هل تتخيلون رئيس حكومة عراقية يلعب الغولف ويحفظ أشعار جلال الدين الرومي؟ هذه ملاحظات اقتبسها من دردشة آخر الليل مع أصدقاء موزعين على اطراف الارض السبعة. الاصحاب تساءلوا: بعد هذه الثمانية العجاف مع طاقم السلطان، هل سيشعر زعماء الكتل بمسؤولية إزاء الشعب ويتنازلون عن مطامحهم ويختارون رئيس حكومة بمستوى الطموح؟ ام ان قادة الكتل او عرابي هذه المناصب، وصانعي الملوك في دولتنا اللادولة، يشبهون الشاب الحريشاوي الذي ظهر في فيديو التيار الصدري وهو يعترف بدم بارد بقتل المئات عبر التفخيخ، وقلنا انه لا يعبأ بقواعد الحياة ولا الموت لانه فقير الانتماء للجماعة الإنسانية، ويعاني فراغا عاطفيا رهيبا، وأمضى طفولة معذبة؟ ان ملاحظة الصديق تفزعني، فهل يمكن ان يكون بين صانعي الملوك والسياسات الخائبة في بلادنا، اشخاص يشبهون هذا الشاب المسحوق منعدم الاحساس، مع فرق ان الشاب الإرهابي قتل العراقيين ابناء مدينته وطائفته، بالديناميت، بينما صانعو السياسات يقتلون الشعب بالفساد والاهمال والهدر واثارة الانقسام وعدم الاحساس بالمعاناة والانفصال عن الواقع؟
جيد ماذا لو اقتنع صانعو الملوك بأن على العراق ان يجرب تغييرا ويحصل على رئيس حكومة جديد ومختلف؟
اكثر التوصيفات التي اجابت على هذا السؤال، طرافة ودقة، تلك التي قالها صديق يسكن جنوبي آسيا، ويقول ان الرؤساء وكبار المسؤولين في تلك البلدان، يتمتعون بمواصفات خبير العلاقات العامة اللبق والمتأني، الذي يمكنه تسويق بلاده وترويجها كتجربة مثابرة تصر على الانخراط في العالم المتقدم. ومن يحسن فعل هذا مع الخارج سيحسن اختيار مواقف مناسبة مع الداخل ويتفهم الناس ويبرع في اقتراح التسويات وتبريد الخلافات وادارة الخسارة بنحو متقن.
يتمنى هذا الصديق ان يكون لدينا رئيس حكومة يمكنه ان "يعزم نفسه" في مزرعة الرئيس الاميركي ليناقش معه الشراكات الكبرى اثناء لعبة الغولف التقليدية هناك. ويكون في وسعه ايضا ان يستشهد خلال التفاوض مع زعماء انقرة وطهران، بقصائد لجلال الدين الرومي، وبعض الملاحم البابلية. كما لا يجد حواجز تمنعه من التفرج على سباق الهجن والمشاركة في رقصة السيف مع الخليجيين. وفي الداخل سيمتلك الاريحية الكافية في التعامل مع الكنيسة ومندى الصابئة، ويجالس شباب الكرد على السفح، ويتعرف على هواجس شباب الانبار ويحدثهم في الرمادي وجها لوجه، بل ويبحر مع الصيادين في الفاو. بهذه الطريقة يمكن اشاعة جو من الود والفخر الوطني، يمهد لظهور تسويات معقولة، وينتزع تنازلات مجردة عن العناد. وسيساعده ذلك على فهم جميع الخصومات والخلافات، وسيجنبه ان يصم اذنيه ويصرخ انه المحق الوحيد بين ثلاثين مليون عراقي، كما يساعده على ضبط اعصابه ونسيان امر قوات سوات التي حركها الاخرون بسبب وبلا سبب وأثاروا كآبة وطنية رهيبة. وسيجنبه ذلك ان يتخذ اسرع القرارات في اخطر المجالات، وسيشجعه على الذهاب اسبوعيا للبرلمان.
ان الامر ليس حلما عميقا، بل هو اسلوب متبع في صناعة الملوك في كثير من بلدان العالم الثالث التي تحاول وضع حد لفشلها وانكفائها. وقد ذكرت سابقا ان ظاهرة النائب مطشر السامرائي كنموذج لعضو البرلمان غير الكفء، تكشف لنا ان قادة الكتل وصانعي الملوك، لم يكنّوا لنا احتراما كافيا حين قاموا باختيار ممثليهم في السلطة. واليوم نوشك على حلول الاستحقاق الكبير بعد بضعة شهور، وسنختبر كل العرابين، وما اذا كانوا قد تغيروا حقا وصاروا يحسبون حسابا لغضب الشعب ومظاهراته العارمة.. وسنرى هل سيختارون لنا "سلطانا" يشبه في فقره الروحي الشاب الحريشاوي، ام سيحاكي زعماء آسيا الذين ينجحون بلباقتهم في اطفاء حرائق حمقاء تهدد كل شيء. ان كمية الحمق في جماعات الموت والفساد، ينبغي ان تنطفئ بكمية العقل والتدبير في الحكومة. وبخلاف ذلك فسنظل ضحية لعبة خسيسة يتمتع كلا طرفيها بالحمق، حين تتشابه قواعد الموت وقواعد الحكومة. هذا هو اختباركم يا زعماء الكتل. ولن نتساهل معه ابدا. ولن نسكت!
رئيس الوزراء المقبل
[post-views]
نشر في: 25 سبتمبر, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 2
حسن الدراجي
موصفات رئيس الحكومة المقبل ستأتي لنا من خلال الانتخابات البرلمانية القادمة ، وبحسب ضوابط التقييس والسيطرة النوعية مطابقة تماما لمشروع ( معجون المحبّة )
خالد ابراهيم الحمداني
شعب يقتل دعاته وينتخب طغاته يستحق ما يجري عليه واكثر ما حصل اليوم ما جنته ايدي العراقيين حينما اختاروا ان يكون القتلة والفاسدون قادتهم ,, واصابهم سيئات ما عملوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤون ,, ان هذه الدماء التي سالت اليوم ليست الا انتقاما الهيا وسنة قرأ