TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > دماءٌ ما بين النهرين

دماءٌ ما بين النهرين

نشر في: 23 سبتمبر, 2013: 10:01 م

المنطقة العربية عرفت وقبل اكتشاف النفط ، بانها أرض خصبة لتنفيذ أنواع الانقلابات للوصول الى السلطة ، ومعظم أصحاب السيادة والجلالة والسمو ، وصلوا الى المناصب عن طريق البيان رقم واحد او بالوراثة ، وهؤلاء اكثر تحسباً وخوفاً وقلقاً من تنفيذ انقلاب ضدهم ، فانصرفوا نحو تشكيل أجهزة أمنية مزودة بأحدث الأسلحة والمعدات والامتيازات ، لتتولى مهمة حماية البلاط والقصر الجمهوري ، وعلى الرغم من كل هذه التحوطات، يبقى خطر الانقلاب الداخلي أمراً محتملاً ، وخياراً لمن يجد في نفسه القدرة على ان يكون البديل ليعيد استكمال دورة التاريخ في سرد أحداث الإطاحة بحاكم ووصول آخر سرعان ما يتعرض للمصير نفسه ، والتاريخ العربي الحديث يحتفظ بالكثير من أحداث "الغدر والخيانة " للإطاحة بأصحاب العروش سواء من قبل البطانة بمساعدة الزوجات والأبناء والأحفاد ، او من قياديين بارزين في الحزب الحاكم .
أطباء الملوك والرؤساء العرب ، وحدهم يمتلكون معلومات دقيقة عن أسيادهم ، وفي حال توفرت فرصة نشرها ، سيطلع الشعب على حجم معاناة الملك او الرئيس نتيجة الخضوع لهواجس الانقلاب ، فداء الملوك "مرض النقرس" اقل وطأة على صاحب الجلالة ، من تحرك مغامر يتطلع لسرقة التاج والجلوس على العرش ، والتاريخ فيه من الشواهد والأحداث ، ما يبين اتفاق مجموعة من بطانة الملك على ساعة الصفر للإطاحة بصاحب العرش ، وحبسه بزنزانة منفردة ان اسعفه الحظ ، وقد ينال شفقة الانقلابيين في الإبقاء على حياته ليكون عبرة لمن اعتبر.
في كثير من الأحيان يكون الانقلاب من تدبير البطانة والمقربين من الحاكم ، لانهم اكثر استشعاراً للخطر حينما يفكر صاحب القرار بإبعادهم او إحالتهم للقضاء ، سواء بتهم الخيانة العظمى او سرقة المال العام ، وغالباً ما تتحالف البطانة مع النساء "لأن كيدهن عظيم " ضد صاحب الجلالة والسيادة ليواجها المصير المحتوم ، ويسدل الستار على مرحلة سابقة لتسجل في التاريخ باسم العهد المباد.
بإمكان المصاب بداء الملوك معالجته باستخدام نوع من الدواء والابتعاد عن تناول اللحوم الحمراء ، أما الشعور بالضجر ، فيتبدد بإحضار المهرجين ، وأصحاب الألعاب البهلوانية ، والسحرة ، وفي الوقت الحاضر أصبحت متابعة الفضائيات ومشاهدة المسلسلات التركية المتعة المفضلة لحكام على ثقة تامة بقدرة قواتهم المسلحة على إحكام سيطرتها على البلاد في كل الأحوال والظروف بمساعدة قواعد أجنبية .
ملك يتابع فضائية منوعات يعطي صورة واضحة للبطران المسترخي ، أما الآخر فمنشغل على الدوام بمشاهدة ماتبثه فضائية حزبه من أخبار وتقارير ولقاءات وتصريحات وفي بعض الأحيان قصائد مديح وأهازيج، و يكشف بكل وضوح عن هواجسه ومخاوفه ، من انقلاب اسود مصخم ، قد ينفذه الشركاء والحلفاء وبعض رجال البطانة ، وهذا ما يدفعه الى إصدار بيانات يومية تحذيرية ، والتلويح ببحار من الدم ، لمواجهة صفحة الغدر والخيانة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram