلكزه في خاصرته، حين يبلغ به الشطط حد المبالغة.
ذات مجلس، والمضيف مكتظ بأبناء العشيرة: تحدث الشيخ عما حدث له أثناء رحلة الصيد الأخيرة، قال: وقعت عيني على سرب طائر من البط البري، بهرتني بطة سمينة، فقررت اصطيادها! أغمضت عيني اليسرى، وسددت النظر باليمنى، وصوبت. لكن – ويا للأسف - حادت البطة، ولكن ويا للعجب، لاحقتها (الصجمات) من غصن إلى غصن،ولم تتركها حتى أصابت منها مقتلا! ولما بلغنا موقع الطريدة وجدناها مشوية تفوح منها نكهة الريحان!
ولما شهد الدهشة بادية على سيماء الحاضرين، اكتشف شططه، فلكز الحكيم الذي يجاوره ليرقع له الشق. قال الحكيم:
--_ما العجب يا جماعة.. فالشيخ وهو يغلق عينه اليسرى، ويسدد النظر باليمنى، كان يخمن مسار البطة، وانتقالها من هذا الغصن لذاك،ولا عجب من شواء البطة، فقد تهاوت فوق أغصان من هشيم يابس قرب حقل للريحان، و حرارة الطلقات أضرمت النار في الهشيم.
انفرجت أسارير الشيخ، وهمهم الحضور مصدقين،، غير إن رئيس العشيرة لم يكتف، بل واصل: بعد ذاك استمتعنا بوجبة شهية قوامها ثريد مجبول ببصل وبهار و... ولما رأى الحيرة ترتسم مجددا على وجوه الحاضرين، وتعلو همهمتهم،، لكز صاحبه، ثم لكزه مثنى وثلاث، وصاحبنا ملتزم صمتا. فلما اشتدت لكزة الشيخ في خاصرة الحكيم ليرقع له الشق، صاح الحكيم نافد الصبر،: يا طويل العمر حرارة الصجمات أضرمت النار و شوت لك البطة، فمن أين أجلب المرق والبصل والبهار ونقيع الخبز...
من أين يا طويل العمر؟
حكاية عالسلاطين!
[post-views]
نشر في: 18 سبتمبر, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 2
Hassan
الان الساعدي والاسدي والبياتي والفتلاوي والهلمة كلهه احكم من هذا الحكيم لن يتوقفوا عن الترقيع وسيجدون للمرق والبصل والبهار مخرجاوان لم يجدوا لا يهم ان صدقت العشيرة ام لم تصدق.
خالد الشمس
الاخت الفاضله ام علي ...... تعقيب هام ومواد اخرى اريد ان تصل لبريدك كما وصلت مادة ( راقص باليه ) والقصاصات الاخرى ... شكر متصل وتقدير