TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الترويج للبشاعة

الترويج للبشاعة

نشر في: 24 سبتمبر, 2013: 10:01 م

 الكثير من  وسائل الإعلام المحلية ،  تتجاهل أو ربما لا تعلم بوجود معايير دولية تحظر الترويج للبشاعة بالامتناع عن بث  صور ومشاهد من شأنها  إثارة الرعب والخوف  بين المشاهدين على اختلاف أعمارهم ،  فضائيات" العراق الحزبية" ، وانطلاقا من إيمانها  برسالتها الإعلامية الحريصة على استقطاب الرأي العام وخلق توجهاته بما ينسجم مع  "منطلقات الحزب وأفكاره "  اعتادت عرض مشاهد القتل والتمثيل بالجثث  وقطع الرؤوس بالسيوف ، لإدانة ممارسات تنظيمات إرهابية ،  من دون أن تعلم بأنها  تقدم خدمة لمحترفي القتل المجاني ، بالترويج  لممارساتهم ،  وإيصال رسائلهم إلى أكبر عدد من المشاهدين .
 في العام 2002 وعلى خلفية حادث  اغتيال الشاعر محمود البريكان في محافظة البصرة ،أرسل مكتب مجلة عربية  تصدر في لندن ،  من بغداد ،  قصة الاغتيال بكل تفاصيلها مرفقة بصور حصل عليها المكتب من مصادر في الشرطة  ،  ونشرت المادة خالية من الصور ، لأنها تخالف المعايير الدولية المعتمدة في وسائل الإعلام بحظر الترويج للبشاعة ،  وكان رأي إدارة المجلة موضع استغراب  للعاملين في مكتبها في بغداد ، لعدم اطلاعهم على تلك  المعايير ، وقناعتهم بأن صورا من هذا النوع متداولة في وسائل الإعلام المحلية ،  وتحظى بموافقة الرقيب .
أحد العراقيين  من طالبي اللجوء الإنساني في هولندا ، تأخر ترويج معاملته في لمّ شمل أسرته  ، من دائرة الهجرة في  مدينته لأنه قدم صورة لابنه  البالغ من العمر 7 سنوات  تظهره  مع ثلاثة من رجال الشرطة حاملا سلاح احدهم ، وأخبرت  الدائرة  صاحب الطلب  بأن هولندا غير  مستعدة لتلبية طلبه لوجود نزعة عنف لدى  الطفل ، وبعد مراجعات طويلة  وتقديم صور أخرى ،  تثبت أن حامل الرشاشة من دعاة الرفق بالحيوان ، ومن هواة تربية الطيور ورعايتها   ، حصلت الموافقة على دعوته مع أسرته للالتحاق بأبيه في هولندا ، وبعد أيام من وصوله،  خضع لبرنامج تأهيل  لمعرفة استعداده للاندماج  بالمجتمع ، وتخليه عن نزعة العنف .
 الرغبة في عرض البشاعات ليست  وليدة اليوم ، فعندما كان الإعلام الرسمي في سنوات الحرب العراقية الإيرانية  يعرض  بشكل يومي  ما كان يسمى" صور من المعركة " تقبل المشاهدون البشاعة  لأنها في ذلك الوقت  تعكس صورة " انتصارات تاريخية رفعت راية الأمة العربية على  البوابة الشرقية  "  كما كان يصفها الشاعر الفلسطيني المقيم في العراق أديب ناصر !
إصرار  البعض على عرض البشاعات امتداد طبيعي لمرحلة سابقة ، وعلى الرغم من تباين أهدافها إلا أنها  تشترك بعامل واحد هو إجبار العراقيين على  العيش في رعب دائم ، وهم ليسوا بحاجة لتذكيرهم بجرائم الإرهابيين  بصور تبثها فضائية  مع خطب الأمين العام  لحزبها ، المقيم في منطقة محصنة وتحت تصرفه فوج كامل  مكلف بحمايته في حله وترحاله لحفظ أمنه الشخصي.   

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

العمود الثامن: ليلة اعدام ساكو

 علي حسين الحمد لله اكتشفنا، ولو متاخراً، أن سبب مشاكل هذه البلاد وغياب الكهرباء والازمة الاقتصادية، والتصحر الذي ضرب ثلاثة أرباع البلاد، وحولها من بلاد السواد إلى بلاد "العجاج"، وارتفاع نسبة البطالة، وهروب...
علي حسين

قناطر: المسكوت عنه في قضية تسليم السلاح

طالب عبد العزيز تسوِّق بعضُ التنظيمات والفصائل المسلحة قضية الرفض بتسليم أسلحتها الى الدولة على أنَّ ذلك قد يعرض أمن البلاد الى الخطر؛ بوجود تهديد داعش، والدولة الإسلامية على الحدود مع سوريا، وأنَّ إسرائيل...
طالب عبد العزيز

ناجح المعموري.. أثر لا ينطفئ بعد الرحيل

أحمد الناجي فقدت الثقافة العراقية واحداً من أبرز رموزها الإبداعية، وهو الأديب ناجح المعموري الذي توزعت نتاجاته على ميادين ثقافية وفكرية متعددة، القصة والرواية والنقد والميثولوجيا. غادرنا بصمت راحلاً الى بارئه، حيث الرقدة الأخيرة...
أحمد الناجي

من روج آفا إلى كردستان: معركة الأسماء في سوريا التعددية

سعد سلوم في حوارات جمعتني بنخبة من المثقفين السوريين، برزت «حساسية التسميات» ليس كخلاف لفظي عابر، بل كعقبة أولى تختزل عمق التشظي السوري في فضاء لم تُحسم فيه بعد هوية الدولة ولا ملامح عقدها...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram