أشك في أن الأمر هو تماماً كما أعلن عنه رئيس الحكومة منذ ثلاثة أيام، إذ قد يكون السيد نوري المالكي قد تعرّض هذه المرة أيضاً لعملية تضليل من مساعديه مثلما حدث في مرات سابقة.
السيد المالكي تحدّث يوم السبت في كلمته أمام المنتدى الثالث للجامعات العراقية العلمية الذي انعقد في بغداد، عن "المبادرة التعليمية" التي أطلقها في العام 2009، وتتضمن ابتعاث 10 آلاف طالبة وطالب للدراسة في الجامعات العالمية الرصينة في مجال العلوم التطبيقية. ووصف المالكي المبادرة التعليمية بأنها "أنموذج في التعامل مع العراقيين جميعاً دون تمييز، وكانت بمنتهى الشفافية والمهنية والانفتاح وبمشاركة 30% من الطالبات، ولم يذهب أي طالب عن طريق الرشوة أو المحسوبية أو عن طريق حزب سياسي".
هذا كلام جميل للغاية، ويستحق المالكي أن نصفق له ونصافحه بحرارة ونقبّل جبينه إن كان ما قاله صحيحاً ولو بنسبة 75 في المئة. اذا كان كلامه دقيقاً يعني أن لدينا القدرة والإمكانية على أن نجعل أمورنا الجارية الآن بالمقلوب وبالاتجاه المعاكس تمشي على السكة الصحيحة وتمضي على النحو السليم.
وراء الشك في صحة المعلومة التي أوردها رئيس الحكومة في كلمته، خوف من أن يكون المساعدون قد قدّموا له معلومات غير صحيحة تُشبه ما تلقّاه من معلومات بشأن محطات توليد الكهرباء، فهو بنفسه أعلن أن أحداً من المسؤولين والخبراء لم يُبلغه مسبقاً بأن تلك المحطات تعمل بالغاز، وهي تقنية لم ندخل حقبتها بعد!
ووراء الشك ايضاً ان كل شيء تقريباً في دولتنا تحكمه قوانين المحاصصة الطائفية والقومية والحزبية والمناطقية والعشائرية، وان عشرات الالاف من المواطنين لا يحصلون على ما يستحقون من فرص العمل والدراسة بسبب هذه السلسلة اللعينة من المحاصصات.
علمتُ منذ فترة قصيرة أن رئيس قسم في احدى الكليات، بتأييد ودعم من عميد الكلية، طلب من أحد الأساتذة في كليته أن "يُنجّح" طلبة الدراسات العليا التابعين له كلهم، وان هذا الاستاذ رفض ذلك بإصرار، وقال انه حتى لو أراد أن يتهاون مع الطلبة المعنيين فان بعضهم لا يمكن "تنجيحه" بسبب عدم انتظامهم بالدوام وتردي مستواهم العلمي، فقيل له إن هؤلاء بالذات هم المعنيون قبل غيرهم بـ "التنجيح".
هذه قصة صغيرة جداً من قصص قطاع التعليم العالي في البلاد، وواحدة من آلاف القصص المماثلة التي تحدث في كل القطاعات والوزارات ... فهل "المبادرة التعليمية" واحة في صحراء؟
اذا كان السيد المالكي نجح في جعلها كذلك فعلاً سنصفق له بحرارة ( من دون الهتاف الكريه والمعيب: بالروح والدم .. ، بالطبع) تقديراً لنجاح مؤزر انجزته حكومته وتشجيعاً للاقدام على مبادرات من هذا النوع، وأملاً في ان تتحول "المبادرة التعليمية" الى أنموذج حقيقي كما وصفها في كلمته.
جميع التعليقات 3
ali modric
تحية لكما ياستاذ عدنان والدكتور يحيى الكبيسي على برنامج الامس واقول للمحلل السياسي فقط العراق من دؤل المنطقة ومن زمن صدام يتعرض لموامرة اقليمية كبرى كفى استخفافا بعقول العراقيين معقولة عدنا عسكر فوق المليون وميزانية 30 مليار ونخاف من3 الاف ارهابي من سوريا
بشار جميل
كلام جميل ولكن هل التطبيق كذلك ؟ اعتقد ان هذه البعثات لن تختلف باي حال من الاحوال عن الايفادات والتي نسمع عنها في الدوائر الحكومية..ويقال انه عند دخول ملفات الطلاب يتم تصفيتها في البداية من قبل موظفين صغار ..وهذا غيض من فيض والله اعلم ..
thabit numan esmaeel
يابه صديقوني أن الاسلاميين لا يمكن أن يسيرون خطوة واحدة بالعراق وشعب العراق الى الامام . وجودهم على رأس السلطة يعني كل يوم نرجع سنة الى الوراء . وحتى لو كان اشرفهم وأحسنهم على رأس السلطة فلا يحدث أي تغيير ‘يجابي .وأن ما حققه المسلمون في العصور الغابرة كان