يواجه المُتابع لأوضاع العراق المأساوية، جهداً عقلياً مضنياً، في محاولته فهم أي منطق، في تصريح رئيس الوزراء نوري المالكي، بأن "العراق عاد اليوم إلى وضعه الطبيعي، بل أحسن بكثير مما كان عليه، وأصبح يشار له بالبنان"، والمؤكد أن ما منع من إيجاد أي تفسير لتلك المقولة، الأنباء عن مقتل العشرات، في مسلسل التفجيرات اليومي الذي يجتاح العراق، ويدفع إلى أن يُشار له بالبنان، لكن الاختلاف بيِّن وشديد الوضوح، حول معنى تلك الإشارة، بين أيّ مواطن عراقي، وبين السيد المالكي، الذي يرى أن الوضع في بلاد الرافدين طبيعي، مع تشكل رافد ثالث ترويه دماء الأبرياء، خصوصاً إن كانوا من الأطفال.
المالكي وهو يرسم صورةً ورديةً زاهيةً عن العراق اليوم، باعتبار أن العملية السياسية تمشي، يحاول القفزعلى حقيقة أنها متوقفة، وتحاول التقدم بتؤدة على عكازين، نتيجة تفرده بكل السلطات، وسعيه لتخويف معارضيه، باتهامهم بالعمل على إعادة البعث، بمساعدة دول "لئيمة" تقدم لهم الدعم، ليعيدوا الحكم إلى الطائفيين، مع أنه أكثر سياسي عراقي في العصر الحديث، تعرض لاتهامه بالطائفية، حتّى من أبناء طائفته، ولم ننس بعد نفسه الطائفي، وهو يهدد معارضيه من الطائفة الأخرى قبل أيام، بأن بينه وبينهم بحر من الدم، لكنه لم يتوان عن طمأنة ذوي قتلى التفجيرات بأنهم شهداء، مع أن المطلوب منع مسلسل الاستشهاد المجاني، واتباع الوسائل الكفيلة بوقفه.
علينا أن لا نميز، يقول المالكي، لكنه يُميز جداً حتّى بين "شهداء حزب الدعوة" الذين قتلهم البعث، وبين بقية الشهداء العراقيين، سواء من الكرد المبادين بالكيماوي، أو كل من تبنّى الفكر اليساري التقدمي، وتمت ملاحقتهم بكواتم الصوت واغتيالهم في منافيهم، ولانجد تفسيراً لمقولته، بأن الروح التي واجه الدعويون بها البعث دفعته إلى التخبط في ورطة، فبدأ يفتش عن حرب ضد إيران لنقلها إلى الخارج، وعلينا التذكير أن التمييز بين العراقيين، على أسس طائفية وإثنية، ظاهرة تجلّت في أيام حكم المالكي، التي طالت مع كل عثراتها، حتى بدا الموت المجاني فيها، فرصةً للتخلص من ويلاتها.
يقول المالكي إن العراق في أحسن حالاته، وعلى فرض أننا أغبياء لنصدق ذلك، فإن المطلوب منه أن يدلنا على مواطن الحُسن، ونحن نرى أن سياساته تقود البلاد إلى التقسيم، والعباد إلى الهلاك، ونعرف أن حجم الفساد بات عصياً على الحصر، ولا نقول المحاسبة، لأن الفاسدين هم الحكام وأولياء الأمر، ولأن جواز السفر العراقي هو ثاني أسوأ جواز في العالم، بسبب السياسات القائمة اليوم، ولأن إنفاق خمسة عشر مليار دولار على الأجهزة الأمنية، لم يمنع تواصل التفجيرات الإرهابية، التي باتت حدثاً عادياً ينتظره العراقيون يومياً، ولأن سوات تستعرض جبروتها على المتظاهرين السلميين المطالبين بالإصلاح، بدل ملاحقة الإرهابيين وقطع دابرهم.
ما أطلقه المالكي من تصريحات، ليس أكثر من طرفة لاتستثير حتى الابتسام، مع أنه ليس معروفاً عنه خفة الظل، وهي تصريحات تؤشر إلى المصير الأسود المُنتظر، ما دام العراق يعيش اليوم أحسن حالاته، فكيف إن مضت الأمورإلى الأسوأ .
العراق في أحسن حالاته؟!
[post-views]
نشر في: 8 أكتوبر, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 2
منتصر ابو سحاد
تعرف سيدي حازم ان في خطابه هذا ازدادت شعبيته في اوساط المجتمع العراقي ان الذي لم يتحدث بالطائفية يعتبرخارج على المله في الجانب الاخر تحدث السيد مقتدى والذي يمثل جانب الاعتدال ودفاعه عن المعتصمين والمتظاهرين يلاقي ردود فعل غير طبيعية وتدنت شعبية الرجل ويه
نبيل
هذا الحكي المزبوط يا مبيضبن