TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > نحن ننقرض

نحن ننقرض

نشر في: 9 أكتوبر, 2013: 10:01 م

 العراقيون على  خلاف شعوب الأرض ،  تآلفوا مع الحزن ، منذ قرون ،  لان  تاريخهم  حافل بأحداث  تشير  الى موت الملايين منهم نتيجة  والحروب والأمراض والأوبئة والفيضانات والتعرض  لهجمات غازية من الشرق والغرب ، والأرض العراقية ، يصفها المؤرخون بانها بيئة صالحة للكوارث غير الطبيعية في إشارة  الى ولادة سلطة على انقاض أخرى ، بالقتل والتنكيل بمعنى أدق عن طريق انقلاب ، تصاحبه عمليات تصفية وملاحقة لرموز السلطة السابقة ، لتوطيد  قوة  ورسوخ  وثبات السلطة الجديدة ، وعلى هذا المسار الممتد على مدى  مئات السنين ،  برز صوت  ليست  له علاقة بالسلطات ،  يستغيث ، و يصرخ  "نحن ننقرض".
مع مرور الزمن وباستخدام  أسلحة وأساليب قتل حديثة  تعددت أسباب الانقراض البشري في العراق ، والجهات المعنية ترفض الكشف عن عدد  ضحايا العنف ، والاعتداءات الإرهابية منذ الغزو الأميركي وحتى  دخول الحكومة الحالية  العام الأخير من عمرها ، فيما ذكرت تقارير دولية أرقاماً  مرعبة جسدت حقيقة القول "نحن ننقرض " وسط غياب الاهتمام الرسمي بالتصدي للكارثة   باعتماد خطوات جدية تضمن استقرار الأوضاع الأمنية ،  او في اقل تقدير تقنع المعرضين للانقراض  بان  عزرائيل غادر الأراضي العراقية ،  بحثا  عن بيئة أخرى صالحة  لنشاطه.
 سيدة عراقية  في السبعين من عمرها  فقدت ثلاثة من أحفادها في تفجير سيارة مفخخة في  منطقة الشرطة الخامسة ، قالت إنها منذ اكثر من أربعين  عاما ترتدي الحداد ، فطيلة السنوات الماضية لازمت اللون الأسود  تارة على ابنها البكر الضابط الاحتياط في الجيش قتل في الحرب العراقية الايرانية ، ثم على زوجها ، وشقيقها  وابنها الأصغر والان على أحفادها ، وهذه السيدة قد تكون  نموذجا لإعطاء صورة حقيقية على الحزن المتواصل ، وهي  لا تحمل "عزرائيل السماء" مسؤولية  حصد الأرواح ، وإنما تتهم من تقمص دوره في الأرض ،  ليقتل الأبرياء خارج القانون الإلهي.
 العراقيون يستقبلون يومهم  بانفجارات سيارات مفخخة وعبوات ناسفة ، والكاتم له نشاط اخر في  الشوارع العامة ، ودور الأجهزة الأمنية ،  حسبما تذكر  وسائل الإعلام ،  يقتصر على  الوصول الى مكان الحادث ، لنقل الجرحى الى اقرب مستشفى ،  والقتلى لدائرة الطب العدلي  ، وفتح تحقيق لمعرفة ملابسات الحادث في مسلسل  اليومي .
تهديد  السلم الأهلي  بمحاولات إعادة  الاقتتال الطائفي هو  البوابة الواسعة  لإشاعة الموت المجاني إرضاءً لنزوات متشددين ، تقمصوا دور عزرائيل في الأرض العراقية ، فحشدوا جميع إمكانياتهم لإشاعة الخراب والدمار ،  وجعل الحزن  علامة  العراقيين الفارقة على مدى العصور والأزمان،  بنبش التاريخ  واستحضار ما فيه من خلافات عقائدية ، وطرحها في الوقت الحاضر  بهدف تأجيج   النوازع الطائفية ، ولذلك برزت دعوات تطالب مجلس النواب بتشريع قانون يقضي بتجريم المسيئين للرموز والشخصيات الدينية ،  استجابة  لنداء "نحن ننقرض "

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

العمود الثامن: ليلة اعدام ساكو

 علي حسين الحمد لله اكتشفنا، ولو متاخراً، أن سبب مشاكل هذه البلاد وغياب الكهرباء والازمة الاقتصادية، والتصحر الذي ضرب ثلاثة أرباع البلاد، وحولها من بلاد السواد إلى بلاد "العجاج"، وارتفاع نسبة البطالة، وهروب...
علي حسين

قناطر: المسكوت عنه في قضية تسليم السلاح

طالب عبد العزيز تسوِّق بعضُ التنظيمات والفصائل المسلحة قضية الرفض بتسليم أسلحتها الى الدولة على أنَّ ذلك قد يعرض أمن البلاد الى الخطر؛ بوجود تهديد داعش، والدولة الإسلامية على الحدود مع سوريا، وأنَّ إسرائيل...
طالب عبد العزيز

ناجح المعموري.. أثر لا ينطفئ بعد الرحيل

أحمد الناجي فقدت الثقافة العراقية واحداً من أبرز رموزها الإبداعية، وهو الأديب ناجح المعموري الذي توزعت نتاجاته على ميادين ثقافية وفكرية متعددة، القصة والرواية والنقد والميثولوجيا. غادرنا بصمت راحلاً الى بارئه، حيث الرقدة الأخيرة...
أحمد الناجي

من روج آفا إلى كردستان: معركة الأسماء في سوريا التعددية

سعد سلوم في حوارات جمعتني بنخبة من المثقفين السوريين، برزت «حساسية التسميات» ليس كخلاف لفظي عابر، بل كعقبة أولى تختزل عمق التشظي السوري في فضاء لم تُحسم فيه بعد هوية الدولة ولا ملامح عقدها...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram