طرابلس / رويترز - اجتمع شيوخ قبائل في صحراء ليبيا الجنوبية في خيمة بدوية الشهر الماضي ليعلنوا ان منطقتهم النائية التي تقع على الحدود مع الجزائر ستنفصل عن حكومة طرابلس.وعلى مسافة أكثر من ألف كيلومتر الى الشرق استولى محتجون مسلحون على موانئ وعطلوا شح
طرابلس / رويترز
- اجتمع شيوخ قبائل في صحراء ليبيا الجنوبية في خيمة بدوية الشهر الماضي ليعلنوا ان منطقتهم النائية التي تقع على الحدود مع الجزائر ستنفصل عن حكومة طرابلس.
وعلى مسافة أكثر من ألف كيلومتر الى الشرق استولى محتجون مسلحون على موانئ وعطلوا شحنات نفط في طريقها الى البحر المتوسط تأييدا لناشطين محليين عينوا رئيس وزراء.
وليبيا التي يرأس حكومتها علي زيدان تبدو مثل دولة على شفا الانقسام الى جيوب متمردة لكل منها حكومتها وميليشياتها والأكثر أهمية نصيبها في النفط.
والعملية التي نفذها الجيش الأمريكي في مطلع هذا الأسبوع لخطف قيادي بارز بالقاعدة من طرابلس تبرز الى أي مدى يمكن ان تيسر الاضطرابات في ليبيا على المتشددين الإسلاميين العثور على ملاذ آمن هناك.
وبعد عامين من الصراع الذي أطاح بمعمر القذافي بعد حكم استمر 42 عاما تزيد المطامح الفيدرالية من صعوبة سيطرة زيدان على معارضين سابقين مازالوا يتصارعون لاقتناص قدر أكبر من السلطة.
والتحدي أوضح ما يكون في الشرق حيث أغلق محتجون يقولون انهم يحمون نفط ليبيا من النخب الفاسدة موانئ وتحصنوا هناك وهددوا ببيع النفط لحساب برقة التي كانت منذ فترة طويلة معقلا لمعارضي القذافي.
وهناك شكلت مدينة بنغازي الرئيسية مجلسا وطالبت بأن تدير شؤونها بنفسها ودعت المؤسسة الوطنية للنفط الى العودة الى منطقة كانت يوما قلب الاقتصاد الليبي.
وقال ابراهيم الجضران الرئيس السابق لإحدى وحدات حرس المنشآت النفطية الذي انشق وسيطر على موانئ بشرق البلاد ان الحكومة تستغل الثروات الليبية وتستخدمها لخدمة أهدافه.
لكن رغم الفوضى التي تبدو عليها ليبيا فانها بعيدة عن التقسيم.
وتنامت الاحتجاجات المطالبة بحكم ذاتي في ليبيا ليس نتيجة لحركة شعبية واسعة وانما لغياب سيطرة طرابلس وبسبب الولاءات القبلية وشكاوى بشأن الأمن والفساد والخدمات التي تزداد سوءا منذ انتفاضة عام 2011 .
ويقول محللون ان الاستقلال الذي أعلنته محافظة برقة ثم منطقة فزان لا يحدث تغيرا يذكر على الأرض سياسيا لأنه لا يحظى بتأييد حاشد في الوقت الراهن وليس سلطة بموجب الترتيب الانتقالي في البلاد.
لكن الخطر يتمثل في أن مثل هذه المطالب يمكن ان تغرق ليبيا في الفوضى أكثر مع وجود حكومة ضعيفة تعرقلها المشاكل الداخلية والميليشيات المسلحة وعدم وجود تأييد شعبي يذكر.
ويعيد هذا المشهد للأذهان ما حدث في نيجيريا حين هاجم مقاتلو حركة تحرير دلتا النيجر منشات نفطية وخطفوا عمالا أجانب وسحبوا كميات من النفط لبيعها تحت راية القتال من اجل الشعب.
وما لم تبد الحكومة المركزية رد فعل واضحا فان ليبيا ربما تنقسم ببطء الى مناطق ومدن متنافسة موالية للجماعات القبلية والعرقية التي تتصارع على موارد النفط والغاز المحلية.
قالت كلوديا جاتسيني من المجموعة الدولية للازمات "انهم يحاولون استخدام هذا كأداة مساومة مع الدولة. انهم يريدون تعطيل العملية السياسية الحالية ومن أجل هذا يهددون بالانفصال عن ليبيا."
واضافت "أما إن كان هذا سيصبح مواجهة مسلحة تقود الى قدر أكبر من الحكم الذاتي فمسألة تتوقف كثيرا على كيفية رد الحكومة على مطالب هؤلاء."
والليبيون المطالبون بنظام فيدرالي يلعبون على انقسامات قديمة ترجع الى ما قبل تولي القذافي السلطة في عام 1969 .وهم يشيرون الى عام 1951 عندما آلت السلطة الى برقة.
وفشل الحكومة المركزية الهشة في انتزاع السلطة من الفصائل المتنافسة وتوفير الامن في معظم أجزاء ليبيا بل وفي أجزاء من طرابلس يغذي طموحات الفيدراليين.
وكانت بنغازي في الشرق مهد الانتفاضة ضد القذافي ويشعر أهلها منذ فترة بالغبن ولم يلمسوا بعد نصيبا من غنائم ما بعد الحرب. ومازالت ليبيا بدون دستور جديد يتعين ان تصيغه لجنة اختير اعضاؤها من المناطق الثلاث وان تأخذ في الاعتبار المطالب الفيدرالية والقبلية والضغوط العرقية.
وعلى النقيض من هذا يوجد بالعراق نظام فيدرالي يسمح لاقليم كردستان شبه مستقل بشحن نفطه عن طريق خطوط أنابيب تابعة للحكومة المركزية على أن يحصل في المقابل على نسبة مئوية من الميزانية الاتحادية.
وقال مدير بشركة بترو ليبيا للخدمات النفطية ان الأكراد هم الغالبية في كردستان أما في ليبيا فان من يطالبون بحكم ذاتي هم مجموعات صغيرة سواء في الجنوب أو الشرق. وأضاف انه بإمكان مجموعة من 10 أو 15 شخصا -وليس قبيلة- إغلاق خط انابيب أحيانا. ويرى محللون ومسؤولون محليون ودبلوماسيون ان المطالبين بنظام فيدرالي لا يتمتعون بتأييد واسع وغالبا ما يرددون هذه المطالب كأداة ضد طرابلس.
وأعلنت قبائل فزان في الجنوب منطقتها اقليما شبه مستقل منذ اسبوعين لكن سكانا يقولون ان التنافس بين المجموعات التي أيدت القذافي وتلك التي عارضته سوف تجهض هذا الاقتراح حتى اذا كانت مشاعر الاستياء من طرابلس قوية.
وقال خليل محمد وهو ممرض في مستشفى ببلدة سبها في فزان "فزان مصدر للغاز والمياه والزراعة والثروة التي تذهب الى الشمال والعاصمة. لم يدق مسمار واحد هنا."
وفي الغرب حيث عدد سكان أكبر تمثل الرد على مطالب قبيلة الزنتان القوية التي أغلقت حقلي نفط الفيل والشرارة الرئيسيين في زيادة الأجور وتهدئة المخاوف المحلية ووعود بتوفير مزيد من الأموال للمشروعات المجتمعية.
وقال دبلوماسي "الفيدرالية في الشرق قضية أكثر جدية وأكثر قبولا. ومع هذا فإن حجم التأييد محدود جدا واذا تمكنت الحكومة من تسوية مسائل الأمن والإنفاق فأعتقد ان فكرة الفيدرالية ستتلاشى بسرعة."
لكن منطقة شرق ليبيا بعيدة عن السيطرة. فمازالت الفوضى متفشية في بنغازي حيث هاجم متشددون القنصلية الأمريكية في عام 2012. وتصاعد القتال بين الميليشيات المتناحرة في ظل وجود متشددين إسلاميين بالمدينة.
وفي المناطق الصحراوية النائية المنتجة للنفط يسيطر آلاف من أفراد الميليشيا المسلحة التي يتزعمها ابراهيم الجضران على منشآت تنتج نحو 60 في المئة من الثروة النفطية للبلاد.