TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > سيطرة لا تشبه أربيل

سيطرة لا تشبه أربيل

نشر في: 5 أكتوبر, 2013: 10:01 م

روائي واثنان من الفنانين الشباب جاؤوا لأربيل في زيارة عمل، لكن سيطرة أربيل الجنوبية طلبت منهم بدون تفاهم ان يعودوا أدراجهم الى البصرة، لان الاعتداء الإرهابي الأخير أدى الى صدور قرار يمنع دخول الشباب الذين لا يصطحبون عوائلهم عبر الطريق البري.
ولأن هذا إجراء يقتصر على البر، وعلى "العزّاب"، فقد عدت من سفر قصير الأربعاء عبر المطار ولم تكن هناك أية إجراءات غريبة، ما يعني ان كثيراً من ذوي النوايا الإجرامية في وسعهم دخول أربيل جواً، او ضمن عائلة عبر البر، ليقوموا بما يحزننا جميعا.
اول تعليق سمعته من الأصدقاء القادمين براً، هو ان هذه السيطرة لا تشبه أربيل ولا أهلها، لا في هذا الظرف الاستثنائي الذي اعقب التفجير، ولا في شهور الصيف الماضية. فحين اصر المسافرون الثلاثة على الدخول اتصلوا بأصدقاء ومعارف أكراد فحصلوا على مساعدة وتعاون مليء بالطيبة والود والاعتذار عما حصل، وهو امر ليس جديدا على طيبة الناس في كردستان وكرمهم.
والسيطرة واجراءاتها لا تشبه أربيل ايضا، لان جهاز كردستان الإداري معروف بأنه يتطور تباعاً ويجري إصلاحات كبيرة وملحوظة في روتينه، ويستعين بلا تردد بخبرات استشارية رصينة من الدول المتقدمة، لكي تتهيأ كردستان لاستقبال العالم وفق معايير معتبرة، وهذا ما نلاحظه حين نهبط في المطار، او نراجع الدوائر الحكومية لأي غرض كان. ولا اكتم دهشتي من التقدم الذي حققه الأكراد على مستوى الإدارة خلال الأعوام الخمسة الماضية. فقد سبق لي ان استخرجت من السليمانية واربيل، "إقامة" او ما يسميه رجال الأمن هنا "بطاقة سكن لغير قاطني الاقليم" من العراقيين، وذلك في عامي ٢٠٠٦ و٢٠٠٧، وكانت الدوائر يومذاك نموذجاً مشابهاً لمؤسسات حكومتنا العراقية المتهالكة وسيئة التنظيم. لكنني وأثناء مراجعة مقرات الحكومة والأمن هذه السنة، فوجئت بتنظيم ورفاه وتسهيلات بمستوى يشبه ذلك الذي رأيناه في الأردن او دول الخليج، حيث غرف الانتظار المكيفة لدى مديرية الأمن او إدارة الناحية، والموظفون الأنيقون الذين يتحدثون العربية والإنكليزية ويرشدون المراجع الى الخطوات المطلوبة دون ملل من كثرة الأسئلة، وغرفة الشكاوى التي تستقبل الاعتراضات والملاحظات، واستكان الشاي اللذيذ في غرفة مدير تلتقيه بلا واسطة ولا تزكية من احد.
سيطرة أربيل على طريق كركوك، لا تشبه أهل أربيل ولا نظامها الإداري، ولا فلسفة التعامل اللائق الذي تعتمده كردستان لتقدم نموذجاً طيباً عن منطقة واعدة بالفرص تتخلص من عزلتها "العراقية" بسرعة، وتعوض سنوات الحرب والحصارات والخسائر. وقد سبق ان أثرت الموضوع وأثاره سواي، مع كبار المسؤولين في الإقليم، والمسؤولون برروا جزءاً من ذلك وتحدثوا عن القلق المحيط بكردستان العراق كواحة هادئة بين مناطق تتفجر وتحترق بنيران الحماقات السياسية، لكنهم اعترفوا بأن هناك سبلاً افضل لحفظ الأمن وتدقيق المسافرين، وأن من الممكن توحيد إجراءات المطار السهلة، مع إجراءات سيطرة أربيل، بقليل من العناية والتدبير.
وهناك رجاء عميق جاء على لسان رئيس حكومة الإقليم نيجيرفان بارزاني عبر المدى مؤخرا، بأن لا يكون هناك فهم خاطئ لدى العراقيين لإجراءات التدقيق والتفتيش، او يتصوروا ان الأمر أشبه بعبور من دولة الى اخرى، وان الغرض هو امنهم وأمن كردستان فقط وفقط.
وفي وسعنا ان نتفهم ذلك، بل ونحرص عليه حرصنا على انفسنا، لان حفظ مستوى الأمن داخل ظرف الانفلات العراقي والإقليمي، ليس بالأمر اليسير. كما نعلم ان التشدد الإضافي هذه الأيام مرتبط بالتحقيق في اعتداء الاسايش وهو امر مؤقت سيزول. لكن ما نحرص عليه ايضا ان تكون اجراءات السيطرة الجنوبية، شيئا يشبه أخلاق الطيبين في أربيل، ومعايير نظامها الإداري، وأن يكون باب الدار عاكساً لما في داخلها من لياقة وحسن تدبير وحكمة، وفي هذا مكسب لنا جميعا.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. اكرم حبيب

    السيد الطائي مع احترامي اجدك غير موضوعي كن منصفا ففي سيطرات اربيل البرية تجداسوء معاملة لاتنم عن التطور الذي تقوله كنت اتمنى بحكم موقعك الاعلامي وقربك من السيد البرزاني ان تتناول هذا الموضوع مع البسطاء وليس مع الاشخاص سبع نجوم وخصوصا هو يقرا مايكتب عن كرد

  2. سعود ادهام

    اخي سرمد ان واجهت نفس المشكلة انا اعمل في منضمة انسانية في مدينة اربيل وليس لي القدرة على دخولها لانني(اعزب)وانا الان اخشى ان اخسر وضيفتي ارجو ان توصل صوتي بحكم علاقاتك. شكرا.

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram