لم أنجح في التخلص من تداعيات المعاني التي ظلت تراودني حتى اللحظة بفعل "وثيقة الشرف" التي وقعها سياسيونا مؤخرا والتي، بحسب تصورهم، ستجعل دنيا العراق كمرة وربيع. مر ببالي شريط طويل من الأسماء التي ورد بها "شريف". لم أرتبها أو أتقصد تذكرها بل هي تبرعت تلقائيا بالمثول في ذاكرتي.
من بين الذين تذكرت كان أولهم الصديق شريف الربيعي الذي رحل وترك فينا فراغا موجعا لم تفارقنا مرارته إلى اليوم. وتذكرت عزيز شريف وبقايا كلمات من العمود الذي كتبه عنه الراحل أبو كاطع. انتقلت للسينما فلاحت لي صورة عمر الشريف كيف كان في أيام فاتن حمامة وكيف صارت ملامحه عندما أصبح نجما سينمائيا عالميا. وآخر حتى أنا لا ادري كيف ولماذا تذكرته اسمه شريف الراس. إعلامي سوري جاءوا به في منتصف السبعينات ليشرف على تحرير أغانينا من الحزن! الغريب ان هذا الرجل الذي كان من بين أوائل الذين حاربوا التراث الشعبي العراقي أشرف بنفسه على إعداد تمثيلية عن فدعة. سوري يكتب عن فدعة! كانت الفنانة سعدية الزيدي قد مثلت دور البطلة فجاء لها بمقطع من النواعي لتنعى به أخاها حسين:
حملتك ابطني تسعه اصحاح
صاحت به الزيدي: ولك يا مدولب هذا اخوي مو ابني. جوابه كان: وشو عرّفني أنا؟
وأخيرا مر بذهني المثل البغدادي "شريف روما". كنت قد سمعت به كثيرا لكني لم أكن أعرف قصته. بحثت عنه في "موسوعة الكنايات العامة البغدادية" للشالجي فلم اجد له أثرا. الغريب اني وجدت من سأل عن قصته قبل أربعة أعوام على الإنترنت وأجابه عراقي "امضبّط". مختصر الجواب:
ان المخرج المسرحي المصري جورج ابيض جاء في الثلاثينات بفرقته إلى بغداد كي يعرض مسرحية "يوليوس قيصر". لم يحضر معه غير الممثلين الرئيسيين أما الكومبارس فقد قرر ان يختار له عراقيين، وذلك من باب تخفيف التكاليف. اختار مقهى في الميدان لعرض مسرحيته وتفاوض مع صاحب المقهى كي يدبر له شخوصا للكومبارس. كل رواد المقهى ومن حولها رفضوا. بحسب صاحب الجواب لم يكن أمام المخرج المصري غير ان يختار جمعا من "النشالة والحرامية والمطيرجية".
ثم أضاف المجيب: " ويوم العرض المسرحي مشت الأمور على ما يرام والكهوة اللي سووها مسرح كانت مليانة بالجمهور .. إلى ان وصلت للمشهد اللي بيه ينادي حاجب الملك بأعلى صوته: والآن يتقدم أشراف روما للسلام على جلالة القيصر .. الجمهور كاعد حباب يتفرج على المسرحية إلى ان ظهر الأشراف .. وبدأ الهرج والضحك والعفاط وكل ما يخطر على البال :
- لك هذا منو ؟ هذا عبود النشال!
- لأ لأ .. دشوف هذا ؟ رزوقي ابن شكرية!
- هلللللو يااااب .. وهذا علوان ... لك انزل , صايرلي شريف روما !".
الرباط "خلّوه بيناتنه"، كما قال دولة الجار.
شـريف رومـا
[post-views]
نشر في: 21 سبتمبر, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 1
كاظم الأسدي
تسلم دكتور هاشم .. والله إنت الوحيد القادر على التنفيس حد القهقه لمأساتنا التي يحرص الزملاء في الأعمدة الأخرى على رصدها وإظهار خفاياها الأكثر مأساوية ؟ تسلم دكتور إنت وزملاءك الآخرين