اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > ناس وعدالة > بمناسبة بدء العام الدراسي الجديد..دور التربية والتعليم في الوقاية من الجريمة

بمناسبة بدء العام الدراسي الجديد..دور التربية والتعليم في الوقاية من الجريمة

نشر في: 6 أكتوبر, 2013: 10:01 م

بغداد / المدىالإجرام أمر طبيعي عرفته كل المجتمعات البدائية والمتمدنة على السواء. وقد عانته البشرية في الماضي وما زالت تعانيه شروراً كبيرة، ولا يمكن تصور مجتمع ما يخلو من الجريمة... والإجرام ظاهرة انحلال اجتماعي أكثـر مما هو تخلف ، ذلك لأننا نرى المجت

بغداد / المدى

الإجرام أمر طبيعي عرفته كل المجتمعات البدائية والمتمدنة على السواء. وقد عانته البشرية في الماضي وما زالت تعانيه شروراً كبيرة، ولا يمكن تصور مجتمع ما يخلو من الجريمة... والإجرام ظاهرة انحلال اجتماعي أكثـر مما هو تخلف ، ذلك لأننا نرى المجتمعات المتمدنة أكثـر إقبالا على الجريمة ، مخرجة أنماطا جرمية يقف العالم أمامها مبهوراً بتلك الممارسات التي استفحلت في كل عصر ، وأخذت منه ما يعينها على الممارسة الجرمية...

من الممكن أيضا ان نقول أن الإجرام انحلال اجتماعي نظراً لأنه يهدد طاقات منتجة في الحياة الاجتماعية .. ففي جرائم القتل مثلاً نفقد عضواً من أعضاء المجتمع – المجني عليه- ثم نفتقد بالتالي الجاني أو الجناة – ونخسر بذلك مشاركتهم في الإنتاجية الاجتماعية، يضاف إلى ذلك ما يعد لمواجهة الجريمة من أجهزة ومعدات شرطوية بملاكاتها .. ولكن هذا كله لا يعني أن المجتمع الذي تظهر أو تنتشر فيه الجريمة لا يعتبر كله منحلاً.. بل معنى هذا أن فيه جزءاً أو أجزاء من عناصر الانحلال يتناسب مقدارها مع نسبة الإجرام ومعدات الجريمة في كل مجتمع .

وإذا سألنا : ما هو الأجرام ؟ فإنه لابد من الإقرار بأن الكثير من الأعمال التي تعد ممارساتها جرمية في مجتمع ما قد لا تعد كذلك في مجتمعات أخرى .. وإذا رجعنا إلى التاريخ نجد ذلك الأمر – ليس بمستحدث- ولكنه ضارب في القدم .. ففي سنة 1635 حرم (فرنسو الأول ) الطباعة في فرنسا وجعل عقوبة من يمتهنها الشنق ! وكان (الأيونيون) ينفون من يمتنع عن الضحك في بعض المناسبات ، وأهل (قرطاجة) كانوا يقتلون القائد المهزوم .. وأهل (أثينا) كانوا يحكمون بإعدام القادة إذا لم يدفنوا قتلاهم طبقاً للتقاليد الدينية ... وكانت العزوبية جريمة يحاسب عليها القانون الجيولياني ،وهذه الأمثلة دلالة على أن الإجرام غير محدد بطائفة معينة من الأعمال دون غيرها ، ولا يمكن القول أيضاً إن الإجرام منحصر في الأعمال الشريرة بل قد يطول إطلاق صفة الجريمة أعمالا صالحة ، وقد لا تصبغ بعض الأعمال الضارة بصبغة جرمية . وما زلنا مع التاريخ ،فقد أُعدم سقراط بتهمة إفساد العقول رغم انه كان يعمل على إصلاحها .. وعُذب أنبياء واتهموا في أممهم رغم أنهم كانوا يرشدونهم إلى طريق الصلاح.. وعلى النقيض هناك أعمال ضارة ولا تعتبر إجراما كاحتكار البضائع والغلاء في أيام الحروب والأزمات .. لم نجد من يصنفها على أنها أعمال إجرامية ، إذاً لا يمكن أن نعرف الجريمة إلا من خلال النصوص القانونية .. فالقانون هو الذي يعين الأعمال الممنوعة ويضع لها عقوباتها التي توقع على من يرتكبها .. والقانون ليس قائماً بذاته بل هو تعبير عن البنية الأساسية للسياسة والاقتصاد والأخلاق في المجتمع ، ومن خلال القانون .. ودراسات الجريمة وما كشفت عنه عرفنا أنماط الجريمة ومنها تم تصنيف المجرمين ، وفي كتاب (المجتمع ومشاكله) تأليف (جروف صاموئيل) قُسّم المجرمون إلى أربعة أنواع:
النوع الأول: المجرم بالفطرة، وأثبتت الدراسات أنه نوع نادر الوجود ولكنه موجود.
النوع الثاني: المجرم بالعادة : وهو من يكتسب النزوع إلى الجريمة من البيئة الاجتماعية المحيطة به.
النوع الثالث: المجرم بالعرض: وهو من يندفع للجريمة بحكم عوامل عرضية مفاجئة.
النوع الرابع: المجرم المريض وهو من يكون به خلل عقلي أو نفسي يدفعه إلى ممارسات جرمية . والنوع الثاني هو الأكثر شيوعاً ، ومن أسباب الجريمة ما يمكن إرجاعه إلى أسباب الفقر نفسه .. منها ما هو خارجي ومنها الداخلي أي المتصلة بالشخص ذاته. وتلك هي الظروف الأساسية للإجرام .. وإذا نظرنا إلى الأسباب الخارجية لوجدنا أن البيئة الطبيعية والاجتماعية لها آثارها ، فالإحصائيات تدل على أن جرائم القتل والاعتداءات بأنواعها هي جريمة الأقاليم الحارة .. وجرائم الاعتداء على الأموال هي جرائم الأقاليم الباردة وكذلك مواسم الشتاء ، كل هذه الأمور أحصتها دراسات فأكدت أن الإجرام لا يعود إلى الإقليم وحده بل إلى تشابك عوامل حضارية ، وتأتي البيئة الاجتماعية بدورها في الإجرام ، فنجد أن أغلبية العناصر الإجرامية هي إفراز لانحطاط مستوى الأخلاق في الأسر واضطراب الحياة الاجتماعية والتزاحم السكاني والإهمال التربوي والتعليمي .. وغياب الوازع الديني ، ثم نجد عيوب القوانين وتلك الممارسات التي تجعل من بعض السجون بؤراً لتعليم الإجرام بدلاً من تقويم الأفراد والمحكوم عليهم ... ففيها يختلط مجرمو العادة بمجرم الفطرة مع مجرم العرض فتزداد نسبة خلق مجرم جديد يفشي المجتمعات بعد نهاية عقوبته بما لا تستطيع بعض الأجهزة في الشرطة مقاومته أو تقويمه، وانه لمن المؤسف أن نلاحظ في بعض المجتمعات أوساطا.. غير المدرسة .. كالنوادي الليلية والملاهي وأماكن بيع وتعاطي الخمور والمخدرات وحبوب الهلوسة.. بؤراً تزين لروادها وتغري باقتراف الجريمة.. يضاف لها نمط تربوي آخر يسهم في ترسيخ الإجرام انه تلك الأجواء المفتوحة التي يستطيع أي فرد ان يتطلع إلى كل موبقات العالم بالضغط على زر واحد فتسهل الأمور .. وتكثر المغريات وهذا ما يحدث حالياً مع الإنترنيت . وتكون الجريمة مدللة للانحلال ، بل أن ما يعرض من أمور تسهل العمل الجرمي وتمجد من يمارسونه وكأنها دعوة مفتوحة لكل أمر مستهجن ، وفي الآونة الأخيرة ، لاحظ العالم تدفق جنسيات غريبة غزت أغلب بلدان المنطقة بأجسام بيض وقلوب سود تبث كل ما ينافي الأخلاق ، وظهرت معها نمطية إجرامية هي تفشي الدعارة في أوساط المجتمعات العربية لخلخة قيمها الراسخة وتقاليدها العريقة ، انه لمن المؤكد ان اغلب مرتادي السجون ناقصو تعليم أو أميون وهذا لا يعني أن المتعلم بعيد بالضرورة عن الإجرام .. ولكن التعليم والثقافة يؤديان إلى شيء من الاستقرار في الحياة .. يضمنان للإنسان حياة مستقرة تبعده عن مغريات الإجرام ، وتزيدان الوعي والشعور بالمسؤولية .
علينا أن نعي أهمية التربية وأن نحرص عليها .. فالإصلاح التربوي هو السياج الواقي من الإجرام نبعد به ونبتعد عن أي نمط جرمي لا نريده لمجتمعنا العراقي الذي نرجو له الرفعة والتقدم والازدهار.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

كانت ليلة من ليالي رمضان، تناول الزوج (س) فطوره على عجل وارتدى ملابسه وودّع زوجته، كان الأمر عادياً، لكن لسبب تجهّله، دمعت عينا الزوجة. ابتسم في وجهها وهَمَّ بالخروج الى عمله بمحطة الوقود الخاصة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram