لا نحتاج الى دليل للقول بأن تنظيمات القاعدة تريد اجبار الشيعة المعتدلين على الصمت عبر احراجهم بكمية الموت ونوعيته، لكي يبقى القرار بيد متشددي المذهب فيعلنون حربا على كل السنة، حينها يصبح كل السنة قاعدة للقاعدة. وهناك من الشيعة اليوم من يريد حربا، ويهزأ بالشيعة المعارضين للحرب. ولكن اي حرب، وهل المطلوب ابادة السنة لوقف المفخخات؟ وفي الطرف السني هناك تساؤلات مشابهة وانقسام بين التشدد والاعتدال.
ربما لن يستقيم الامر الا بحرب، لكن هذه لن تنجح الا بفرز اهدافها بدقة. وخارطة الحرب المشروعة والعادلة يمكن تلمس ملامحها عبر تحديد من تقوم القاعدة باستهدافهم اليوم. التنظيم الدموي يضرب المناطق الشيعية لا على التعيين، لكن علينا ان لا ننسى انه يضرب المعتدلين السنة بقوة ايضا، فيقتل رجال الصحوات والموظفين الكبار والصغار، والصحفيين "السنة"، بل ان كل سني يؤمن بالانتخابات والنظام التعددي يمثل هدفا مشروعا للقاعدة.
ان الاعتدال السني الواسع والممثل سياسيا، يقيم بين مطرقة القاعدة وسندان فريق المالكي وسياساته، ودعوات متشددي الشيعة. ان معتدلي السنة هدف صحيح للقاعدة، لكنهم هدف خاطئ لأي رغبة شيعية بشن الحرب على اسباب الموت، لان الاعتدال الممثل سياسيا والمنخرط في التفاوض وهو الغالبية السنية، يمثل عنصرا بإمكانه وقف الموت، وهكذا فإننا ننظر الى خارطة "الحرب العادلة" بالمقلوب.
وبموازاة الخطأ الشيعي هذا، وقع الكثير من السنة في اخطاء، وتورطوا في خطاب تعميم، وكان المستفيد من هذا تنظيم القاعدة وفريق نوري المالكي الذي ينقصه التدبير (وهي شراكة في المصالح غير مقصودة، ترسمها قواعد اللعبة البدائية التي يؤمن بها الجانبان).
ان الشيعي المعتدل هو الطريق الوحيد لوقف الظلامات والمظلوميات السنية، اذا تمسكنا بعراق موحد، والتأكيد السني لهذا امر حاسم، ولا يكفي القول بأن معتدلي الشيعة غير مؤثرين بحجة ان فريق المالكي المتشدد ممسك بالسلطة، فالاعتدال الشيعي اخذ اكثر من نصف الاصوات في الاقتراع الاخير، وكان واضحا في مواقفه التي عبر عنها تيار مدني مهم وتمسك بها الحكيم وقالها بلهجة واضحة زعيم التيار الصدري.
الاتفاق على هذا النوع من الملاحظات، سيمنحنا خارطة حرب عادلة وواضحة. حرب ستشفي "غليل" من يريد الانتقام، لكنها لن تتورط بأخطاء اخلاقيا وسياسيا. الحرب في وسعها ان تأخذ اشكالا عدة، فمحاربة امثال ثائر الدراجي ونظرائه السنة الذين تسللوا مرارا الى ساحات الاعتصام، هي حرب عادلة. والصوت العالي المنتقد لسياسة المالكي الامنية وملف حقوق الانسان وتسييس الاجتثاث، وسرقة الدولة، هي حرب عادلة ايضا. ومحاصرة دعوات القتل بطريقة لا تؤدي الى ظهور ميليشيا تفاقم الاخطاء، حرب مشروعة اخرى. وتنسيق المواقف قبل الانتخابات المقبلة، هي حرب عادلة ايضا حين نقوم بتكوين موقف تفاوضي متماسك مع التأثيرات الدولية نوضح من خلاله صورة التغيير ومعناه.
المستهدف في هذه الحرب هو متشددو السنة والشيعة، والطرف الذي يعلن الحرب هو الاعتدال المذهبي بروحه الوطنية، اي المؤمنة بضرورة بقاء العراق موحدا، ضمن مبدأ اللامركزية، لكن طرفي الاعتدال لا يتواصلان اليوم بشكل جيد، وهذا امر يجب ان ينتهي لان انتصار التشدد سيعلن حربا علينا جميعا.
ماذا لو بدأ المعتدلون في موقف حسن نوايا كبير، برفع دعاوى على المنابر وعلى الاقمار الصناعية التي تبث مواد وخطابات شيعية وسنية، مليئة باللعن والشتم والتكفير؟ ماذا لو بدأنا بمحاصرة عملية جادة لمصطلحات "صفوي ومجوسي" وما يناظرها "نواصب او.."؟ ذلك ان هذه النقاشات خرجت عن كونها جدلا سياسيا او علميا لاهوتيا، وأصبحت حاضنة تصنع موت الطائفتين بنحو عابر للحدود. ان هذا سيبلور صيغة اوضح لاتجاه الحكمة.
وفي وسع الراغبين بالحرب ان ينخرطوا في جبهة الحكمة، لا ان يقفوا في معسكر الحماقة والصراخ الابله. في المعسكر الاول يقف الاعتدال. وفي المعسكر الثاني تندمج القاعدة السنية مع التشدد
جميع التعليقات 3
منتصر اب سحاد
يااخي الفاضل تتحدث وكاءن العراق حر وغير تبعي لاسياسيا ولاطائفيا هل الاقطاب الشيعية المعتدلة تستطيع ان تتخذ قرارا دون الرجوع للمسؤول الايراني وبالمقابل الطرف الثاني دون الرجوع الى السعودية والدولة العثمانية بالامس الرجل صرح انه سيعتزل العمل السياسي وبعدها
كاظم الأسدي
إن عدم الإتفاق المسبق لايعني شراكة غير مقصودة !! بل هي شراكة المصلحة المشتركة ؟ طالما إستمر الطرفان بممارستها مع سبق الإصرار والدراية بمخاطرها المستقبلية الكارثية على الوطن
علي البهادلي
اخي منتصر ابو سجاد انته تفترض افتراض وتجعله بحكم الواقعيات .. يعني تركت التدخل الايراني الواضح لعشرات الاحزاب العراقية من حزب دعوة ومجلس اعلى وبدر وعصائب وكتائب وحتى العر اطراف في العراقية واتهمت من هو ابعد الناس عن السياسة الامريكية والدليل انه كان الرائ