TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > هل سمعتم ماقاله هادي العامري؟!

هل سمعتم ماقاله هادي العامري؟!

نشر في: 23 سبتمبر, 2013: 10:01 م

للمرة الألف الناس يسألون: ماذا يحدث؟ يسمعون كل يوم عن خطط وعمليات كبرى للقضاء على الإرهاب والقاعدة  والمليشيات وبعدها لا شيء سوى أخبار عن ضحايا جدد من الأبرياء، لا نرى سوى جنازات تطوف المدن والطرقات، كيف يمكن أن نسمع ونقرأ أخبارا عن عمليات "ثار للشهداء " وقصص عن مهاجمة أوكار الإرهابيين ومؤتمرات صحفية عن اعتقال العشرات من المسلحين، ثم بعد دقائق يصدمنا خبر.. مجزرة في مدينة الصدر،  واغتيالات في الدورة،  وتهجير في  مناطق متفرقة من بغداد ومليشيات تريد فرض منطق البقاء للأقوى في الناصرية  والبصرة  والحلة وديالى؟ هل نحن في الطريق إلى حرب أهلية، أم أن الأمر لا يتعدى حوادث فردية هنا وهناك ؟ لعل التصريح الصادم  الذي أطلقه عضو اللجنة الأمنية لمجلس محافظة بغداد يكشف لنا مدى عمق المأساة التي يتعرض لها العراقيون.. فالمسؤول الأمني يؤكد أن هناك ضباطا ينتمون للأجهزة الأمنية يسهّلون دخول المفخخات إلى بعض المناطق، بل ذهب الرجل أكثر من ذلك حين قال: أن  البعض من هؤلاء الضباط يقودون بأنفسهم المفخخات، ليضعوها في الأماكن المستهدفة بسهولة وبدون عناء!
إذاً هناك ما يشبه التواطؤ الغريب بين أجهزة حكومية وجماعات إرهابية سهّلت وتسهّل العديد من عمليات القتل المجاني للعراقيين تحت أنظار وأسماع مسؤولين كبار، في المقابل تنشغل النخب السياسية عن هذا الملف الخطير بمناقشة قضايا واستحقاقات خاصة وكأننا ننعم بالأمن في كل ربوع البلاد، وكأن الحكومة ووزاراتها الأمنية تسيطر على الأمن بالفعل، لا أفهم كيف نتحدث عن أي قضية والأمن غائب أو مغيّب، والمفترض أن تكون هذه القضية هي الأولى على رأس كل المناقشات، لا أفهم كيف ينهمك الساسة في أحاديث عن وثيقة الشرف من دون ضمان وجود الأمن أولا، اليوم ونحن نقرأ عن عمليات إرهابية عشناها من قبل، انفعلنا بها، سكبنا أنهارا من الحبر حولها، وفجأة تعرض علينا من جديد، فيتعامل البعض معها وكأنها تحدث للمرة الأولى.
لا أجد تفسيرا واحدا، إلا أن ما يجري عبث من نوع خاص، عبث لا يختلف كثيرا عن عبث تصريحات السيد هادي العامري الذي أخبرنا أمس أن الوضع الأمني لا يمكن له أن يستقر دون  تسليم الملف الأمني بيد منظمة بدر:"افسحوا المجال للبدريين، سيصبح العراق آمناً"!
يعلم السيد العامري قبل غيره أن ترديد الشعارات والهتافات لا يطمئن الآخرين، ذلك أن منطق  إقصاء الآخر يتحكم في كل  مواقف مسؤولينا، ناهيك عن العتمة التي تخيم على معظم  المواقف والضبابية التي اجتاحت معظم خطواتهم في إدارة الدولة.
السيد العامري  الناس لا يحتاجون إلى قوات"دمج"، فقد عانوا من عدم خبرة  قادتهم الأمنيين.. الناس بحاجة إلى إشاعة مفهوم المواطنة ومحاربة الفساد وحكم القانون العادل على الجميع، وبغير ذلك فالخطب والشعارات  لن تجلب لنا إلا الكوارث التي ستستمر حتى لو عقدتم مليون جلسة حوار مع رؤساء ووجهاء العشائر، فمن غير المعقول أن تمد الحكومة يدها إلى  الميليشيات ، بينما هي تغلّ يدها أمام مكونات رئيسية من الشعب وتعاملهم كأنهم مواطنون من الدرجة الثانية.  
يعلم السيد العامري جيدا أن الناس كانوا يأملون بناء مجتمع يتسع للجميع، لكن الواقع يقول ان البلاد لم تعد تتسع إلا لأصحاب الصوت العالي  وللسراق  وللانتهازيين، ولمن ينالون الحظوة عند مكتب رئيس مجلس الوزراء،  وهذا ما جعل منطق الإقصاء أو الإلغاء يسري في الحياة السياسية التي لم تعد تحمل من السياسة سوى اسمها فقط.
ولهذا كله أرجو من السيد العامري أن يحسم موقفه ويعلنه بكل وضوح، هل هو مع قوات أمنية تمثل كل مكونات الشعب، ذات خبرة ودراية بطرق معالجة الإرهاب، أم انه يسعى لبناء قوات الحزب الواحد والصوت الواحد؟ والأهم من كل ذلك..هل سيكون مستعداً لسداد ثمن الإقدام على تهميش الآخرين وإقصائهم، وهو ثمن سيكون باهظاً حتماً؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. حنا السكران

    وليش ها اللف والدوران جيبوا فيلق القدس الايراني وسيحل الامان.الفرق بين بيتان الفرنسي والعامري الايراكي هو ان حكومة فيشي خسرت الحرب والعامري وبدره حكموا بقوة الامريكان وجهل العراقيين.

  2. مهدي نوري ال كسوب

    بناء الدوله يرتكز على مفاهيم التكافيء الاجتماعي ومشاركة كل القوى الوطنيه الشريفه والنزيه وتشكيل جيش عقائدي مهني خالي من الشوائب العنصريه والطائفيه والمحسوبيه والمنسوبيه..ليستقر العراق من النصادمات والتجاذبات السياسيه والشعبيه ..بناء الدوله لايرتكز على حزب

  3. زامل اللامي

    الامن لايستقر لابميلشيات البدر ولا بمليشيات المالكي الذي لهم ضلع في هذه التفجيرات وانما يستقر في حالة واحدة فقط وهي ان تغلق الحدود مع ايران بجميع منافذها وطرقها لمدة ثلاثة اشهر فترون كيف يتحسن ويستقر الامن لان كل دول العالم يعاني من الارهاب والعمليات الار

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

باليت المدى: أسد عراقي في متحف

العمودالثامن: في محبة فيروز

 علي حسين اسمحوا لي اليوم أن أترك هموم بلاد الرافدين التي تعيش مرحلة انتصار محمود المشهداني وعودته سالما غانما الى كرسي رئاسة البرلمان لكي يبدا تطبيق نظريته في " التفليش " ، وأخصص...
علي حسين

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

 لطفية الدليمي العلمُ منطقة اشتغال مليئة بالسحر؛ لكن أيُّ سحر هذا؟ هو سحرٌ متسربلٌ بكناية إستعارية أو مجازية. نقول مثلاً عن قطعة بديعة من الكتابة البليغة (إنّها السحر الحلال). هكذا هو الأمر مع...
لطفية الدليمي

قناطر: أثرُ الطبيعة في حياة وشعر الخَصيبيِّين*

طالب عبد العزيز أنا مخلوق يحبُّ المطر بكل ما فيه، وأعشق الطبيعة حدَّ الجنون، لذا كانت الآلهةُ قد ترفقت بي يوم التاسع عشر من تشرين الثاني، لتكون مناسبة كتابة الورقة هذه هي الاجمل. أكتب...
طالب عبد العزيز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

إياد العنبر لم تتفق الطبقة الحاكمة مع الجمهور إلا بوجود خلل في نظام الحكم السياسي بالعراق الذي تشكل بعد 2003. لكن هذا الاتفاق لا يصمد كثيرا أمام التفاصيل، فالجمهور ينتقد السياسيين والأحزاب والانتخابات والبرلمان...
اياد العنبر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram