منذ نحو ٤ شهور وهو خارج السلطة وبعيد عن كرسي المحافظ، لكن صلاح عبدالرزاق لا يزال يحلم بالعودة الى ذلك الكرسي، ولو لنصف ساعة يدعو خلالها المجلس الى الانعقاد مجددا، بالاستفادة من استبدال عضوين نتيجة قرار مربك وغير مسبوق للمحكمة الاتحادية استبدلت بموجبه نحو ٤٠ عضوا في مجالس المحافظات، بعضوات إناث، وأدى الى ارتباك حقيقي حذرت من تداعياته حتى المرجعية الدينية.
لكن احلام عبدالرزاق التي لا تتوقف، تذهب بعيدا وبعيدا، فهو يقول طبقا لما نشرته المدى، ان التحالفات ستبدأ من "الصفر". وأن من المحتمل ان ينجح ائتلاف المالكي في بعثرة الموقف التشاركي لمتحدون والاحرار والمجلس الاعلى، في بغداد ثم البصرة وسواهما.
"الصفر" هو كل ما عثر عليه حلم عبدالرزاق وفريقه، لكي يجعله موضوعا للتمني. لأن هذا "الصفر" تمدد مذاقه اللاذع على عيون وآذان فريق المالكي منذ ليل ٢٢ نيسان الماضي، حين شعروا بطعم هزيمة مدوية. يومها وربما حتى هذه اللحظة، وجدوا صعوبة في تصديق ان كل محاولاتهم للبقاء على الكراسي تتبخر. كل النفوذ والمال والاستعراضات وأحكام الاعدام وفتل العضلات وشراء ود اطراف اقليمية، وكل اصوات الجيش والشرطة الذين اقترعوا في ثكناتهم تحت ضغط وتخويف جنرالات السلطان... كل هذا لم يتح لفريق السلطة الاحتفاظ ببغداد ولا البصرة، صاحبتي اكبر ميزانيات مالية في البلاد. ولذلك فإن الحلم اليوم يدور حول "مذاق الصفر".
العنف يعصف بالبلاد ولا يستثني طلاب المدارس ورياض الاطفال، ومواكب الزائرين وسرادقات عزاء الاعظمية ومدينة الصدر، والفريق اللاسياسي المحيط بالمالكي، لا يبالي لانه محتجز عند طعم الصفر، الذي تتزايد مرارته كلما اقتربنا من الاقتراع البرلماني، حيث بات من الواضح ان هيبة الدولة التي خطفها المالكي تذوي، وأن اقرب الناس الى هذا الحاكم وأخطائه، باتوا بلا حجة للدفاع عن سياساته وارتجالاته. لان كمية الحكمة الناقصة صارت بمستوى فادح لا ينفع معه تستر ولا تعويض او ترقيع.
المنطق الذي يفهمه فريق المالكي، فاقد للصلة بالواقع ولا يحسن كما قلنا اكثر من مرة، قياس الزمن السياسي. ظل يعتقد ان التحالفات في السياسة تنشأ عبر ترغيب وترهيب وخداع، ولم يتصور ان الحكاية اكبر من تلك وهذه، لأن غواية الهدايا والتعهدات ستكون بلا قيمة حين يعرضها طرف لم يعرف الا بالتسرع ونقض التسويات وتخريبها. وهو لايريد ان يصدق أن عقدة العقد اليوم بالنسبة للعقلاء وحتى "أنصاف العقلاء" هي تأمين انتقال سلس للسلطة، يجنبنا تجربة المجرب، ويخفف مللنا من تلك الوجوه والاصوات التي تنظر الينا باستهزاء وتحرك عساكرها لضرب مؤخرات المتظاهرين، واعتقال من تشتهي المصالح الضيقة اعتقاله، وتطلب من الشعب صبرا لاربعة او خمسة اعوام اخرى، ولا تكترث بتعريض البلاد الى انقسام دموي متغزلة بـ"بحر الدم".
في وسع المحافظ السابق صلاح ان يحلم، فالاحلام "حق دستوري" كفله قانوننا الاساسي، وفي وسع السيد المحمود ان يحاول تصوير مشهد البداية لهذا المنام البائس، ويمكن لكل الاجراءات الغريبة وغير المسبوقة، ان تربك الصفوف وتشيع الريبة وتنشر اليأس من امكانية التغيير. لكن هذه الاحلام ذات مفعول عكسي، لان معناها ان على معارضي المالكي ان يدركوا ان الرجل دخل مرحلة نفسية خطيرة، وأن مذاق الصفر افقده قدرة ان يبتكر، ما يعني ان هناك فراغا على رقعة الشطرنج لا يملؤه سوى ارادة مشروعة للمراجعة والاصلاح. وهذا ليس مجرد اصلاح للبلاد بل اصلاح لقواعد جلوس الزعماء، على مقعد الزعامة، وإلا فإن السخط بلغ حده، والغضب يترجم نفسه بطرق مؤلمة ومكلفة.
ان ما حصل حتى الان هو مجرد "بروفا" في محور المراجعة، يحاول المالكي تفتيتها واعادتنا الى "الصفر". ومنطق التغيير الذي يحيط بالمنطقة يجد مبررات واسعة في العراق، سياسيا وأخلاقيا، و"الصفر" هذا هو الجزء الحقيقي من الحلم.
مذاق الصفر يا عبد الرزاق
[post-views]
نشر في: 6 أكتوبر, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 4
كاظم الساعدي
ان احلامهم المريضة وانفسهم المجنونة يترجمونها الى دم القتلة هم بتسميات متعددةلاناستمرؤو الحرامهم
الحاج علي النداوي
لابئس بالقوم من جسم ومن عظم جسم البغال واحلام العصافير
فهد علي
يااخ سرمد الم تبجل صلاح عبد الرزاق في مقال عنه قبل سنين حيث وصفته بالمتنور والمثقف والصقت به كل الصفات المعرفية والتنويرية فماذا عدى مما بدى اين حدس المثقف والاستشراف الصميمي في فضح الزيف والمزيفين فاالقراء ليس حقل تجارب يخضعون لتفسيرات صحافة تتعرف على ال
منتصر ابو سحاد
انت تعرف يااستاذ سرمد هذا الرجل من اجل جدر دولمة ماذا فعل بحراس بيته وكيف عاقبهم والان تريد منه ان يعترف بالهزيمة ويتوارى عن الانظار هل تتوقع منه ان يفعل ذلك لا اخي انت تحلم هؤلاء اصحاب الانهار من الدماء