TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "إنقاذ" المالكي وفصله الأخير

"إنقاذ" المالكي وفصله الأخير

نشر في: 21 سبتمبر, 2013: 10:01 م

لقد أمضينا أسبوعا مليئا بالإثارة والتسلية بفضل الحركات اليائسة لفريق السلطان. وفي وسعنا ان نحاول النظر من الأعلى لمشهد فريق السلطة خلال الشهرين الأخيرين. ألم يكن لونا من الاستسلام المتزايد "لأكثر القصائد حزنا" في صراع السياسة العراقية؟
الفصل الحالي من حكاية فريق السلطة، تلا خسارات المالكي الكبيرة في الحكومات المحلية، وسيرافقه خلال استقبال خسارات مماثلة في الاقتراع البرلماني. القضية بدأت بتصور صممه "المستشارون" داخل فريق السلطان، يهدف إلى "تنقية الأجواء مع الجمهور ومصارحتهم". المالكي شعر بسخط الناس وأراد فتح صفحة جديدة. ولكنه ولأنه لم يراجع أخطاء ٨ أعوام، فقد قرر ان ينساها دفعة واحدة ويبدأ مع الجمهور "من الصفر"، فظل هو وفريقه يرتكبان أخطاء مشابهة خلال كتابة "فصل الإنقاذ".
الفصل المحزن بدأ مع إطلالة المالكي التي تبرأ خلالها من الشهرستاني وخططه في حقل الطاقة، وكان الأمر مدعاة لتسلية الجمهور في لحظات كئيبة، وفر لهم مادة سخرية استثنائية، جوهرها اعترافات المالكي المتتالية بأنه لا يدري ولا يعلم ولم يسمع ولم ير، في معظم القضايا الحساسة. حاول ان يفتح صفحة جديدة مع الجمهور، بممارسة إهانة الجمهور، وافتراض ان الشعب سيقنع بحجج واهية وينسى، ويتحمل برحابة صدر ظل السلطان المثقل بالخطايا، فترة أخرى.
أما الأسبوع الأخير فكان ذروة مأساوية في عملية تدوين "الصفحة الجديدة" مع الجمهور، داخل حكايتين هما نفقات علاج الشيخ العطية، و"معجون المحبة" الذي نحته خطباء عاجزون في دولة القانون، خلال كلمات ميتة تريد إنجاز تصالح اجتماعي معقد، لكنها لا تملك سوى نثر متعثر ترميه في وجوهنا ثم تختبئ في جحور الخوف والضياع.
السيدة حنان الفتلاوي مكلفة بصد الهجمات التي يشنها المعارضون للسلطان، وقد دوخها جواد الشهيلي بعرض مثابر لنماذج من الخطايا، تفسر جزءا من الخراب. ومنذ شهور عجز جماعة السلطان عن إيجاد "ملف" لجواد، ولم يعثروا إلا على فاتورة علاج صرفها له البرلمان (١١ ألف دولار)، نتيجة تعرضه لحادث سيارة خطير نجا منه بأعجوبة. الفتلاوي أثارت الأمر بوصفه فضيحة كبرى توازي فساد صفقة السلاح الروسي، لكنها دفعت الشهيلي إلى "كشف المستور" والحديث عن سلسلة فواتير لصقور المالكي تفوق كثيرا المبلغ الذي انفقه النائب الصدري على دواء تعاطاه وهو بين الحياة والموت. وهكذا لم يبتلع الجمهور طعم "فاتورة الشهيلي" وانشغلوا بتفاصيل مخزية لا احد يحب ذكرها، عن نفقات علاج الشيخ العطية وعدد آخر من نواب دولة القانون. حتى ان مواقع التواصل الاجتماعي جمدت كل نشاطاتها وانشغلت بالخطأ العميق الذي ارتكبته الفتلاوي دونما مبرر واضح.
أما القضية الثانية التي تؤكد لنا ان فريق السلطان محجوز داخل لحظة تلعثم رهيبة، فقد قدمها لنا مصطلح جديد نحته السيد خضير الخزاعي أثناء عرضه لميثاق الشرف، وهو اكثر مبادرات التصالح سطحية وخواء مع الأسف، قائلا بالنص "جمعت الوثيقة، الموزاييك الملون بكل فسيفسائه.. وخلقنا منها معجون محبة يتذوقه الجميع لنكون عراقيين وطنيين...". ولا يبدو "المعجون" هنا مجرد كلمة قفزت على لسان الخزاعي، بل ربما كانت جزءا من "النقاشات الساخنة" لأن الجعفري وفي المؤتمر نفسه راح "يعجن".. قائلا "السلم ليس مفهوما نتغنى به كماليا.. السلم معجون في روحنا وأنفسنا". والشباب جمعوا الاثنين في وصلة فيديو بدأت تشتهر على يوتيوب.
ان الخطب المشوشة ليست مجرد أخطاء لغوية، لأن تلعثم اللسان يصور لنا تلعثم العقول في إدراك ما يجري. وبالتالي تلعثم الحكومة في ستر عورتها وعورتنا. والأمر يستحق ان نكتب هاتين العبارتين آلاف المرات في الصحف وعلى لافتات تجوب الشوارع، كي نفهم نحن ومن سيخلفنا على هذه الأرض، لماذا تلعثم "السلاطين" في معاينة فضائحنا الوطنية، وراحوا يفاقمون موتنا ويطلبون أربع سنوات جديدة من المهزلة.
إن "معجون" الفتلاوي والعطية والجعفري والخزاعي، هو قصارى ما عثر عليه فريق السلطان لإنقاذ الفصل الأخير من حكاية "الحاج". أي إفلاس هذا؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 7

  1. عماد السهلاني

    تحياتي الكم عوامل نهوض العراق اوالا فصل الدين عن السياسه ثانيا التعامل علئ حساب المهنيه والكفائات ثالثا رفع علم العراق ونهاء قصص الطوائف من خلال قانون يحرم هذا الامر جرم رمسخ في حق الانسان العراقي

  2. عامرعمار

    -لأعتقد أن من المستحسن أن يستخدم هذا (المعجون) لمعالجة حالة السيد العطية ونوفر للبلد أموال طائلة أفضل....

  3. حيدر العراقي

    معجون الفتلاوي والعطية والجعفري والخزاعي والسامرائي والنجيفي والجنابي و احمد العلواني (بصفته ما زال مسؤولا ويتقاضى راتبا من الحكومة).. يجب ان نضيف هذه الاسماء القذرة ليكتمل المعجون العراقي، المعجون بدم عمال المسطرالابرياء وفقراء مدينة الثورة والفلوجة ال

  4. المدقق

    لا اعلم مقدار علمك وتعليمك ولكني متأكد بان السيد الجعفري وكل اعضاء حزب الدعوة هم مثقفون حد النخاع . ولا يحتاجون لرأي شخص امي وحاقد ومريض مثلك لكي يعرفوا مستوى ثقافتهم . لذلك فلا حاجة لك للقدح بهم وبثقافتهم . اما عن مرضك المزمن والذي اسمه المالكي فأقول لك

  5. ابو سارة العراقي

    والله اخوان هذا المعجون سوالي حموضة وجالي مااكدر اخلص منه ألا ان (وعفواً للكلمة)اتقيا كل المعجون الذي تناوله الجماعة فما فائدة المعجون وبواسير العطية اتصلحت من جيوبنا ب57 مليون دينار وشنو فائدة المعجون وكلها تستلم رواتب ومحمية بالخضراء والناس المكاريد تقت

  6. عماد

    للأسف فشلت في الامتحان ولم يكن هذا مفاجئا لي لأنك لا تستطيع المساس بأولياء النعمة. تحياتي

  7. طارقا ياسين

    اتفق مع مقالة الاستاذ سرمد والعلقين قبلي عدا ماجاء في تعليق الاستاذ المدقق لاني ارى سرمد من خلال وطنيته مثقف كبير حتى ولو كان يقرأ ويكتب فقط اما بالنسبة لمن ذكرتهم فهم مثقفون بحق وشهاداتهم لهم شنحصل منهانريد مققفين تخدمنا ثقافتهم لانخدمهم نريد مثقفا يقول

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram