خليجي 22 في جدة .. ربما نزل هذا الخبر كالصاعق على رؤوس الحالمين برؤية أبناء الخليج وهم يتسامرون بين أهلهم في مدينة البصرة ويلعبون كرة القدم من أجل نسيان الألم الذي خلفته السنون العجاف منذ ان ركبت السياسة ظهور الحروب ومزقت نسيج التآخي بيننا وبين أهلنا في السعودية والكويت وقطر والإمارات والبحرين وعُمان ، لكن الحكماء والمراقبين لما آل اليه ملف البصرة الرياضي من تجاذبات واتهامات حد تسقيط وطنية البعض والتخوين والتهديد والمساومة يعون جيداً إن قرار سحب الدورة الخليجية للمرة الثانية من البصرة بعد دورة 21 في المنامة جاء لإنقاذ ماء وجه كل من توّرط في تعهدات ورقية لا اساس لها على ارض الواقع ورداً مباشراً للحكومة العراقية أن عليها حفظ الأمن وإشعار المواطن العراقي بأمنه الشخصي حتى يستتب وضع البلد تماماً الى الدرجة التي يمكنها ان تراهن على إقامة الدورة 23 في المنطقة الخضراء وتفتح ابوابها لكل ابناء الوطن والعرب والأصدقاء من دون توجّس !
وحسناً فعلت الاتحادات الخليجية في تخليصنا من وجع ملف أساء للبصرة أكثر من أن يعزز دورها الحضاري ويعكس عنها طيب الأزمنة المتوالية ومحبة أهلها وضيافتها الأصيلة وإنجاحها البطولات بثقة لا تجود بها المدن الخليجية نفسها، فالمشروع 22 الذي شغلنا وقتاً طويلاً وفرّق خطاب الاعلاميين (خاصة من مراهقي المهنة ) وشتت صف القيادات الرياضية بين الوزارة والاولمبية واتحاد الكرة وأشعلت ناراً في العلاقات العراقية – الخليجية بتصريحات متخلفة لا تأخذ من الماضي دروساً للتحذير من مآسيه ولا تفرد للمستقبل مساحات من الثقة لتنقية النفوس ، فالمشكلة فينا أولاً تركنا قارب العراق يقف عند زاوية نهر دورة خليجية صغيرة لا تشكل قيمة للتحدي أمام بحر من البطولات الكبيرة التي لم نزل نحاول العوم فيها خوفاً من الغرق بالرغم من دلالات العبور التاريخي لجيل 86 بشراع مونديال المكسيك.
دعوا الشباب يلعبون أينما يحلو لهم، ولا تقربوا كروت السياسة الحُمر من وجوههم البريئة ، وسّعواً عقولكم بصور التفاؤل لمصير عراقي – خليجي مشترك ولا تضيقوها بعُقد الكراهية والضغائن والتسلل لبناء هجمات رد فعل عنيف .. رحبوا بجدة (عروسة البحر) ولا تفسدوا احتفالها بإطلاق عيارات الاحتجاج إيذاناً بالانسحاب ثأراً لدموع شقيقتها البصرة التي خيبتم أملها بتجهيز عرسها هي الأخرى ليتباهى بها التاريخ سلفاً قبل ان تجمع الأحبة على ضفاف شطها الدافىء بالأمان.
نعم انتهت محاولة تضييف دورة الخليج للمرة الثانية خلال عامين ، لكن هدفنا يبقى مستمراً لبناء تحفة الملاعب الرياضية مدى العمر ، يجب ألا نتوقف ونرهن مشاريعنا بدورات قصيرة لا تحقق مكاسب ستراتيجية طويلة ، فالشعوب ترتقي من خلال الحداثة في شؤون الحياة ولن تشعر بالشلل اذا ما فشلت في تحقيق أمل اسهمنا كلنا في تكبيره بعدسات خداعة ، ألفت الدعاية والبهرجة على مسرح الاستعراض بينما كانت لجنة التفتيش الخليجية تصوّر المشاهد الحقيقية وراء الستار لتعلن أمس في ظهيرة المنامة (العرض لا يليق بالعراق).
عُـد الى بغدادك يا حمود وصارح القوم بكل الحقيقة وليس اطرافاً منها ، ولا تورط أربيل بحكاية خليجية اخرى ، دع فرانسو حريري منشغلاً بستر فضيحة عجزنا عن تباري أسودنا أندادهم العرب والأجانب على ارض بغداد وبقية مدن الوطن الصابر ، هلموا يارجال وزارة الشباب والرياضة لبناء ملعب جديد من المصارحة هذه المرة لا يكلفكم سوى دعوة جادة للتشارك مع الاولمبية كفريقين متحابين ومتعاونين ومستعدين للدفاع عن مصالح البلاد الرياضية من دون المنافسة بأنانية لبسط النفوذ واقصاء الآخر وتهميش العناصر الأساسية ممن يتحلون بالخبرة في صناعة القرار وانجاز المهمة.
لا غرابة أن يسرق الطارئون الأضواء في ظل استمرار السير تحت جنح الظلام ؟!
خليجي 23 في المنطقة الخضراء!
[post-views]
نشر في: 8 أكتوبر, 2013: 10:01 م