سلام مربع مصري وتحية مكعبة عراقية تستحقهما بجدارة قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني (يكتي)، فهي أتت بما لم يأتِ به الأولون من الأحزاب العراقية، على ما تختزنه الذاكرة، ونأمل أن يفتح هذا الذي سجلت به هذه القيادة سابقة تاريخية، الطريق لسلوك سياسي عام في بلادنا نحتاجه بشدة لكي نتعافى من أخطر أمراضنا السياسية والاجتماعية على الإطلاق، الأنانية والتكبر والتجبر والغطرسة.
بروح رياضية ونفس راضية، أقرّت قيادة الاتحاد الوطني بالخسارة الموجعة لحزبها في انتخابات اقليم كردستان الأخيرة، مع ان النتائج النهائية لم تُعلن بعد ولن تُعلن قبل أسبوع من الآن.
بعد اجتماع له في اليوم التالي للانتخابات التي جرت يوم السبت، أصدر المكتب السياسي للاتحاد بياناً يستحق أن أعيد هنا نشر مقتطفات ضافية منه، لأنه في الواقع أشبه بمعزوفة وطنية مهيبة:
(( في بداية الاجتماع هنأ المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكردستاني أبناء شعب كردستان بنجاح الانتخابات وإنجاح الديمقراطية حيث أنها تخدم تعميق الحياة الديمقراطية في اقليم كردستان، وهي أحد الأهداف والشعارات الرئيسة العتيدة للاتحاد الوطني الكردستاني، كما شكر المكتب السياسي المواطنين في كردستان الذين شاركوا بحماسة وحرص في الانتخابات (.....) وأكد الاجتماع انه بالرغم من ضرورة انتظار النتائج الرسمية للانتخابات وحسم الشكاوى، لكنه وقف عند النتائج الأولية، وأكد ان هذه النتائج هي مبعث قلق للاتحاد الوطني الكردستاني وليست مفرحة ولا تليق بتأريخ وموقع ونضال الاتحاد الوطني الكردستاني، لكنه سيأخذ النتائج الأولية كرسالة، مؤكداً انه يتحمل المسؤولية الكاملة أمام الرفاق ومخلصي الاتحاد الوطني، كما سيقوم بالتحقيق في الأسباب المتعددة والمسببة لتلك النتائج بالتشاور مع المجلس القيادي والكوادر المتقدمة والمختصين من أصدقاء الاتحاد الوطني، وسيقوم بإعادة النظر في آليات العمل والإدارة والبرامج ومستلزمات العمل والمهام والمسؤوليات داخل الاتحاد الوطني الكردستاني. كما شدد المكتب السياسي على ان الاتحاد الوطني الكردستاني يحترم إرادة شعبنا وسيلتزم بها)).
هذا الاعتراف بالخطأ نادر الحدوث في حياتنا السياسية .. كل ما عانيناه، على مدى العقود التسعة من عمر دولتنا الحديثة، من كوارث ومحن ومآسٍ وهزائم وخيبات وانكسارات واندحارات وانهيارات ومن تخلف، إنما مردّه الى هذه العلّة، عدم اعتراف قوانا السياسية وزعاماتها، اليسارية واليمينية والبين بين، الحاكمة والمعارضة، بأخطائها وخطاياها. وها نحن اليوم أيضاً نعاني الأمرّين مع الإرهاب المنفلت والنزوع نحو التسلط الدكتاتوري وطغيان الفساد والفاسدين واستباحة التخلف، لأن أحداً في دولتنا الفاشلة الحالية لا يريد أن يعترف بانه على خطأ، فيما الكل على خطأ جسيم، والبعض، وبخاصة الذي يهيمنون على مقاليد السلطة، يقترف الخطايا ويرتكب الآثام في حق شعب لم يبق منه غير الجلد والعظم.
لابدّ ان الاتحاد الوطني الكردستاني تسبّب بنفسه لنفسه بهذه النتيجة الموجعة في الانتخابات الأخيرة بارتكابه خطأ ما، وربما عدة أخطاء، لكن اعتراف قيادته بأخطائها وتعهدها بالمراجعة وتأكيد احترامها لإرادة الشعب، ستكون الرافعة لوضع أفضل في المستقبل للاتحاد ولغيره من القوى السياسية التي ستكون خبرة الاعتراف بالخطأ في متناولها، إن أرادت.
سلام مربع.. لليكتي
[post-views]
نشر في: 23 سبتمبر, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 1
الشمري فاروق
شكرا لك ايها العزيز على عمودك الجميل هذا.... يبدو ان سياسيينا لم ولن يتعلموا سياسة الاعتذار ابدا رغم ما ارتكبوا من اخطاء بحق هذا الشعب ... وشكرا للاتحاد الوطني الكردستاني لموقفه الشجاع هذا