TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > عن قم وعلاوي.. ملاحظتان

عن قم وعلاوي.. ملاحظتان

نشر في: 18 سبتمبر, 2013: 10:01 م

لدي اليوم تعليقان يخص احدهما حواراً اجريته مع الدكتور إياد علاوي، وكيف فهم ازمتنا البحرية مع ايران والكويت وحديثه الشيق عن مشروع "حنا الشيخ" المجمد رغم حماس لندن وامستردام وابو ظبي. ويتناول الاخر عثوري على صديق قديم من زمان دراستي الشرعية في مدينة قم، وغضبه على انتقاداتي المتواصلة للتطرف الذي يراه تمسكا بالمبدأ.
الصديق قيس (ابو جهاد) جعلني أتصفح مخطوطا مطبوعا "على الحجر" لكتاب "مراح الأرواح" في تصريف اللغة، لاحمد بن علي بن مسعود، درسته عند شيخ ضليع بفنون العربية، مستذكرا اجواء غرفة الدرس الصغيرة ضمن مبنى تراثي يشبه المدرسة المستنصرية، فيها يدرس الناس وينامون، وأحيانا يدفنون في الغرفة ذاتها (لو اصبح لهم شأن وشأو).
الصديق ابو جهاد مع احبة آخرين، كانوا شركاء حلقة الدرس تلك. هو يذكرني بأيام دافئة حلوة، كنا خلالها نبحث في علوم الشريعة عن أمور تصقل معايير الأخلاق التي تعرفنا عليها في بيوت أهلنا الطيبين. ابو جهاد واحد من اذكى شباب تلك الايام وأكرمهم، وهو يعتقد انني اليوم "زائغ" عن عهود تلك الحقبة ومواثيقها. يقول: هل تتذكر كيف كنا رغم الفقر والجوع نرفض تناول الطعام الباذخ الذي تقدمه الحسينيات للجميع في المناسبات الدينية؟ وذريعتنا انها من مال "الكفارات" اي الغرامات الدينية، الذي يقول المتصوفة انه مخلوط "بحرام التجارة" وينبغي اجتنابه كي لا تفسد ارواحنا؟ ويستمر في سؤالي: فما بالك اليوم تعترض على "نهج الحسين" ولا تدافع عن مظلوميتنا. ما الذي حل بورعك وتقواك؟
ولن اثقل على القارئ بتسجيل باقي تفاصيل الحوار مع الصديق النجيب، لكنه يقدم لي عينة من الناس الطيبين في كل الطوائف، ممن يشعرون بأن الظلم الكبير لا يمكن رفعه الا بالحرب والعنف. ان انصار الحرب ليسوا أشراراً، لكن شيئا ما في نظامنا الاخلاقي، يعاني من خلل عميق، ويورط اطيب الناس وأكثرهم ذكاء، باعتماد الحل المتشدد وتجنب التعامل مع السياسة كفن متعقل، يبتكر للناس ما يجنبهم الخسارات الكبيرة، ويرشدهم دوما الى ان الحرب لن تكون مشروعة، الا اذا فشلت خيارات التدبير والحكمة. يا أبا جهاد، اننا أمة لم تجرب سوى ادوات المعركة وتدفق سيول الدم. ان الورع والتقوى يلزماننا بالعثور على التسويات الحكيمة، التي جنبت باقي البشر، خراب البيوت. ان ورعنا يجنبنا اليأس من امكانية السلام، لانه من اكثر الأحلام مشروعية عبر التاريخ، وقد حلم به كل الشجعان الورعين والمحتاطين في "الفروج والدماء والاموال".
التعليق الآخر لا يتطلب مني الإسهاب، وستجدون تفصيله في الحوار المنشور مع رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي، الذي حاولت ان ألح عليه بالسؤال عن السعودية وبلدان العرب، حتى جاء حديث النزاع على خور عبدالله، فقدم شهادة مهمة حول احلام جوزيف حنا الشيخ، سليل العائلة العراقية التي تعد اقدم مجموعة عملت في الملاحة بين البصرة والشاطئ الآسيوي. لقد كتبت عن هذا مرات، آخرها مقالي قبل ١٠ ايام عن البحر الذي اهملناه، لكن علاوي يتحدث بألم عن التأييد الكبير الذي حظي به مشروع بناء ساحل صناعي عملاق يخترق مياهنا الاقليمية، ولا يكلف الحكومة فلساً. وكيف تحمس له برهم صالح وعادل عبد المهدي وآخرون، ثم استحصلت له شراكات كبيرة من هولندا وبريطانيا "ملوك البحار" والخليج، كان في وسعها ان تستثمر هدوء البصرة لانشاء مشروع عملاق يحيي طريق الحرير القديم. اسأل علاوي عن خور عبدالله، فيرد: الحل كان في الميناء العملاق، الذي جهزنا متطلباته مالياً وسياسياً، اسألوا الجعفري والمالكي لماذا قاموا بنسيانه في ادراجهم. انها تفاصيل سيتذكرها كل من آمن بأن البحر اهم من النفط، وأن الخط التجاري بين آسيا وأوروبا سبيل لشراكة أبدية مع العالم المتقدم، وبين كل اهل العراق. دعكم من البحر، لكن تجاهل المشروع الخطير، اختبار مؤلم لنقص الحكمة الذي يحرقنا اليوم.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. captain hadi alhadeethi

    بالرغم من كوني اول من نهض بالعمل البحري بعيد النهايه المؤلمه له على يد النطام السابق وانتهاء حقبه حنا الشيخ حيث قمت بتاسيس اول شركه ملاحه بحريه عام 1988 بالبصره ورغم اني احمل شهاده ماستر اعالي البحار وخبره 45 عاما في عموم القطاع البحري والموانى والنقل الب

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: ماذا يريد سعد المدرس؟

العمودالثامن: الخوف على الكرسي

العمودالثامن: قضاء .. وقدر

العمودالثامن: لماذا يطاردون رحيم أبو رغيف

لماذا دعمت واشنطن انقلابات فاشية ضد مصدق وعبد الكريم قاسم؟

العمودالثامن: أين لائحة المحتوى الهابط؟

 علي حسين لم يتردد الشيخ أو يتلعثم وهو يقول بصوت عال وواضح " تعرفون أن معظم اللواتي شاركن في تظاهرات تشرين فاسدات " ثم نظر إلى الكاميرا وتوهم أن هناك جمهوراً يجلس أمامه...
علي حسين

كلاكيت: رحل ايرل جونز وبقي صوته!

 علاء المفرجي الجميع يتذكره باستحضار صوته الجهير المميز، الذي أضفى من خلاله القوة على جميع أدواره، وأستخدمه بشكل مبدع لـ "دارث فيدر" في فيلم "حرب النجوم"، و "موفاسا" في فيلم "الأسد الملك"، مثلما...
علاء المفرجي

الواردات غير النفطية… درعنا الستراتيجي

ثامر الهيمص نضع ايدينا على قلوبنا يوميا خوف يصل لحد الهلع، نتيجة مراقبتنا الدؤوبة لبورصة النفط، التي لا يحددها عرض وطلب اعتيادي، ولذلك ومن خلال اوبك بلص نستلم اشعارات السعر للبرميل والكمية المعدة للتصدير....
ثامر الهيمص

بالنُّفوذ.. تغدو قُلامَةُ الظِّفْر عنقاءَ!

رشيد الخيون يعيش أبناء الرّافدين، اللذان بدأ العد التّنازلي لجفافهما، عصرٍاً حالكاً، الجفاف ليس مِن الماء، إنما مِن كلِّ ما تعلق بنعمة الماء، ولهذه النعمة قيل في أهل العِراق: "هم أهل العقول الصّحيحة والشّهوات...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram