أسواق تعج بالناس وطلاب منتظمون في مدارسهم وانسيابية في حركة الشوارع، هذا هو المشهد بعد يوم واحد من التفجيرات التي استهدفت المجمع الأمني في قلب أربيل وأسفرت عن مقتل جميع المهاجمين وسط تأكيدات من الجميع بأن العملية فاشلة في التنفيذ وفي الرسائل التي حاو

أسواق تعج بالناس وطلاب منتظمون في مدارسهم وانسيابية في حركة الشوارع، هذا هو المشهد بعد يوم واحد من التفجيرات التي استهدفت المجمع الأمني في قلب أربيل وأسفرت عن مقتل جميع المهاجمين وسط تأكيدات من الجميع بأن العملية فاشلة في التنفيذ وفي الرسائل التي حاولت إيصالها .

يومٌ جديد
ويعد مجمع الأسواق التجارية في منطقة شيخ الله هو المكان الأمثل لرصد حركة الحياة في أربيل بعد تفجيرات ،اول من امس الأحد، فقد فتحت جميع المحال أبوابها وازدحمت بحركة المتبضعين في حين واصلت بورصة اربيل تداولاتها  بشكل طبيعي ، ويرى آزاد صديق الذي كان يحمل مجموعة من القرطاسية والأدوات المدرسية ان الكرد شهدوا الكثير من المآسي والمصائب في تاريخهم وكان ردهم دائما هو بالدعوة الى الحياة والتعايش لان الحزن والجزع هو تماماً مايريده المجرمون ونحن لن نمنحهم مايريدونه.
وبلغة عربية فيها بعض الصعوبة يبادرني بائع الفواكه هيمن صباح بالقول ان الجميع عاد لمزاولة عمله اليوم ولم يتأثر شيء في حياة المواطن الهوليري ، مضيفاً بان حادثة مديرية الاسايش وقبلها تفجير عام 2007 لم يكونا بحجم كيمياوي حلبجة او عمليات الانفال ويسألني هل زال او انقرض الكرد ؟ ويجيب على نفسه : كلا لم ولن ننقرض ,ويقدم لي تفاحة مع ابتسامة ونتبادل كلمات الشكر.
وفي محيط قلعة أربيل التاريخية حلقت اسراب الحمام وانطلقت نافورات المياه وعاد المصورون الجوالون وانتشر الزوار والسياح بمختلف الجنسيات في المقاهي القريبة والذين انشغل العديد منهم بتصوير عملية نصب بوابة القلعة وترميم سوق القيصرية الشهير.
بارزاني يتفقد الجرحى
وتفقد رئيس الإقليم مسعود بارزاني ،امس الاثنين، الجرحى الذين أصيبوا في الحادث والراقدين في مستشفى أربيل حيث قرر إرسال اثنين منهم إلى خارج البلاد لتلقي العلاج المناسب، بالاضافة الى إرسال طفل كان قد فقد عينيه في تفجير وقع في منطقة رحيماوا في كركوك قبل نحو اسبوع إلى الخارج لتلقي العلاج أيضا.
وفي بيان له اكد رئيس وزراء الإقليم  نيجيرفان بارزاني ان هدف الإرهابيين كان جرح الحرية والتحرر في كردستان، مضيفاً بان الإرهابيين بدورهم يعلمون جيداً ان الأمن والاستقرار وأجواء الحرية التي يتمتع بها المواطنون وإجراء انتخابات حرة في 21 من ايلول الجاري هي مكاسب لقوى الأمن الكردستاني ولهذا تعرضوا لهجمات مباشرة. وبين رئيس الوزراء ان قوات الأسايش واجهت بكل شجاعة خلال الستة أعوام المنصرمة العديد من مؤامرات الإرهابيين، موضحاً بانها خلال هذه الفترة أفشلت العديد من محاولاتهم وقدموا أرواحهم من اجل شعب كردستان وهم معرضون دائما للخطر، داعياً المواطنين الى مساعدة القوات الأمنية من خلال التبليغ في حال شكهم  بأي نشاط أو حركة.
  عملية فاشلة
وبوصفه شاهد عيان في أثناء الحادث فإن الصحفي والإعلامي عبدالحميد زيباري كان يتوقع سقوط عدد كبيراً جداً من الضحايا قياساً بحدة الاشتباكات التي شاهدها ولكنه يؤكد بأن قوات الأسايش كانت إرادتهم اقوى من إرادة الإرهابيين ولم يسمح لهم بإكمال مهمتهم وتم قتلهم قبل الوصول الى داخل المبنى ، مشيراً إلى أن العملية كانت فاشلة ولم تحقق هدفها المتمثل بالحاق اكبر قدر من الأضرار . واكد زيباري أن الرسالة التي أراد الإرهابيون إيصالها وهي تعكير أجواء الفرح والسعادة التي دبت في المدن الكردية بعد نجاح العملية الانتخابية التي جرت في 21 من شهر أيلول الجاري ودليل على ذلك التوقيت الذي اختاروه وهو اليوم الثاني لإعلان نتائج الانتخابات .
 ويرى مدير مكتب قناة الجزيرة في كردستان احمد الزاويتي ان العملية جاءت رداً على النجاحات الكبيرة التي يحققها الإقليم وآخرها نجاح الانتخابات بالإضافة الى الاستعداد لحمل لقب عاصمة السياحة العربية 2014 بالإضافة الى استمرار أعمال البناء والتطوير .
ويشدد الزاويتي على ان العملية فشلت بكل المقاييس مشيداً بالتعامل المهني للقوات الأمنية التي ساهمت بشكل كبير في تقليل عدد الخسائر الى ادنى حد قياساً بالمنطقة والتوقيت اللذين حدثت فيهما الانفجارات فالمنطقة مزدحمة بالناس والزمان هو وقت الذروة ومع ذلك نجد انه ليس هناك قتلى في صفوف المدنيين وان اغلب الخسائر كانت في صفوف القوات الأمنية والطواقم الطبية.
ويوضح الزاويتي ان الحالة الأمنية في الإقليم ناتجة من فعالية وقوة المنظومة الأمنية التي تمكنت من إحباط العشرات من التهديدات الأمنية طيلة السنوات الماضية وأفشلتها قبل الدخول الى حدود الإقليم بالإضافة الى ان الحاضنة الشعبية في كردستان تقف بالإجماع ضد العمليات الإجرامية.  ويستبعد الزاويتي ان تؤثر العملية على سير النشاطات السياحية والاقتصادية وخصوصاً الاستثمارات الواردة بكل جنسياتها إلى إقليم كردستان .
مجلس عزاء في مكة
 بُعد الحجاج الكرد عن بلادهم لم يمنعهم من التواصل مع حادثة ،امس الأول، فقد نقلت صحيفة كردية ان الحجاج الكرد أقاموا مجلس عزاء لضحايا هجمات الأحد للتعبير عن مواساتهم لعوائل الشهداء ومن بينهم نجل احد الحجاج.
وأضافت الصحيفة أن الحجاج الكرد دعوا الله سبحانه وتعالى ان يجنب أربيل كل مكروه وان يرحم الشهداء ويشفي الجرحى ،مبينة انهم لدى متابعتهم للأخبار بشأن الهجوم الإرهابي في أربيل تبين لهم  بأن نجل احد الحجاج كان من بين الشهداء, فبادروا الى إقامة مجلس عزاء له ولكل شهداء هذا الحادث الإرهابي , في جامع فندق إيلاف في المكة المكرمة حيث شارك جميع الحجاج الكرد فيه .
و شكر الحاج نادر منتك والد الشهيد رسول نادر مامند الذي كان واحدا من أفراد الاسايش الذين استشهدوا في هجوم اول من امس الإرهابي وهو أب لطفلين، شكر الحجاج على مواساتهم له وعلى مجلس العزاء الذي أقاموه .
إدانة أممية ودولية
وأثارت تفجيرات أربيل سلسلة إدانات عالمية وأممية حيث  أعربت الأمم المتحدة عن صدمتها ازاءها . وقال الممثل الخاص في العراق نيكولاي ملادينوف: لقد أصابني الهجوم الذي ضرب أربيل بالصدمة وشعرت بالقلق حياله ، مضيفاً لقد ظلت أربيل تنعم بالأمن والسلام لسنوات عديدة، داعيا السلطات الإقليمية والوطنية الى العمل معا لضمان استمرار الهدوء في كافة أرجاء الإقليم وتقديم المسؤولين عن الهجوم إلى العدالة.
من جهتها أعربت سفارة الولايات المتحدة في العراق عن استيائها من الهجوم الذي استهدف مباني حكومية في إقليم كردستان في أربيل ، مبينة أنها وفي الوقت الذي تقدم السفارة الأمريكية خالص تعازيها ومواساتها للضحايا وأسرهم جراء هذا الاعتداء الجبان، فإنها تؤكد على مواصلتها دعم حكومة إقليم كردستان وحكومة وشعب العراق في مكافحة الإرهاب باعتباره العدو المشترك.
ردود أفعال
وفي ردود الأفعال السياسية اعرب زعيم القائمة العراقية إياد علاوي عن حزنه لقيام مجموعة من القتلة بارتكاب تفجيرات بهدف زعزعة الاستقرار في إقليم كردستان والنيل مما حققه شعبنا الكردي وقيادته الحكيمة متمثلة بالرئيس بارزاني وبسائر القوى السياسية الكردية.
وأكد علاوي على وقوفه يداً بيد مع الأخوة في إقليم كردستان ضد كل من تسول له نفسه النيل من شعبنا الكردي ومن العراقيين، معرباً عن كامل استعداده لتوظيف ما يمتلك من قدرات لخدمة شعبنا الكردي كمنطلق لخدمة واستقرار العراق ككل.
من جهته دان حزب الدعوة الإسلامية تفجيرات أربيل بإقليم كردستان مشيراً على لسان ناطقه الرسمي بان ماجرى يؤكد ان الإرهاب لايفرق بين عربي وكردي، وهو يستهدف جميع العراقيين كلما سنحت له الفرصة ، داعياً  حكومتي الإقليم والمركز للتعاون الوثيق والوقوف صفا واحدا من اجل دحر الإرهاب وحماية أبناء الشعب العراقي وتجربته السياسية الرائدة .
الى ذلك اكد الحزب الإسلامي العراقي ان الجريمة النكراء التي تعرضت لها محافظة أربيل تعزز القول بان العراق بأكمله يواجه معركة مصيرية تستهدفه وطناً وشعباً ولا بد من التكاتف جميعاً لتجاوز هذه المحنة الخانقة التي يتعرض لها بلدنا الجريح.
وشدد الحزب على أهمية العمل الجاد لعدم امتداد العصابات الإجرامية ونشاطاتها الى هذا الجزء العزيز من وطننا، موضحاً ان إقليم كردستان ظل يمثل ملاذاً آمناً لكل أهلنا ممن واجهوا اقسى الظروف وظلوا طيلة السنوات الماضية يقابلون برعاية وتعامل اخوي كبير. أما لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب العراقي فقد أكدت أن الهدف من هذا العمل الجبان نزع الأمن والسلام من إقليم كردستان ، لافتةً الى أن الإرهاب هدفه هو انتزاع الأمن من كل أرجاء بلدنا الحبيب وهو استهداف للعملية الديمقراطية في كردستان العراق.
 الحادث الأول منذ سنوات
وكان المتحدث الرسمي باسم محافظة أربيل حمزة حامد قد اكد في وقت سابق لـــ(المدى) إحباط محاولة اقتحام مديرية الأمن (الأسايش) في المدينة وقتل جميع المهاجمين الذين استخدموا سيارتين مفخختين في العملية  ، مبيناً ان القوات الأمنية تسيطر على الأوضاع وان المهاجمين لم يتمكنوا من الوصول الى المقر الرئيس للأمن وان التفجيرات والمواجهات حصلت في الشارع والمنطقة الخارجية من مديرية الأمن .
وفي ذات السياق أوضحت مديرية أسايش إقليم كردستان ان الهجوم الإرهابي اسفر عن مقتل 6 إرهابيين، كما أدى الى استشهاد 6 من منتسبي الأسايش واصابة 42 شخصا من منتسبي الأسايش والشرطة والدفاع المدني. وذكرت المؤسسة في بيان اطلعت (المدى) على نسخة منه  ان هذا الاعتداء الإرهابي هو الاول من نوعه الذي يقع في الإقليم منذ 6 سنوات، ولكن بالتأكيد كانت هناك محاولات أخرى خلال تلك الفترة من هذا القبيل، ولكنها أحبطت بيقظة قوات الأسايش.  ودعت المؤسسة المواطنين الى تقديم المساعدة والدعم للمحافظة على الأمن وممتلكاتهم. وناشد البيان المواطنين إبلاغ مراكز الأسايش بأية ظاهرة غربية تثير الشبهة بأسرع وقت ممكن، لأن تعاون المواطنين اكبر عامل لإحباط المؤامرات الخبيثة للإرهابيين.